مهند دليقان - قاسيون/ المؤتمرات الدولية الدوارة من «قمة العشرين» و«الثماني» وغيرها... وما تعلنه من مقررات حول ضرورة تقييد السوق جزئياً ودعم المصارف.. وغيرها من المقترحات ليست أكثر من «لعب عيال» ودعاية كاذبة، فالرأسماليون يعرفون أين تكمن مشكلتهم الحقيقية، إنها قانون التناسب بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، حيث تلعب القوى المنتجة دور المضمون، وعلاقات الإنتاج دور الشكل المنظم لعلاقات المضمون. وتطور المضمون يضغط على الشكل القديم حتى يدمره ويخلق شكلاً جديداً مناسباً لدرجة تطوره.
ولكن مصيبة الرأسمالية أن هذا الشكل الجديد لن يكون علاقات إنتاج رأسمالية بالتأكيد، أي لن يؤمن الربح، لذا فالحل هو ضرب القوى المنتجة لتخفيف الضغط على علاقات الإنتاج إلى أن يحلها ألف حلال.. وبهذا يؤجل سقوط الرأسمالية، وهكذا تعود أمريكا وحلفاؤها إلى أوراقهم القديمة لينبشوا فيها بحثاً عن المخرج، ولعل واحدة من أهم وأخطر تلك الأوراق هي «النيومالتوسية» التي لم يتوقفوا عن اللعب بها منذ 1975 وحتى الآن، ولكن يبدو أن هذه الورقة دخلت في مرحلة جديدة محاولةً لعب دور الجوكر بوقاحة منقطعة النظير..
ما هي المالتوسية
المالتوسية هي نظرية اقتصادية خرج بها مالتوس في القرن (18)، تقول بأن «الثروات تزداد بسلسلة حسابية (1- 2- 3- 4...) في حين أن السكان يزدادون وفق سلسلة هندسية (1- 2- 4- 8..) ما يجعل من الحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة ضرورة موضوعية للإبقاء على التوازن بين الثروات وعدد السكان».
لنسأل أنفسنا: كم هي مساحة الأرض غير المستغلة زراعياً؟ ما هي نسبة الاستفادة من الثروة السمكية على امتداد العالم؟ ما هو عدد العاطلين عن العمل؟ أليس لدى هؤلاء القدرة على إنتاج أضعاف حاجتهم من الثروة إذا ما وجدت سياسات اقتصادية قادرة على تشغيلهم؟ ما هي كمية الطاقة الشمسية المهدورة دون أية استفادة منها (لأن الاستفادة منها أقل ربحيةً من سرقة النفط بالمجان)؟ إضافةً إلى ذلك ما حاجة البشر إلى هدر ثروات هائلة من رتبة 10 تريليون دولار سنوياً على إنتاج الأسلحة والمخدرات والإعلام التجاري، والتي لا يمكن اعتبار أي منها حاجة اجتماعية ولا حتى بيولوجية للإنسان؟ وفوق ذلك كله فالكوارث الطبيعية بمعظمها ليست طبيعية!! حيث: سياسات اقتصادية جائرة بحق البيئة والإنسان (همها الوحيد هو الربح) تؤدي إلى تلوث بيئي، فيؤدي إلى احتباس حراري وأوزون مثقوب...الخ. ثم هناك بالنتيجةإعصار كاترينا وتسونامي (وغيرها الكثير)...
إن مالتوس في نظريته قد أغفل – عامداً- حداً ثالثاً في معادلة (ثروات، سكان) وهو عامل «توزيع الثروة»، وقفز فوقه ليقول للناس: تلك هي سنة الحياة.. ليس في هذا الكون من الثروات ما يكفينا جميعاً، لذا ارضوا بما أنتم فيه من فقر وظلم وجوع، ولا تبالوا بنا -نحن أصحاب الثروات-. ولكن التطور التاريخي أثبت أن مالتوس كان «درويش وعلى نياتو» لأنه في نظريته تلك أراد فقط أن يقنع الناس بأن سوء أحوالهم أمر لا مفر منه، وبالتالي يثبط ويخمد إمكانية ثورتهم على نمط توزيع الثروة الجائر ولكنه «درويش» لأنه لم ينتقل بنظريته إلى حيز التطبيق كما فعل نادي روما 1975.
النيومالتوسية (المليار الذهبي)
بعد انهيار اتفاقية بريتين وودز عام 1972 بدأت تناقضات الرأسمالية ومشاكلها النابعة أصلاً من التوزيع غير العادل للثروة الاجتماعية بالظهور بشكل أكثر جلاءً ووضوحاً، فكان لابد من اختراع حل استراتيجي يضمن للرأسمالية عمراً أطول.. وكان هذا الحل متمثلاً بالنيومالتوسية حيث خرج نادي روما (وهو أحد المراكز البحثية الأساسية للرأسمالية العالمية) في عام 1975 بما أسماه نظرية المليار الذهبي وفي هذه النظرية ثلاثة حدود (الثروة، السكان، توزيع الثروة) حيث قالت بأن: «عدد السكان في 1975 هو حوالي 3 مليارات، 20% يملكون 80% من الثروة، و80% يملكون 20%، وللمحافظة على هذه النسبة لابد من إبقاء عدد السكان 3 مليارات، لأن زيادة عددهم سيجعل تغيير هذه النسب أمراً لا مفر منه. ومن المتوقع أن يصل عدد السكان في 2020 إلى 8 مليارات، ولذا يجب المسارعة بوضع آليات توقف هذا «التضخم البشري»، (وهذا ضمنياً حكم إعدام بحق 5 مليار إنسان).. وأما عن تقسيم المليارات الثلاثة فهو مليار ذهبي يعيش على حساب مليارين»..
بعض آليات «المليار الذهبي»:
1 - الحروب المصطنعة على أساس إقليمي، ديني، طائفي.
2 - الوسائل الاقتصادية (المباشرة): وذلك باشتراط المساعدات الاقتصادية بتحديد النسل في الدول الفقيرة والمحتاجة للمساعدات.
3 - الوسائل الاقتصادية (غير المباشرة): وتتمثل بتحويل اقتصاديات دول العالم الثالث باتجاه الليبرالية واقتصاد السوق الحر (أو الاجتماعي لا فرق)، حيث يؤدي هذا النوع من الأنظمة الاقتصادية غير المنتجة إلى تخفيض مستوى المعيشة وبالتالي تخفيض وسطي العمر المحتمل مع ما ينتج عنه من انخفاض في عدد السكان المطلق.
4 - القتل المباشر: (نشر الأوبئة والأمراض، تعقيم الرجال والنساء كشرط للحصول على عمل، وهذا ما يحدث يومياً في مصر والهند ودول أخرى كثيرة اتبعت اقتصاد السوق الحر...).
الآن وفي عز أزمتها، تحاول الرأسمالية تسريع تطبيق هذه النظرية، وتفعيلها أكثر وأكثر بدمج كل الاقتصاديات بالاقتصاد العالمي لتصدر أزمتها باتجاه الخارج، كما يحدث مع الدول النفطية العربية. فإن كنا نسمع فيما مضى عن دعوات نحو الانفتاح... فالشاطر اليوم هو من يدعو نحو الانغلاق!!
http://www.kassioun.org/index.php?mode=article&id=14262
mardi 25 janvier 2011
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire