jeudi 11 décembre 2008

البنك الدولي يتوقع أسوأ ركود للاقتصاد العالمي منذ عقود

التاريخ: 11/12/1429 الموافق 10-12-2008 المختصر / توقع البنك الدولي أن يدخل الاقتصاد العالمي في أسوأ وأعمق ركود منذ ثلاثينيات القرن الماضي بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، مؤكدا أن النمو الاقتصادي في الدول الصاعدة والدول النامية سيتباطأ بشكل حاد عام 2009. وأضاف البنك أن التباطؤ الاقتصادي الحالي استمر طويلا وامتد أثره بصورة أكبر من حالات الركود التي حدثت في العقود السابقة، مما أدى إلى حدوث انكماش اقتصادي في معظم الدول المتقدمة وتباطؤ حاد في اقتصاديات الدول الصاعدة. وتنبأ البنك في تقريره للتوقعات الاقتصادية لعام 2009 بانكماش النمو الاقتصادي العالمي إلى 0.9% العام القادم مقابل نسبة 2.5% المسجلة في 2008، وذلك بعد التراجع المتزامن لاقتصادات كل من الولايات المتحدة الأميركية واليابان ودول من غرب أوروبا. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك الدولي جوستن لين إن "من المتوقع أن ينجم عن الأزمة المالية أسوأ حالة ركود يشهدها العالم منذ الكساد الكبير الذي حدث خلال ثلاثينيات القرن العشرين". وأكد البنك أن النمو في الدول النامية سيتباطأ إلى 4.5% مقابل 6.3% عام 2008 و7.9% في 2007، مضيفا أن نمو الاستثمارات في هذه الدول من المتوقع أن يتراجع بشدة إلى 3.4% في 2009 مقارنة مع مستوى بلغ أكثر من 13% في 2007. وتوقع البنك كذلك أن يهبط حجم التجارة الدولية بنسبة 2.1% العام القادم، وهو ما سيكون أول هبوط له منذ عام 1982، وكذا هبوط معدل الاستثمار العالمي بنسبة 50% عام 2009 مقارنة بعام 2007. وقال البنك أيضا إن الركود الاقتصادي العالمي سيؤدي إلى مزيد من التراجع في أسعار السلع الأساسية والتضخم، وتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط العالمية في العام القادم 75 دولارا للبرميل، وأن تنخفض أسعار السلع الغذائية بـ23% وأسعار المعادن بـ26%. وأشار التقرير إلى أن الارتفاع القياسي في أسعار الطاقة والغذاء والمعادن خلال النصف الأول من عام 2008 أدى إلى تراجع ما بين 130 و155 مليون شخص إلى ما دون خط الفقر حيث تكافح الأسر لتأمين الحصول على الغذاء والوقود. وأوضح البنك أن اقتصادات دول شرق آسيا هي الآن أكثر استعدادا لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية مما كانت عليه خلال الأزمة الاقتصادية التي شهدتها المنطقة قبل حوالي عشر سنوات. لكنه أضاف أن هذه الاقتصادات رغم ذلك تواجه مخاطر متزايدة بسبب تراجع الاقتصاد الدولي، داعيا دول المنطقة إلى العمل من أجل الحفاظ على الاستقرار الماكرواقتصادي، ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية. وأثنى البنك على "التحرك السريع" من المسئولين السياسيين بالمنطقة لمواجهة الأزمة العالمية، وقال إن هذا التحرك من شأنه أن يساعد هذه الدول في المحافظة على استقرار النمو الاقتصادي بها. وقال جيم آدمس نائب رئيس البنك الدولي المكلف بشرق آسيا والمحيط الهادي في بيان له إن "النظم البنكية في المنطقة كانت قادرة على التعامل مع الأزمة، مضيفا أن خطط التحفيز التي طرحتها عدة دول بالمنطقة كانت في محلها". وأضاف أن هذه الإجراءات تساعد دول المنطقة على أن "تقوم بدور حاسم في الاستقرار الاقتصادي وتصبح قطبا للنمو الاقتصادي العالمي". المصدر: الإسلام اليوم

الأزمة» تنقضّ على التجارة الدوليّة وتخفضها 94%



إلى جانب المشاكل الماليّة تعاني التجارة الدوليّة من العامل الأمني: القرصنة في خليج عدن (إيريك كابانيس ــ أ ف ب)إلى جانب المشاكل الماليّة تعاني التجارة الدوليّة من العامل الأمني: القرصنة في خليج عدن (إيريك كابانيس ــ أ ف ب)يتوقّع صندوق النقد الدولي انخفاض حجم التجارة الدوليّة بنسبة 2.1 في المئة خلال العام المقبل، في انعكاس مباشر للأزمة الماليّة على الاقتصاد العالمي. وبحسب «مؤشّر البلطيق للنقل الجاف» فإنّ حركة التجارة بين الدول انخفضت بنسبة 94 في المئة بين أيّار الماضي والشهر الجاري، ما يؤكّد تلك التوقّعات السوداويّة

نيويورك ــ نزار عبود
نتيجة للأزمة المالية العالمية، انخفضت التجارة بين الدول منذ 21 من أيار الماضي حتّى الخامس من كانون الأوّل الجاري، بنسبة 94 في المئة بحسب «مؤشر البلطيق للشحن الجاف» (BDA)، الذي هوى من مستوى 11793 نقطة إلى 663 نقطة (عاد وتحسّن بعض الشيء ليصل إلى 679 نقطة مساء الثلاثاء الماضي). وهو أدنى مستوى يصله المؤشر الذي يُعمل به منذ 1998 بينما تعمل سوق الشحن من حي لندن المالي منذ عام 1744. ويعدّ أصدق مؤشر للطلب على النقل البحري وحركة الاقتصاد العالمي الفعلية ولا يعتمد على المشاعر أو تكهنات «المنجمين».
المؤشر يتابع أجور الشحن الدولي بناءً على ميزان العرض في طاقة السفن وعددها والطلب الفعلي على طاقة شحنها في الخطوط الرئيسية حول العالم. وعند مستوى 663 المتدنّي للغاية، يصبح من الصعب على شركات النقل البحري تغطية نفقاتها الأساسيّة حتى بعد هبوط كلفة الطاقة. أضف إلى ذلك أن أجور التأمين في بعض الخطوط التي تمرّ من مضيق باب المندب باتت عبئاً إضافياً كبيراً على كلفة النقل بسبب زيادة القرصنة البحرية المنطلقة من برّ الصومال.
ولتجاوز بعض مشاكل نفقات النقل، ولكي لا تتعرض شركات الملاحة هي أيضاً للإفلاس، تلجأ بواخر شحن المواد السائلة أو الجافة، إلى خفض سرعاتها بهدف الحدّ من استهلاك الطاقة، ما يعني إطالة آماد رحلاتها. وطول الرحلة يدخل في ميزان الحساب التجاري.
على أن المشكلة الحقيقية في انحسار التجارة الدولية لا تعود إلى أسعار الطاقة، بقدر ما تعود إلى عزوف المصارف عن إصدار رسائل اعتماد نظراً لشحّ الموارد الماليّة، فضلاً عن تقلص الطلب في الدول المستهلكة. ولا يمكن شحن البضائع على متن السفن بأي طريقة من دون تأمين تلك الرسائل مع بوالص الشحن. وهي مشاكل لا قدرة للحكومات والمصارف المركزية على حلها أو التدخل في آلياتها بهدف إظهار صورة غير واقعية لما يجري في حركة التجارة بين الدول.
تُقدِّم سوق البلطيق من لندن «مؤشر البلطيق» للشحن الجاف كل يوم على غرار مؤشرات بورصات الأسهم والأوراق المالية. وفيها يجري سؤال كبار وكلاء الشحن البحري في مختلف أنحاء العالم عن أكلاف نقل شحنات محددة من ميناء لآخر. ويعبّر المؤشر عن الكلفة على 26 خطاً بحرياً رئيسياً بناءً على الفترات الزمنية ورحلات أحجام معيّنة من البواخر الناقلة لمواد أولية مثل الفحم والحديد والحبوب والزيوت ومواد البناء والنفط الخام والمعادن بأشكالها الأوليّة.
ولكونه يحدّد مستوى الطلب العالمي على المواد الأولية الضرورية في جميع مراحل الإنتاج والاستهلاك، فإنّه يُعدّ أصدق مؤشر على حركة الاقتصاد العالمي. ومن شأن مراقبة ذلك المؤشر تكوين المعرفة المسبقة لوضع الاقتصاد العالمي قبل شهور من صدور بيانات الإنتاج والاستهلاك. لذا يراقبه مديرو محافظ الاستثمار بدقة يوماً بيوم.
ويُعدّ هذا المؤشر أيضاً أهم من المؤشرات الأخرى مثل مؤشرات سوق العمل والأجور وثقة المستهلك التي تقوم في غالبيتها على التقديرات المعرضة للتقلبات المفاجئة. وهنا لا يجري الحديث عن مشاعر الأشخاص أو تقديرات عامة للناتج المحلي الإجمالي، بل عن شحنات فعلية، وسفن مبحرة تنتقل من موانئ محددة إلى موانئ أخرى بأمّ عينها. لذا فإن المؤشر لا يقبل «التوقّعات» أو الاجتهادات.
إضافةً إلى كل هذه العوامل التي تجعل من تدني المؤشر نذير شؤم على مستقبل الاقتصاد العالمي في السنة الجديدة، يجري في سوق البلطيق تحديد عدد سفن أساطيل الشحن المتاحة وطاقاتها الفعلية دون التباس في عدد البواخر وطاقاتها. فالبواخر ذات أكلاف البناء الضخمة، تبقى في الخدمة لفترات طويلة، على العكس من الطائرات والشاحنات مثلاً التي يمكن إخراجها من الحسابات تبعاً لحركة السوق.
كما أن بناء سفن جديدة لا يجري بين عشية وضحاها. بل تعلم السوق بانضمام أيّة باخرة شحن إلى ميزان العرض قبل عامين من تدشينها، أي عند إبرام صفقة بنائها في أحد الأحواض. وعليه تستطيع السوق تقديم قراءة دقيقة لحجم الأساطيل العاملة. وأي تبدل ولو طفيفاً في ميزان العرض والطلب يؤثّر مباشرة في مستوى مؤشر السوق.
من هنا يثير هبوط «مؤشر البلطيق للشحن الجاف» قلقاً كبيراً لدى خبراء الاقتصاد ورجال السياسة. فالأمور تردّت معه إلى مستوى يستدعي معالجات سريعة تبدأ أولاً من السيولة المالية في المصارف وتعزيز نظام حرية التجارة بدلاً من فرض قيود تجاريّة في هذه المنطقة أو تلك.



فائض صيني

لا يمكن الحديث عن التجارة الدوليّة من دون ذكر الصين، التي تحوّلت خلال السنوات الماضية إلى محجّ تجاري وغزت سلعها أسواق العالم كلّها. وفي تشرين الثاني الماضي، ارتفع الفائض التجاري الصيني إلى 40.1 مليار دولار في تشرين الثاني الماضي، مسجّلاً مستوىً قياسياً بفارق كبير عن الرقم القياسي السابق 35.2 مليار دولار، الذي سجّل في تشرين الأول. غير أنّ الصادرات والواردات شهدت انخفاضاً كبيراً غير متوقع. فقد هبطت الأولى بنسبة 2.2 في المئة، وتراجعت الثانية بنسبة 17.9 في المئة، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي

الأخبار 2008/12/11.

lundi 8 décembre 2008

Le capitalisme est malade ? Qu'il crève !

Le capitalisme est malade ? Qu'il crève !

Ils sont en émois. Depuis quelques semaines tout ce que la planète compte
de dirigeants, qu’ils soient politiques ou financiers, ne s’agite
qu’autour d’une chose : la crise financière. L’affaire des sub-primes aux
Etats-Unis a montré l’extrême fragilité (pour ne pas dire escroquerie) des
institutions financières, du coup, ce qu’on appelle le marché
interbancaire a été paralysé. Prises de peur, les banques ne voulaient
plus se prêter entre elles. Or, ces prêts sont vitaux pour la survie d’une
économie capitaliste. Sans eux, des banques se retrouvent du jour au
lendemain avec leurs comptes dans le rouge, au bord du gouffre, voire
carrément en faillite (Lehmann brothers). Les bourses ont chuté de manière
impressionnante. Avec moins de crédits, moins d’activité économique. La
récession commence à s’installer à l’échelle mondiale. Fait sans
précédent, la réponse des gouvernements a été fulgurante et d’une ampleur
inimaginable : des milliards ont été instantanément débloqués par tous les
Etats au motif qu’il fallait empêcher une faillite généralisée du système.
Les journaux vous ont déjà expliqué tout ça.

Si l’on décolle les yeux du guidon, ce qui saute aux yeux, c’est que, ce
qu’on nous présente comme une "crise" n’est que la poursuite inexorable
par le système capitaliste de sa logique mortifère. Ce n’est pas une
"erreur", ce n’est pas un "malheur" dû au hasard, à un enchaînement de
circonstances*1. C’est la conséquence des mécanismes économiques
habituels.

Si crise il y a, c’est bien à un autre niveau. C’est une crise de
confiance. Non pas chez les financiers, mais dans la population générale.
Un nouveau "mur de Berlin" vient de tomber : la croyance jusque là bien
ancrée dans la population que, tant bien que mal, le capitalisme pouvait
faire sinon la richesse de tous du moins améliorer progressivement les
conditions de vie. Depuis la fin de la Seconde Guerre Mondiale, les
dirigeants ont travaillé l’opinion pour qu’elle accepte cette idée,
qu’elle admette que le capitalisme est le seul système qui puisse garantir
à la fois la liberté et la prospérité car le bonheur de quelques-uns
allait in fine faire le bonheur de tous. Cette resucée de la théorie de la
"main invisible" ; concept inventé par Adam Smith à la fin du 18eme siècle
est le fondement du discours idéologique du capitalisme.

Certes, ce discours était déjà totalement en contradiction avec la réalité
observable. Mais, malgré les guerres, les famines, la misère, l’oppression
écrasante, l’exploitation éhontée dans la plus vaste partie du monde ainsi
que dans nos pays une exploitation et une oppression plus feutrées,
globalement, les populations d’occident adhéraient à ce mythe. Les
contradictions que la crise financière à mise en évidence est en train de
le faire voler en éclat ;

Les enfants africains pouvaient crever de faim et du sida, les Irakiens
mourir sous les bombes, les boat people du Maghreb s’échouer sur nos
côtes, personne ne considérait qu’il y avait crise et bien peu réclamaient
les mesures qui s’imposaient. Tout allait pour le mieux dans le meilleur
des mondes. La propagande tournait à plein, les publicités vantaient des
téléphones magnifiques, des voitures puissantes et désormais écologiques.
Mais, dès que le portefeuille des plus riches, des gens de la finance,
menace de se vider, alors là, pas d’hésitation, branle-bas de combat et
mobilisation générale : il faut sauver la banque.

Difficile de démontrer plus clairement que, pour ceux qui nous dirigent,
la société, c’est eux, uniquement eux. Les autres, tous les autres, nous
ne sommes rien.

L’idéologie libérale est criminelle par essence

Avant d’aller plus avant, interrogeons-nous sur l’idéologie du
capitalisme. Nous l’avons vu, le capitalisme se justifie moralement en
diffusant la croyance que le chacun pour soi, est finalement bénéfique à
la société ; une "main invisible" se chargeant de répartir les bienfaits
qui découlent des différentes actions individuelles. Pour bien comprendre
cette théorie basique du capitalisme, laissons la parole à son concepteur,
Adam Smith : "À la vérité, son intention [au capitaliste], en général,
n’est pas en cela de servir l’intérêt public, et il ne sait même pas
jusqu’à quel point il peut être utile à la société. En préférant le succès
de l’industrie nationale à celui de l’industrie étrangère, il ne pense
qu’à se donner personnellement une plus grande sûreté ; et en dirigeant
cette industrie de manière à ce que son produit ait le plus de valeur
possible, il ne pense qu’à son propre gain ; en cela, comme dans beaucoup
d’autres cas, il est conduit par une main invisible à remplir une fin qui
n’entre nullement dans ses intentions ; et ce n’est pas toujours ce qu’il
y a de plus mal pour la société, que cette fin n’entre pour rien dans ses
intentions. Tout en ne cherchant que son intérêt personnel, il travaille
souvent d’une manière bien plus efficace pour l’intérêt de la société, que
s’il avait réellement pour but d’y travailler. Je n’ai jamais vu que ceux
qui aspiraient, dans leurs entreprises de commerce, à travailler pour le
bien général, aient fait beaucoup de bonnes choses. Il est vrai que cette
belle passion n’est pas très commune parmi les marchands, et qu’il ne
faudrait pas de longs discours pour les en guérir."*2

Dès ses débuts, le capitalisme a opposé aux notions de "solidarité",
"d’entraide" et de "bien commun" le diktat suivant : il ne faut pas s’en
occuper, car cela pourrait bien être néfaste. Idéologie du chacun pour
soi, le libéralisme des débuts du capitalisme a connu depuis un essor
mondial qui en fait aujourd’hui l’idéologie dominante à l’échelle
planétaire. Il ne faut toutefois pas croire qu’elle soit uniforme. Il
existe en effet toute une série de nuances (plus ou moins d’intervention
étatique, de liberté, etc.) qui lui permettent de s’adapter à toutes sorte
de situations. Mais le socle reste le même : la propriété privée des
moyens de production, et l’initiative individuelle.

Dans cette idéologie, il n’est jamais question de ce que nous vivons tous
les jours : l’exploitation éhontée des travailleurs et la répression des
classes populaires. Le libéralisme refuse de reconnaître, de concevoir
même, la lutte des classes. L’accepter, ce serait reconnaître que les
valeurs qui sont les siennes (individualisme, ...) ne sont pas adaptées au
but qu’il annonce (enrichissement de tous). Par conséquent, la misère et
l’exploitation sont des affaires purement individuelles pour cette
idéologie. "Si tu meurs de faim, c’est de ta faute, va travailler, et tu
verras que tout ira mieux !", disent les capitalistes.

Un crime contre l’humanité à l’échelle planétaire

Lors de la crise alimentaire déclenchée ce printemps, les gouvernements
ont timidement débloqué quelques millions de dollars : 200 millions pour
les USA. A comparer aux 10 milliards d’euros débloqués par la seule France
pour sauver ses banquiers. On voit là l’indécence de nos dirigeants : rien
ou fort peu pour les pauvres qui meurent de faim, mais des sommes
astronomiques pour les quelques salopards qui ont joué avec notre argent,
qui ont perdu et qui maintenant viennent quémander auprès de l’Etat des
sous (les nôtres) pour rembourser leurs pertes. Et l’Etat paye. Et il paye
cher. Plusieurs dizaines de milliards ont déjà été débloqués pour
renflouer les banques. Pendant ce temps, des gens dans les caraïbes
mangent de la terre mélangée à de l’huile et du sel pour tromper leur
faim. Pour eux, pas d’argent ; pas plus que pour les 18 000 enfants qui
meurent chaque jour de faim. Il ne s’agit pas ici de fatalité, mais bien
de choix pris par des gens qui sont responsables de ces choix, qui
arbitrent entre plusieurs choix possibles. Ils ont donc choisi que notre
argent (celui que nous leur versons par nos impôts indirects et directs)
irait aux riches plutôt qu’à ceux qui meurent de faim, même s’ils meurent
de faim suite aux décisions prises par la caste des dirigeants de la
planète : destruction systématique des agricultures vivrières
traditionnelles, exploitation accrue de la population locale (salaires de
misères), etc.

Dans l’approche même du "Droit" des Etats capitalistes, les "... actes
inhumains ... causant intentionnellement de grandes souffrances ou des
atteintes graves à l’intégrité physique ou à la santé physique ou mentale"
constituent un crime contre l’humanité. La famine, l’extrême misère qui
font subir des traitements inhumains à des foules de nos semblables, qui
tuent dans des souffrances atroces tous les jours les plus fragiles, sont
la conséquence directe de choix économiques conscients, "éclairés", de nos
dirigeants. Et ils s’abstiennent de la soulager alors même qu’ils en ont
parfaitement les moyens. Ce faisant, ce sont des criminels contre
l’humanité.

La fin du double discours ? Parallèlement, les banques sont arrosées de
milliards. Or l’idéologie libérale, de part son individualisme, devrait
commander une non-intervention de l’Etat. Reprenant ce qu’ils disent aux
chômeurs, aux pauvres, aux citoyens de deuxième zone, les banquiers
auraient dû dire : "Si j’ai perdu ma fortune, c’est bien de ma faute, je
vais travailler plus et je gagnerai plus, tout ira ainsi mieux !". Mais le
principe selon lequel "chacun est responsable de ses actes" a été
instantanément balayé, sans crise de conscience, et les plus
ultra-libéraux de nos capitalistes n’ont pas été les moins rapides à venir
pomper les finances publiques.

Ce fait montre bien deux choses. D’abord combien l’idéologie capitaliste
est un discours creux, simplement destiné à faire accepter par les dominés
l’exploitation que leur impose la classe dirigeante (en leur faisant
miroiter une amélioration de leur situation, et en les culpabilisant sur
leur responsabilité individuelle). Ensuite combien l’Etat est un autre
outil aux mains de cette même classe. De ce point de vue, il a été amusant
de suivre les réactions gouvernementales dans les différents pays
européens. Aux nuances près, Sarkozy ne fait pas autre chose que Merkel
qui reprend les décisions de Zapatero elles-mêmes inspirées de
Berlusconi... sans oublier le FMI actuellement sous la direction d’un
"grand socialiste" français. Gouvernements de "droite" (et parfois de
droite extrême) et de "gauche" n’ont pas été longs pour se mettre d’accord
sur l’essentiel et faire tous la même chose !

Il est aujourd’hui éclatant que la classe dominante, la bourgeoisie, tient
un double discours : elle dit aux pauvres et aux travailleurs "faites des
efforts, travaillez, prenez des risques, vous en retirerez du bon " (sans
dire que les pauvres qui peuvent "réussir" ainsi sont forts peu nombreux)
; et elle n’hésite pas à spolier et voler pour rattraper ses erreurs et
limiter ses pertes. Cette conduite est celle du capitalisme depuis ses
origines, mais aujourd’hui elle a une visibilité jamais atteinte jusqu’à
présent. Jamais les capitalistes n’avaient pillé la collectivité à cette
hauteur en aussi peu de temps, et de plus, dans un contexte de famine pour
des millions d’humains.

Les vieux discours ne peuvent plus fonctionner, le pouvoir voit bien qu’il
ne peut plus se justifier comme avant. Il parle alors de " refonder le
capitalisme ", de réformer les règles, d’introduire de la morale... Il
s’agit pour lui de gagner du temps, pour qu’on oublie un peu ce qui vient
de se passer. Il s’agit surtout de faire en sorte que l’enrichissement
d’une minorité et l’exploitation de tous puisse continuer sans accrocs.
Les réformes qui sortiront des prochains sommets internationaux ne
changeront rien, parce qu’elles sont faites par ceux qui ont créé cette
situation, qui en tirent à la fois d’énormes bénéfices et tout leur
pouvoir. Et les plus pauvres continueront à bouffer de la terre avec de
l’huile. S’il leur reste encore de l’huile.

Une seule solution, le communisme libertaire

L’échec patent du messianisme capitaliste qui nous assurait que la main
invisible améliorerait le sort de tous, nous place devant une évidence :
ce monde est inhumain. Il nous place également devant nos responsabilités.

Si un autre monde a toujours été envisageable, il devient aujourd’hui
nécessaire. Et, ce qui accroît la possibilité d’y parvenir, le facteur
nouveau qui va nous aider dans notre travail militant, c’est justement la
cynique contradiction du capitalisme que la crise financière a rendu
évidente, bien au-delà des cercles qui la critiquaient déjà. De plus, même
s’ils y ont encore recours, faute de mieux, la critique de cette
contradiction englobe pour une masse croissante de personnes les complices
habituels de l’Etat : syndicalistes institutionnels, politiciens de
gauche, et autres postiers trotskistes qui ne rêvent que d’être aux
commandes de ce même Etat. "Tous pareil" est le constat que l’on entend
déjà partout. C’est là aussi un point positif sur lequel il faut prendre
appui. Car, il ne s’agit pas d’envisager un avenir lointain, une sorte de
paradis sur terre précédé du "grand soir. Il s’agit simplement de remettre
la solidarité de classe au centre du débat, de participer à son
auto-organisation, d’arracher au pouvoir le contrôle de nos vies. Ce qui
se traduit concrètement par une action quotidienne, un travail militant de
fourmi, qui ne prend sens qu’en s’inscrivant clairement dans une dynamique
révolutionnaire. C’est à cette résistance quotidienne à l’oppression, à
cette action continue, que nous engageons chacun, là où il travaille, vit,
étudie, que nous engageons chacun.

Des militants CNT-AIT

_1- Remarquons que si le pouvoir met l’accent sur les financiers qu’il
faut sauver de la ruine, il est d’une discrétion absolu sur ceux qui ont
multiplié leur fortune grâce à cette même crise. Tout l’argent disparu n’a
quand même pas été perdu pour tout le monde. Il n’est venu à l’idée
d’aucun politicien d’en récupérer un peu pour éponger les dettes. Curieux,
n’est-ce pas ?

_2- Adam Smith, Recherche sur la nature et les causes de la richesse des
nations, 17

==============================
Paru dans Anarchosyndicalisme ! n° 109

التخلص من الرأسمالية للخروج من الأزمة - 07/12/2008

قاسيون

التخلص من الرأسمالية للخروج من الأزمة - 07/12/2008



ضد التحالف المقدس المكرس لإنقاذ المصرفيين

إيريك توسان / ترجمة قاسيون ◄ أخطأت الحكومات في إنقاذها للمصارف والتأمين، وتتحمل الدولة بالتالي كل كلفة العملية، خاصةً بعد أن قامت أحزاب اليمين والوسط واليسار التقليدي بدعم الإنقاذ المحابي لكبار المساهمين بحجة واهية تتمثل في حماية ادخار السكان ونظام الائتمان. وقد كان بالإمكان التصرف بأسلوب مغاير تماماً، مثل تأميم المصارف وشركات التأمين واسترداد كلفة هذه العملية من ممتلكات كبار المساهمين والمديرين. بما يوفر أداة عامة لتمويل مشاريع مفيدة اجتماعياً، تحترم البيئة، وتوفر فرص العمل والدخل المعيشي، وتضمن في الوقت ذاته الادخار الخاص.
كما يتوجب على الدولة البدء في ملاحقات قضائية، خاصةً ضد كبار المساهمين والمديرين المسؤولين عن الكارثة المالية، للحصول على تعويضات مالية (تتجاوز الكلفة المباشرة للإنقاذ) وفي الوقت نفسه إدانات بالسجن إذا تم إثبات وقوع جرم.
نحن بحاجة إلى ترتيبات مالية جديدة، وينبغي فتح دفاتر حسابات الشركات ذات التدقيق الخارجي (وبصورة خاصة في اللجان النقابية لموظفي المصارف) والسماح لعناصر الضرائب برفع السرية المصرفية. كما ينبغي تنظيم كل النتاجات المالية ومنع الشركات من الاحتفاظ بأية موجودات أو تعاملات كانت.
سياسة للخروج من الأزمة
سوف تؤدي الأزمة إلى زيادة البطالة، ويتوجب على الدولة أن تخلق فرص عمل جديد عبر تطبيق خطة واسعة لذلك مثل: تجديد وإنشاء المباني والنقل العام والتدفئة الجماعية الحكومية، التعليم، الصحة... عندها سيلعب الائتمان العام دوراً رئيسياً في التمويل، إضافةً إلى ضريبة أزمة على الثروات الكبيرة في إطار نظام ضريبي أكثر عدالةً على الصعيد الاجتماعي. وفي حين نال رأس المال حصة الأسد في الدخل القومي في السنوات الخمس والعشرين المنصرمة، ينبغي حصول زيادة كبيرة في حصة الأجور.
ويعيد تفاقم الأزمة إلى الواجهة الاقتراحات التي جرى استبعادها طيلة الليل النيوليبرالي الطويل وهي:
- التوقف عن الخصخصة ورفع القيود، وبدلاً من ذلك، الترويج للخيرات والخدمات العامة
- نقل الشركات الخاصة إلى القطاع العام، مثل إنتاج وتوزيع الطاقة في بلجيكا، ما سيسمح بتحديد الأولوية للطاقات المتجددة والتخلص من الطاقة النووية
- تخفيضٌ جذري لزمن العمل لتحسين شروط حياة العاملين وخلق فرص عمل وضمان تمويل التقاعد بزيادة عدد المساهمين دون تمديد سن التقاعد
- ربط الأجور والتعويضات الاجتماعية بتطور تكاليف المعيشة
من أجل ثورة سياسية: المجلس التأسيسي
تقوم الحكومة البلجيكية ونظيراتها الأوروبية والمفوضية الأوروبية بقوقعة المواطنين والاتحاد الأوروبي في دور سلبي تماماً، فترفض أي إجراء حقيقي مؤسس وتحاول دون نجاح أن تفرض من الأعلى إصلاحاً للدولة الفيدرالية البلجيكية ومعاهدةً دستورية على المستوى الأوروبي ذات توجهات نيوليبرالية واضحة. لقد عبّرت الشعوب الأوروبية عن رأيها ورفضت ذلك. وفي هذه الأثناء، تقدّم لنا ثلاثةٌ من بلدان أمريكا الجنوبية (فنزويلا والإكوادور وبوليفيا) مثالاً يحتذى، بعد أن أصلحت نظامها السياسي عبر «دمقرطته» في العمق، وقام مواطنوها بانتخاب مجلس تأسيسي لتطوير مشروع دستور جديد، وجرت مناقشة هذا المشروع مع الحركات الاجتماعية وطرح على مجمل السكان الذين أيدوه بالاستفتاء العام. في هذه البلدان الثلاثة، وبفضل تلك الدساتير الجديدة، يحق للناخبين عزل كل المندوبين السياسيين في منتصف ولايتهم، في حين لا ينص أي دستور أوروبي على مثل هذه الآلية الديمقراطية الرفيعة.
من أجل التخلص من العسكرة ونزع السلاح
يجري حالياً سباق تسلح جديد، حيث لا تتردد الولايات المتحدة وحلفاؤها في مهاجمة واحتلال بلاد ذات أهمية نفطية إستراتيجية. لذلك ينبغي أن يختفي حلف شمال الأطلسي (الناتو) كتحالف عسكري عدواني، كما ينبغي منع انتشار الأسلحة النووية على الأراضي الأوروبية، وسحب قوات الاحتلال من أفغانستان والعراق وتنظيم التخلص من العسكرة ونزع السلاح.
من أجل هيكلية ديمقراطية دولية جديدة
تمر مجموعة الثماني وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية بأزمة شرعية عميقة مبررة تماماً، فقد أدت السياسات التي فرضتها إلى الكارثة الحالية، وينبغي استخراج النتائج من ذلك، واستبدالها بمؤسسات دولية جديدة ذات خيارات مختلفة جذرياً عبر دعم مبادرات مثل إنشاء سبعة بلدان من أمريكا اللاتينية لبنك الجنوب. إذ تنوي هذه البلدان تأسيس صندوق نقد وعملة موحدة للجنوب، وتريد التزود بأدوات للتمويل الذاتي تهدف من خلالها إلى تحقيق اندماج إقليمي يسمح بضمان حقوق الإنسان الأساسية. يتوجب على البلدان المعنية إعادة احتياطياتها الكبيرة من العملة الصعبة (340 مليار دولار) المقرضة بصورة أساسية للولايات المتحدة بهدف وضعها في بنك الجنوب. ويتوجب على بلدان الشمال احترام التزاماتها الدولية عبر التوقف عن نهب موارد الجنوب الطبيعية وزيادة المساعدة الحكومية للتنمية (التي ينبغي إعادة تسميتها لتصبح «المساهمة في التعويض») وتطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لاسيما في مجال الحق في حرية تنقل الأشخاص (المادة 13).
الأزمة فرصة لخلق نظام جديد
إنّ الرأسمالية تغرق البشرية في أزمة عميقة متعددة الأبعاد، مالية واقتصادية ومناخية وغذائية وطاقوية، ناهيك عن الحروب وسباق التسلح. ولن تختفي الرأسمالية من تلقاء ذاتها بل إن بالعمل الواعي للمواطنين القادر على استبدالها بنظام آخر يضمن حقوق الإنسان وحماية الطبيعة. والأمر يتعلق بالتخلص من الرأسمالية وإعادة ابتكار مشروع اشتراكي متجذر في واقع القرن الحادي والعشرين، يضمن حريةً كاملة تتعايش فيها مختلف أشكال الملكية ذات الوظيفة الاجتماعية الإيجابية، الملكية الخاصة الصغيرة، الملكية العامة، الملكية التعاونية، الملكية الاجتماعية والمشتركة... ويتوجب على الاشتراكية أن تستهدف إنهاء كل أشكال القمع وتضمن المساواة بين الرجال والنساء. وللمضي في هذا الاتجاه، ينبغي بناء قوة سياسية جديدة مناهضة للرأسمالية، والمشاركة بنشاط في التحركات الاجتماعية والمواطنية.

كل السلطة للسوفيتات بأمريكا:«عمال يحتلون مصنعاً بعد طردهم»

- 07/12/2008
يعتصم عدد من العمال الأمريكيين في مصنع بمدينة شيكاغو منذ الجمعة، رافضين مغادرته، بعد أن تلقوا إشعاراً بالطرد خلال ثلاثة أيام، بحجة أن المصنع سيقفل بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وحالة الركود التي يعيشها الاقتصاد الأمريكي، وقد تنادت مجموعات أخرى من العمال لتقديم الدعم لهم. وقال العمال إنهم سينفذون اعتصاماً مفتوحاً في المصنع حتى حل قضيتهم، وقال العامل ميلفين ماكلين: "نحن هنا منذ الليلة الماضية (الجمعة) ولن نذهب إلى أي مكان.. نحن مصممون على ذلك."
ووصف العمال، الذين يتجاوز عددهم المائتين، تحركهم في مصنع "ريبابليك" لصناعة الأبواب والنوافذ هو "احتلال سلمي،" مؤكدين رغبتهم بالبقاء في المنشأة، مع تبديل النوبات وفق الدوام المعتاد، رغم إخطار الشركة لهم بإنهاء تعاقدهم.
ورد العامل أرماندو روبلز، وهو رب لعائلة تضم ثلاثة أطفال بالقول: "سأفعل كل ما يتطلبه الأمر لدعم عائلتي،" مشدداً على أن فصله من العمل سيحرم أبناءه من التأمين الصحي، علماً أن الشركة أبلغت موظفيها بحرمانهم من تعويضات الساعات الإضافية والعطل. ويشدد روبلز على نية العمال عدم فك اعتصامهم بالقول: "سنظل حتى النهاية، إذا طلبوا مني المغادرة فسيكون عليهم اعتقالي.. سأقبل بهذه المخاطرة، فأنا جاهز للاعتقال إذا كان ذلك ضرورياً."
ونقلت شبكة "ABC" عن أحد النقابيين قوله: "شيكاغو مدينة للطبقة العاملة، وسنقف معاً حتى ننتصر في هذه المعركة."
وشهد اعتصام عمال مصنع " ريبابليك" تطوراً إضافياً السبت، عندما توجهت مجوعات عمالية أخرى إلى موقع الحدث لتقديم الدعم للمعتصمين، وذلك بحجة أن الشركة المشغّلة خالفت القوانين الفيدرالية المتعلقة بالعمل، والتي تنص على ضرورة إخطار العمال بترك وظائفهم خلال شهرين على أقل تقدير.
ويحدد قانون ولاية إلينوي التي تتبع مدينة شيكاغو لها، مهلة 75 يوماً على الأقل لإخطار العمال بترك وظائفهم، وذلك لتأمين حقهم باللجوء إلى عقود العمل الجماعية والحصول على حقوقهم.
وأشار مراقبون إلى طرافة الحدث الذي يجري في الولايات المتحدة، معتبرين أنه يعيد إلى الذاكرة قيام العمال مطلع القرن الماضي باحتلال المصانع وإدارتها بتأثير من أفكار الأحزاب الاشتراكية. وقد جرى ذلك في روسيا إبان تأسيس الاتحاد السوفيتي، عندما سيطر العمال والفلاحون والجنود على المرافق التي يتواجدون فيها، وشكلوا تجمعات "سوفيتات" انتخبت ممثلين عنها تحت شعار "كل السلطة للسوفيتات."وكالات

dimanche 7 décembre 2008

تنظيم قطاع المال أم تجاوز الرأسمالية؟

لوسيان سيف

الهجوم المعكس لكارل ماركس

تنظيم قطاع المال أم تجاوز الرأسمالية؟

تثير أعمال كارل ماركس الاهتمام من جديد على الرغم من أنّها كانت ملفوظةً من قبل الأحزاب الاشتراكية الأوروبية كأنّها "أحلام قديمة مبسّطة" يتوجّب القطع معها بسرعة، وأنّها وضعت ضمن الآراء الشيطانيّة في الجامعة بعد أن كانت لفترة طويلة تدرّس كقاعدةٍ للتحليل الاقتصادي. ألم يقم الفيلسوف الألماني بتشريح آلية الرأسمالية التي تصيب فوضاها الآن الخبراء بالضياع؟ ففي حين يدّعي المتوهّمين "تهذيب" قطاع المال "أخلاقيّاً"، قام ماركس في حينه بتعرية العلاقات الاجتماعية التي يرتكز عليها.

كادوا أن ينجحوا في إقناعنا: انتهى التاريخ، والجميع مسرورٌ كون الرأسمالية قد باتت الشكل النهائي للتنظيم الاجتماعي، واكتمل "الانتصار الإيديولوجي لليمين"، بوعدٍ من رئيس الوزراء الفرنسيّ؛ فقط بعض الذين يجترّون أفكاراً فارغة، غير القابلين للشفاء، كانوا لا يزالون يلوّحون بمستقبلٍ آخر مجهول المعالم.

قضى الزلزال المالي المذهل الذي وقع في تشرين الأول/أكتوبر 2008 بضربةٍ واحدة على هذه التركيبة الذهنيّة. ففي لندن، كتبت صحيفة الديلي تلغراف: "سيبقى 13 تشرين الأول/أكتوبر 2008 في التاريخ أنّه اليوم الذي اعترف فيه النظام الرأسمالي البريطاني بفشله [1]". وفي نيويورك، رفع متظاهرون أمام وال ستريت، لافتات كُتب عليها "ماركس كان على حقّ!". وفي فرانكفورت، أعلنت إحدى دور النشر بأنّ مبيعاتها لكتاب "رأس المال" قد ازدادت بنسبة ثلاثة أضعاف. وفي باريس، فنّدت مجلة معروفة، في ملفٍّ من ثلاثين صفحة، "أسباب ولادة جديدة" لمن قيل عنه بأنّه مات نهائياً [2]. ها هو التاريخ يعود ليفتح أبوابه...

عند الغوص في كتابات ماركس، نكتشِف أكثر من أمر يلتصق بالواقع الحالي. أسطرٌ كُتِبَت منذ قرنٍ ونصف تبدو أنّها تتحدث عن حالنا اليوم بدقّة مُلفِتة. مثلاً: "كون الأرستقراطية المالية تنصّ القوانين، وتدير شؤون الدولة، وتهيمن على السلطات القائمة وتسيطر على الرأي العام في الواقع وعبر الصحافة، نحن نشهد في كافة الأوساط، من البلاط الملكي وصولاً إلى "المقهى التعيس"، على تناسخٍ للعُهر نفسه، وللخداع المخجِل نفسه، وللتعطّش نفسه إلى تكديس الثروات، ليس من خلال الإنتاج، إنّما عبر بسرقة ثروة الآخرين [3]...". كان ماركس يصف بهذا حال الأمور في فرنسا عشيّة ثورة العام 1848... ما يجعلنا نحلم.

لكن ما وراء أوجه الشبه الملفتة، تجعل الاختلافات بين حقبةٍ وأخرى أيّة مطابقة مباشرة أمراً زائفاً. فالمعاصرة، الواضحة مرّة أخرى، لـ"نقد الاقتصاد السياسي" المتقن في كتاب "رأس المال" لماركس، تتموضع أكثر في العمق.

فما هو، في الواقع، سبب ضخامة الأزمة الحالية؟ إذا ما قرأنا ما يُكتَب عنها، يجب البحث في نزعة المنتوجات الماليّة المتطوّرة للتطاير، وفي عجز أسواق المال عن تنظيم نفسها بنفسها، وفي ضعف المعايير الأخلاقية المفرِط لدى رجال المال... باختصار، إنّها مكامن ضعف النظام النافذ الأوحد، أو ما يطلقون عليه، في مواجهة "الاقتصاد الحقيقي"، تسمية "الاقتصاد الافتراضيّ"؛ كما لو أنّه لم يتبيّن مؤخراً كم أنّه هو أيضاً حقيقيّ.

مع أنّ الأزمة الأساسية للرهون العقارية المخاطرة subprime هي أصلاً وليدة الإفلاس المتزايد لملايين العائلات الأميركية بسبب استدانتها لتصبح مرشّحة لتملّك المنازل. مما يرغمنا على الاعتراف بأنّ مأساة "الافتراضيّ" تستقي جذورها في نهاية المطاف من "الاقتصاد الحقيقيّ". و"الحقيقيّ"، نظراً إلى ذلك، هو المجموع المعولَم للقدرات الشرائيّة الشعبيّة. فما وراء انفجار فقاعة المضاربة الذي أحدثه التضخّم المالي، هنالك الاستحواذ العالميّ، من قبل رأس المال، على الثروة التي ينتجها العمل؛ وما وراء هذا التشويه حيث انخفضت الحصّة العائدة إلى الرواتب بأكثر من عشر نقاط، وهذه نسبة تدنٍّ ضخمة، هنالك ربع قرنٍ من التقشّف تخصّ العمّال باسم العقيدة النيوليبرالية.

أبواق الدعوات إلى تهذيب القطّاع أخلاقيّاً

نقصٌ في التنظيم المالي وفي المسؤوليّة الإدارية وفي المعايير الأخلاقية في البورصّات؟ دون شكّ. لكنّ التفكير من دون قيود يدفعنا إلى الذهاب أبعد من ذلك بكثير: إلى إعادة النظر بالعقيدة التي يُحافَظ عليها بغيرة لنظامٍ يفوق بذاته كلّ الشبهات، والتأمّل في هذا المآل الأسمى للأمور الذي يسمّيه ماركس "القانون العام للتراكم الرأسمالي". فهو يبرهن أنّه، عندما تكون الشروط الاجتماعية للإنتاج ملكيّةً خاصّة للطبقة الرأسمالية، "تتحوّل كافة الوسائل الهادفة إلى تطوير الإنتاج إلى وسائل للسيطرة على المنتِج واستغلاله"؛ فهو الذي يُضحّى به من أجل استحواذ المالكين على الثروة؛ وتكديس الأموال هذا يتغذّى من ذاته وهو بالتالي عرضة للإصابة بالجنون. إنّ الوجه المعاكس لـ"تكديس الأموال لدى قطبٍ واحد"، هو بالضرورة "تكديس متوازٍ للبؤس" لدى القطب الآخر؛ ومن هنا تتولّد حتماً بوادر أزمات تجاريّة ومصرفيّة عنيفة [4]. والأمر هنا يتعلّق بنا بالذات.

اندلعت الأزمة في دائرة القروض، لكنّ قوّتها المدمّرة تشكّلت في دائرة الإنتاج، مع التقاسم الجائر أكثر فأكثر للقيم المُضافة بين العمل ورأس المال. إنّه مدٌّ لم تتمكّن النقابيّة الهادئة من منعه، حتّى أنّه كان مرافَقاً من قبل يسارٍ اشتراكي ديموقراطي يصف ماركس بأنّه الكلب الميت. يمكننا عندها أن نتخيّل ما ستكون عليه قيمة الحلول للأزمة -"تهذيب" رأس المال أخلاقيّاً، و"تنظيم" القطّاع المالي- التي تصدح بها سياسات وإداريّون وعقائديّون كانوا البارحة يتهجّمون على أدنى تشكيكٍ في صوابية "الليبيرالية الشاملة".

"تهذيب" رأس المال "أخلاقياً"؟ هذه كلمة سرّ تستحقّ جائزة في الكوميديا السوداء. إذ إن كان هنالك من تراتبيّة للاعتبارات تتبخّر بفعل نظامٍ قائمٍ على المنافسة الحرّة المقدّسة، فهي طبعاً الاعتبارات الأخلاقيّة: فالفعّالية الصلفة هي دائماً الرابحة، بقدر ما أنّ العملة السيّئة تطرد تلك الجيّدة. والهمّ "الأخلاقي" هو من باب الدعاية فقط. وقد عالج ماركس المسألة في بضعة أسطر، في مقدّمة كتابه "رأس المال": "لا أرسم أبداً باللون الزهريّ شخصيّة الرأسمالي أو صاحب العقارات"، لكنّ "أدنى من أيّ منظورٍ آخر، إنّ منظوري للأمور، الذي يعتبر نموّ المجتمع كتركيبة إقتصادية على أنّه آليّة تاريخية طبيعيّة، لن يتمكّن من تحميل الفرد مسؤوليّة علاقاتٍ ليس هو سوى ناتج اجتماعي عنها [5]..." لهذا، فمن المؤكّد أنّه لن يكفي توزيع بعض الصفعات الخفيفة من أجل "إعادة تأسيس" نظامٍ يبقى فيه الربح هو المعيار الوحيد.

لا نعني أنه يجب إهمال الطابع الأخلاقي للأمور. بل على العكس تماماً. لكنّ المشكلة، إذا ما أخذناها على محمل الجدّ، ليست أبداً على مستوى جنوح أرباب عملٍ لصوص، أو طيش مضاربين مجانين، أو حتى فحش المكافآت الذهبية التي يحصل عليها المدراء في نهاية خدماتهم. ما يُعجَز الدفاع عنه في الرأسمالية من هذه الناحية، أبعد من أيّ تصرّفٍ فرديّ، إذ أنّه مبدأها نفسه: فالنشاط البشريّ الذي يُنتج الثروات يتمتّع وفقه بصفة "بضاعة"، وهو لا يُعامَل بالتالي كـ"هدفٍ بحدّ ذاته، إنّما كمجرّد وسيلة". لا حاجة لأن نكون قد قرأنا "كانط" لنرى في ذلك مصدراً دائماً لكون النظام خارج معيار الأخلاق.

وإن أردنا حقاً إضفاء الأخلاق على الحياة الاقتصادية، يجب التهجّم حقّاً على ما يجرّدها من أخلاقيّتها. ذلك يمرّ بلا شكّ - إنّه لاكتشافٌ بديعٌ لعددٍ من الليبراليين- بإعادة بناء الضبط الدولتيّ. لكنّ الاعتماد لتحقيق هذه الغاية على الدولة الساركوزية التي منحت درعاً ضريبيّاً للأغنياء وأطلقت خصخصة البريد، يتخطّى كافة حدود السذاجة... أو النفاق. فما أن ندّعي التطرّق إلى مسألة التنظيم، يصبح من الضروريّ العودة إلى العلاقات الاجتماعية الأساسية: وهنا، مرّة أخرى، يقدّم لنا ماركس تحليلاً لا يمكن تفادي طابعه المعاصر: تحليله "للاغتراب" (aliénation).

ففي معناه معناه الأول، الذي توسّع به ماركس في كتابات شبابه المعروفة [6]، يُشار بهذا المفهوم إلى تلك اللعنة التي ترغم أجير رأس المال على عدم إنتاج ثروة لغيره إلاّ عندما ينتج بؤسه الخاصّ، المادّي والمعنويّ: إذ عليه أن يخسر حياته ليكسب عيشه. إنّ اللاّإنسانيّة المتعدّدة الأشكال، التي يقع ضحيّتها جموع الأجراء اليوم [7]، من تفشّي أمراض العمل، إلى تفشّي عمليّات الصرف بسبب أزمات سوق الأسهم، مروراً بتفشّي الأجور المتدنّية، تجسّد، بقساوة بالغة، الدقّة التي لا يزال يتّسم بها تحليلٌ كهذا.

لكن، في أعماله الناضجة، يعطي ماركس "للاغتراب" معنىً أوسع من ذلك: فبما أنّ رأس المال يولّد باستمرار القطيعة الجذريّة بين وسائل الإنتاج والمنتجين - إذ أنّ المصانع والمكاتب والمختبرات ليست ملكاً لمن يعمل فيها-، فإنّ النشاطات المنتجة والذهنيّة لهؤلاء، التي لا يتمّ التحكّم بها بصورة جماعيّة في الأساس، تبقى عرضة لفوضى نظام المنافسة حيث تتحوّل إلى آليّات تقنيّة وإقتصاديّة وسياسيّة وعقائديّة لا يمكن تفاديها، تلك القوى الضخمة العمياء التي تقهرهم وتقضي عليهم.

فالبشر لا يصنعون تاريخهم، بل تاريخهم هو الذي يصنعهم. وتجسّد الأزمة الماليّة هذا "الاغتراب" بصورة مرعبة، كما تفعله الأزمة البيئيّة وكذلك ما يجب تسميته بالأزمة الأنتروبولوجيّة، أزمة الحيوات البشريّة: إذ لم يسعَ أحد إلى هذه الأزمات، لكنّ الجميع يتكبّدها.

إنّ الغياب المدمّر لوسائل انضباط منسّقة هو وليدة حتميّة لهذا "التخلّي العام" المفرِط من قبل الرأسماليّة. لذا فمنْ يدّعِ "تنظيم الرأسماليّة" هو حتماً مخادعٌ سياسيّ. فالتنظيم الجذريّ سيتطلّب أكثر بكثير من مجرّد التدخّل الحكومي، مهما بدا ضرورياً، إذ منْ سينظّم الدولة بحدّ ذاتها؟ يتطلّب ذلك استرداد وسائل الإنتاج من قبل المنتجين الماديّين/الثقافيّين الذين تمّ أخيراً الاعتراف بهم على ما هم عليه، وما ليس هم عليه حملة الأسهم: إنّ لـ"خالقي" الثروة الاجتماعية، بصفتهم هذه، حقاً يتعذّر دحضه في المشاركة بالقرارات الإدارية التي تتعلّق بحياتهم نفسها.

وفي مواجهة نظام يكلّفنا عجزه الواضح على تنظيم نفسه ثمناً باهظاً، يجب، إذا ما اقتدينا بماركس، المبادرة فوراً إلى تخطّي الرأسمالية، وتلك مسيرةٌ طويلة نحو تنظيمٍ اجتماعي آخر يتحكّم فيه البشر معاً، وفق أشكالٍ اتّحادية جديدة، بنفوذهم الاجتماعيّ الذي أُصيب بالجنون. كلّ ما تبقّى هو ذرٌّ للرماد في العيون، وبالتالي خيبة أملٍ مأساويّة موعودة.

يردّد الجميع أنّ ماركس، القويّ في مجال النقد، لا مصداقيّة له في مجال الحلول، فشيوعيّته التي "اختُبِرَت" في الشرق، قد فشلت فشلاً جذريّاً. كما لو أنّ الاشتراكية الستالينيّة البريجنيفيّة المرحومة، كان لها أيّ قاسمٍ مشترك حقيقي مع أهداف ماركس الشيوعية، التي لا يحاول أحد في الواقع الاستدلال على معناها الحقيقي، الذي يقع في الموقع المعاكس لما يضعه الرأي العام في خانة "الشيوعيّة". وفي الحقيقة، يرتسم أمام ناظرنا، بشكلٍ مختلفٍ كلّياً، ما يمكن أن يكون عليه، بالمعنى الماركسيّ الحقيقي، "تخطّي" الرأسمالية في القرن الواحد والعشرين [8].

لكنهم يوقفوننا عند هذه النقطة: السعي لخلق مجتمعٍ بديل هو وهمٌ قاتل، ذلك أنّه "لا يمكن أن نغيّر الإنسان". و"الإنسان" يعرفه الفكر الليبراليّ ويدرك ماهيّته: حيوانٌ يستمّد تكوينه الأساسي من جيناته وليس من العالم البشري، تحرّكه مصلحته الفردية فقط: "إنسانٌ اقتصاديّ" homo œconomicus [9]؛ وبالتالي، ليس هنالك أمامه سوى احتمال قيام مجتمعٍ من الملاّك الخاصّين يخوضون منافسة "حرّة وغير مغلوطة".

غير أنّ هذا التفكير أيضاً قد انهار. فما وراء الفشل الكبير لليبرالية الفعليّة يظهر في السرّ إفلاس الليبيرالية النظريّة و"إنسانها الاقتصادي" . إنّه لفشل مضاعف. على الصعيد العلميّ أولاً. ففي الوقت الذي يتخلّى فيه علم الأحياء عن شموليّة جينيّة ساذجة، تقفز إلى الواجهة غباوة فكرة "الطبيعة البشرية". فأين هي جينات الذكاء والوفاء أو المثليّة الجنسيّة التي كان يُجاهَر بها في الماضي؟ وأيّ عقلٍ مثقّف لا يزال قادراً أن يصدّق بأنّ التحرّش الجنسيّ بالأطفال يأتي من صفة متوارثة؟

فشلٌ أيضاً على الصعيد الأخلاقي. ذلك أنّ ما تتبنّاه منذ دهور عقيدة الفرد التنافسيّ، هو تربية مشينة تقول بأن "تتحوّلْ إلى قاتل"؛ وهذه تصفية مبرمَجة لأشكال التضامن الاجتماعي لا تقلّ مأساةً عن ذوبان الجليد القطبيّ؛ وهي تدميرٌ للحضارة على كافة الأصعدة عبر جنون المال السريع، يُفترَض أن يُخجِل كلّ من يتجرّأ على الإعلان عن "تهذيب الرأسمالية أخلاقيّاً". فتحت الغرق التاريخي الذي تغوص فيه ديكتاتوريّة المال ونحن معها أيضاً، هنالك أيضاً غرق الخطاب الليبيرالي عن "الإنسان".

وهنا أكثر ما نتفاجأ به في عصريّة ماركس. ذلك أنّ هذا الناقد المذهِل للاقتصاد هو أيضاً، وفق التوجّه نفسه، رائد ثورةٍ حقيقية في الأنتروبولوجيا. إنه بُعدٌ مجهولٌ تماماً من فكره لا يمكننا عرضه في عشرين سطراً. لكنّ أطروحته السادسة حول فيورباخ تلخّص ذهنيّته بجملتيْن: "الجوهر الإنساني ليس تجريداً لا يتجزّأ من الفرد إذا ما عزلناه. بل في حقيقته، إنّه مجموع العلاقات الاجتماعية". فعلى عكس ما يخيَّل لمذهب الفرديّة اليبيرالية، إنّ "الإنسان" الذي تطوّر عبر التاريخ، هو "عالم الإنسان". هنا مثلاً تتمحور اللغة وليس في التركيبة الجينيّة. هنا تستقي وظائفنا النفسيّة العليا مصدرها، كما برهنه، بشكلٍ رائع، هذا الماركسيّ الذي بقي مجهولاً لفترةٍ طويلة والذي كان أحد أكبر علماء النفس في القرن العشرين: ليف فيغوتسكي، الذي شقّ بذلك الطريق أمام رؤيةٍ مختلفة تماماً للفردية الإنسانية.

ماركس معاصرٌ وحتّى أكثر مما نتصوره؟ نعم، هذا إذا ما أردنا أن نجدّد الصورة التقليدية التي غالباً ما صنعناها عنه.


* فيلسوف. أصدر مؤخراً الجزء الثاني من كتاب Penser avec Marx aujourd’hui, intitulé L’homme ? (La Dispute, Paris).

[1] The Daily Telegraph, Londres, 14/10/2008.

[2] Le Magazine littéraire, n° 479, octobre 2008.

[3] Karl Marx, Les Luttes de classes en France, Ed. sociales, Paris, 1984, p. 84-85; cité dans L’international des riches, Manière de voir, n° 99, juin 2008.

[4] Karl Marx, Le Capital, Livre I, Editions sociales, 1983 ou PUF, 1993, p. 724.

[5] Le Capital, Livre I, p. 6.

[6] Manuscrits de 1844, « Le travail aliéné ».

[7] Christophe Dejours, Travail, usure mentale, Bayard, 2000 ; Actuel Marx, « Nouvelles aliénations ». n° 39, Paris, 2006.

[8] في كتابه Un futur présent : l’après-capitalisme (La Dispute, Paris, 2006)، يرسم جان سيف جدولاً مذهلاً لبوادر التخطّي هذه التي يمكن ملاحظتها في مجالات مختلفة جداً.

[9] Tony Andréani, Un être de raison – critique de l’homo œconomicus, Syllepse, Paris, 2000.

http://www.mondiploar.com/index.php3

عندما ينقلب السحر على الساحر! - 07/12/2008


د. دريد درغام (المدير العام للمصرف التجاري السوري) ـ يبدو أن تباشير غضب الاقتصاد السياسي عبر العواصف المالية خلال السنوات الماضية لم تكف لإعادة الكهنة إلى جادة الصواب، فجاء إعصار لم يشهد التاريخ بعنفه أو بطول مدته. اعتبرنا في مقالات السابقة الدولار السلاح الأكثر فتكاً، وتناولنا الأزمة العالمية الحالية كتهديدات وفرص في آن معاً. ونوهنا إلى أنه منذ الحرب العالمية الثانية لم يتجاوز العمر الفعلي لأي من الأزمات السابقة أياماً أو أسابع معدودة فقط. أما الأزمة الحالية فيبدو أنها سترافقنا لسنوات طويلة وتتطلب من الرأسمالية تحولاً جذرياً لأن النظام الاقتصادي الحالي أصبح أقرب للفوضى المزمنة. ولن تولد هذه الأزمة هتلر واحد كما حدث بعد أزمة 1929، بل ستتحفنا بما يكفي منهم لتحضير ورشة دمار كبرى تتناسب مع حجم الأزمة الحالية. يبدو أن ذاكرة الإنسان قصيرة وإلا كيف ينسى أن الفضل في ازدهار الرأسمالية في العقود الثلاثة التي تلت الحرب العالمية الثانية يعود للورشة التي نجمت عنها.
بين الميكروي والماكروي
مع زيادة البشر أجبر الإنسان على حساب اللهو على العمل تدجيناً وزراعة وتجارة وصناعة... وكلما اختل ميزان الموارد، كانت الطبيعة تتكفل حسب الظروف عبر الكوارث والأوبئة والحروب الموضعية بتجديد أو تبديل المواقع بين عبيد وأسياد! وبدل العودة إلى اللهو بفضل التقدم التقني وزيادة الإنتاج، فوجئ الإنسان باستعباد ومعاناة أكبر لصالح طبقة بمسميات مختلفة حسب العصور (الأعيان أو الإقطاع أو البورجوازيين أو الرأسماليين أو...). نفضل هنا تسميتهم الكهنة الذين دعوا لمنع اليد العاملة من الحركة ولكل حسب أسبابه: الاستعباد، القومية، الحد من الهجرة، عدم الانسجام مع متطلبات العمل... وركز الكهنة على هواجس الأمد القصير على حساب هواجس الأمد الطويل. وأصبحت الأسعار مقدسة ومنع تخفيضها (بمنع زيادة الإنتاج أحياناً)! متناسين أنه بوجود توازن ديمغرافي سيبقى التقدم التقني قاطرة الوصول إلى سلع مجانية تسمح تدريجياً بالعودة لطبيعة الإنسان اللاهية.
في ظل محدودية موارد الأرض هل يمكن لجميع البشر العيش بمستوى الدول المتقدمة؟
بالتأكيد لا لأن الدول المتقدمة لم تحقق هذا المستوى من البذخ إلا عبر:
شفط ادخار باقي دول العالم لتمويل الاستهلاك والاستثمار الباذخ
المبالغة في استنزاف الموارد الطبيعية على حساب توازن المناخ وتوازن استهلاك مختلف الشعوب لها.
واعتمد الأمريكيون في تنفيذ ذلك على الدولار كعملة ارتكاز شبه وحيدة طوال عقود وعملة تسعير تجنب مخاطر تقلبات أسعار القطع. ويفسر وضع الدولار تجمع السيولة والفوائض النقدية بهذه العملة العجيبة. وسمح تعويم العملات عام 1971 من الالتزام بتحويل الدولار إلى ذهب، وسمحت الأزمة الحالية باستخدام آليات السوق المالية والمصرفية لمحو الجزء الأكبر من احتياطات الدول النفطية والناشئة والسيولة المقرضة منها، فساهم ذلك في تخفيف ديون وأعباء الدول المتقدمة.
هل كنا فعلاً بحاجة لهذه الكارثة المالية والاقتصادية لإقناع الدول المتقدمة بضرورة إعادة النظر في المنظومة الرأسمالية الحالية وسياسة القطب الواحد؟ أم أن الأمور ستستمر إذا قبلت الدول النامية الناشئة فرض مصلحتها وتحقيق بعض المكاسب على حساب الدول النامية النائمة؟
سيؤدي الكساد الحالي إلى محاولات مستميتة من قبل الحكومات لخوض حرب تخفيض العملات والفوائد على أمل تنشيط الاقتصاد وزيادة الصادرات. وهو ما نشهده بين الدول المتقدمة منذ فترة متناسية أن الكساد سيستمر لفترة طويلة. وبما أن المصارف المركزية ووزراء المال قد استنفروا معاً عالمياً فلا بد وأن يقر الجميع بأن الكارثة قد حصلت. وهذا ما يدفعنا للتشكيك في أسباب تأخر المصارف المركزية والحكومات بالتدخل قبل وقوع الكارثة بسنوات. وإذا كان تدخل المصارف المركزية ووزارات المال لم يكف للحد من سلبيات الأزمة، فماذا بقي لنا من وسائل؟ وهل يعقل أن يستمر تخفيض الفوائد بحيث يصبح سالباً كما كان الحال في الدول المتخمة بالسيولة سابقاً؟
تلجأ الدول إلى سياسة الفائدة السالبة لتشجيع الاستثمار والاستهلاك إما عبر معدل تضخم أعلى من الفائدة الاسمية أو عبر فائدة اسمية سالبة إذا كان التضخم شبه معدوم! وتجدي هذه الإجراءات إذا كانت مرونة الطلب على مختلف أنواع السلع مقبولة. إلا أن هذه المرونة شبه انعدمت في الأزمة الحالية فإذا لم تنفع كل هذه الإجراءات وعمليات الضخ في آلة اقتصادية تعاني من كون التسريب منها أعلى من كمية الضخ الوارد إليها، ماذا يدخر العالم لنا من حلول في نهاية المطاف؟
نادت الدول المتقدمة طوال الوقت ومهما كانت الظروف بضرورة وضع سقف للنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي لكل من الدين العام (60%) والعجز المالي (3%). فهل ستكون كارثة تجاوز هذه السقوف أكبر من كارثة احترامها في ظل الأزمة الحالية. ماذا سيحدث إذا انعدم النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة؟ لا بل هل من مشكلة إذا كان سالباً؟
تحاول هذه الدول تصوير الأمر وكأنه كارثة، أين المشكلة في انخفاض النمو الاقتصادي؟ إذا تذكرنا العوامل التالية:
1. تعاني معظم الدول المتقدمة من تناقص عدد سكانها!
2. انخفضت القيمة الحقيقية لمعونات هذه الدول تجاه العالم الغافي!
3. انخفاض النمو يعني انخفاض الأرباح فلماذا لا يستغني البعض عن جزء من الأرباح المتراكمة سابقاً والمتوقعة لاحقاً بدلاً من انتظار مثل هذه الأعاصير المالية لتذهب بالأخضر واليابس وتبرر للمجموعة الهتلرية المحتملة عنفاً نحن في غنى عنه؟
4. سيتيح انخفاض النمو استراحة محارب لمراجعة في العمق لما حدث خلال السنوات الماضية وسيسمح بوضع قواعد جديدة للاقتصاد السياسي الجديد وهو أمر لا يمكن تحقيقه إذا استمر تثبيت النمو الاقتصادي هدفاً أسمى على باقي الأهداف الاجتماعية والسياسية.
بما أن التنشيط عبر تخفيض العملة والفائدة لا ينفع إلا لأهداف قصيرة أو متوسطة الأمد ولظروف ركود وطنية وليست عالمية، نخشى أن يكون تخفيض أسعار المواد الأولية هو الحل الوحيد. فكما يبدو لم يكف مصادرة فوائض الدول البازغة والنفطية، فالأسعار المرتفعة لتلك المواد تؤثر على تنافسية المنتجات التي تعتمد عليها.
توقعنا قبل أشهر تخفيض (وليس انخفاض) أسعار النفط إلى 50 رغم أن الشتاء قادم، وللأسف تحققت توقعاتنا، نتساءل الآن هل سيستمر بالانخفاض أم سيرتفع؟
عوامل التخفيض: سيزيد الإنتاج بسبب الاستثمارات الهائلة التي جرت في مجال النفط. ومع انخفاض السعر لن تتحقق الخطط الاستثمارية لدول النفط إلا بزيادة الإنتاج مما يعني مزيداً من التخفيض في السعر. ومن غير المحتمل تخفيض الخطط بأكثر من النصف لأن ذلك سيؤثر على مستوى العمالة والتنمية؛ ناهيك عن كون معظم العقود مرتبطة بشركات تابعة للدول المتقدمة التي تستطيع ممارسة الضغط اللازم بعدم التخلي عن تلك العقود. يضاف إلى كل ذلك مختلف الضغوط التي ستمارس من قبل الاقتصادات المتقدمة لمساعدتها في الخروج من مرحلة الركود وتأمين الدعم اللازم لإنعاش آلتها الاقتصادية المريضة. كل ذلك يعني مزيداً من التخفيض في الأسعار الذي سيجري بالأصل بسبب نقص الطلب الناجم عن حالة الركود الاقتصادي العالمي.
عوامل الارتفاع: قد ترتفع الأسعار بسبب تخفيض إنتاج الدول النفطيةعلى أمل أن يعوض ارتفاع السعر انخفاض الإنتاج. قد يؤدي انخفاض الأسعار لتجميد أو إلغاء العديد من مشاريع إنتاج أو تصفية النفط. وسيؤدي ذلك عند حدوثه إلى انهيار الإنتاج وبالتالي زيادة الأسعار. كان إنتاج الوقود الحيوي مقبول اقتصادياً واعتبر منافساً للنفط عندما تخط سعر البرميل السبعين دولاراً، سيؤدي انخفاض أسعار النفط إلى توقف إنتاج الوقود الحيوي في العديد من المناطق مما سيؤدي لانخفاض العرض وبالتالي زيادة الأسعار.
بين الانخفاض والارتفاع نحن نعتقد بأن الغلبة ستكون لقوة تخفيض السعر لأن الكلمة الأعلى ستكون للاقتصادات المتقدمة لأنه ولو تأثر لوبي النفط لديها ستعطى الغلبة لباقي القطاعات التي توفر فرص عمالة أكبر. ونعتقد بأن الأسعار ستستمر بالانخفاض معيدة أجواء الثمانينيات التي فرضت تخفيضاً غير مسبوق.
وسيكون حجم الدعم المقدم للدول المتقدمة عبر تخفيض أسعار النفط أكبر بكثير من حجم المبالغ التي تم ضخها حتى الآن. ويكفي أن نتذكر أن إنتاج 80 مليون برميل يومياً مع تخفيض سعر البرميل بحوالي 100 دولار، يكافئ دعماً بقيمة 8 مليار يومياً وبالتالي حوالي 3 تريليون سنوياً!
ومع الحديث المتصاعد عن ضرورة إنقاذ شركات صناعة السيارات الأمريكية نجد أنه مهما كانت المساعدات المقدمة لهذه الشركات فلن تكون خطة إنقاذ مضمونة إلا إذا استمرت أسعار النفط بالانخفاض لتجعل إمكانية الإقبال على مختلف الصناعات وخاصة السيارات ممكنة خلال الأعوام القادمة كما حدث منذ عشرين عاماً!
أسواق المال وبنية العقل العربي؟
بغض النظر عن البعد الجيوسياسي لارتباط دول النفط نقدياً ومالياً بالعالم المتقدم، نحاول فيما يلي التطرق إلى أسباب تعلق بعض المستثمرين بأسواق المال فقط!
يتم عادة تمويل الشركة بأحد الشكلين التاليين أو تنويعاتهما:
المساهمة في حقوق الملكية مقابل عوائد متغيرة. وتعكس رغبة بالمساهمة الطويلة الأمد على أمل زيادة العوائد تدريجياً مما يبرر المخاطرة برأس المال أو جزء منه.
القروض مقابل عوائد ثابتة يطلبها من لا يرغب بالمخاطرة (عادة مقابل ضمانات)
ويتقارب في الظروف الطبيعية وسطي هذه العوائد على الأمد الطويل. وإن تباينتا عادة يكون المساهم الذي خاطر بأمواله في بنية شركة حقيقية هو الرابح الأكبر وهذا أمر طبيعي.
مع تنامي العولمة المالية وأدواتها الجديدة منذ عشرات السنين نلاحظ ما يلي:
أصبح المستثمر في الأدوات المالية (أسهم، سندات وغيرها) أكثر ربحية من المستثمر الفعلي في البنية الاقتصادية. وهذا ما يبرر التحول المفاجئ للعديد من المصارف التقليدية إلى صيغ المرابحة نظراً لما وجدت فيها من أرباح استثنائية غير مسبوقة.
ولم يكن بإمكان الولايات المتحدة أن تجذب تلك الاستثمارات المالية الهائلة وتسوقها إلى مقصلتها الاقتصادية لولا توافر مجموعة من العوامل نضيفها إلى ما أوردناه في مقالنا السابق:
1. سمح التخلي عن معيار الذهب واعتماد عملة دولة وليس عملة عالمية إلى السماح لتلك الدولة طوال سنوات طويلة بالتمول من مدخرات الآخرين.
2. يمثل الاقتصاد الأمريكي 25% من الاقتصاد العالمي مما يبرر حجم الاستثمار الحالي، ولكنه في الوقت ذاته أكثر الاقتصادات انغلاقاً إذ أنه لا يتبادل مع الخارج أكثر من 15% من ناتجه المحلي الإجمالي. ومع ذلك فإن هذه النسبة من هذا الحجم كانت تمثل حجماً كبيراً بالنسبة للاقتصادات الأخرى خاصة الناشئة منها. ولكن مع التقدم الهائل للاقتصادات الناشئة (بالأخص الصين) أصبحت نسبة التبادل الأمريكي مع الخارج أقل من احتياطات الصين. وأدى ذلك إلى تسرب الشك حول قدرة الاقتصاد الأمريكي على استيعاب مزيد من الاستثمارات أخذا بالاعتبار أنه يستند بشكل كبير على عالم المال أكثر من الاقتصاد الحقيقي.
3. أعفي الاستثمار في الأدوات المالية من الضرائب ومنها الضريبة على القيمة المضافة؛ بينما فرضت على معظم أطياف الاقتصاد الحقيقي رغم أن أرباحه (نظرياً وحسب ما ادعته أسواق المال) أقل بكثير مما يفسر الهجرة المكثفة نحو الاستثمار بالأدوات المالية.
4. نظراً لتراكم الثروات النفطية وظهور الفوائض وارتفاع مستوى الدخل في الآونة الأخيرة بالاعتماد على الثروات النفطية حاول الكثيرون من سكان الدول النفطية العودة إلى مفهوم الإنسان "اللاهي". وعول هؤلاء على الأرباح المرتقبة من الاستثمار في أسواق المال دون جهد يذكر باستثناء الترحال من سهم لآخر دون بذل أي جهد حقيقي ودون فهم معمق لآليات عمل الأسواق المالية. وإلا كيف نفسر قبول بعضهم سواءً بالاعتماد على العلم أو الفقه بأن استثماراً ما يمكن أن يحقق ربحاً يزيد عن 150% خلال أقل من عام ونصف (انظر الشكل أدناه)؟
وزاد من تشجيع الناس على الاستثمار بهذه الأدوات إضفاء صفة المرابحة والصيرفة الإسلامية عليها. ولكن لم ينتبه الجميع إلى أن هذا النوع من المضاربات والمرابحات التي تجري خلال وقت قصير جداً أدت إلى نسف مبرراتها الشرعية لأنها أصبحت تحمل طابع المقامرة وأصبحت عوائدها أحياناً أعلى من الربا ذاته. كما أنها نسفت مبادئ الاقتصاد والتجارة التي تفترض زيادة المخاطر عند الانتقال في الميزانية من الالتزامات القصيرة الأمد في طرف الميزانية إلى الالتزامات الطويلة الأمد في الطرف الآخر. ففي المساهمة بحقوق الملكية نجد أن أصحاب الشركة يخاطرون فعلياً لأن الانسحاب لا يتم إلا عند تصفية الشركة طواعية أو بالإفلاس أوعند وجود استثناءات تستدعي التخلي عن الاستثمار على الأمد المتوسط على الأقل في الظروف العادية. في هذه الحالات نجد مرابحة حقيقية تحتمل الربح والخسارة. ابتكرت في السنوات الأخيرة أدوات وصفت بالإسلامية، وتميزت بأمدها القصير حيث أصبحت عمليات البيع تجري بعد ثواني أو دقائق من عمليات الشراء. أدى كل ذلك إلى تشويه الميزانية بحيث أصبحت المساهمة المتميزة بالاستقرار شديدة القلق ومدتها قصيرة جداً بحيث قلبت مصطلحات الميزانية رأساً على عقب!
5. لأسباب غير مفهومة، ورغم استحواذها على فوائض مالية ضخمة، ورغم تواجد أسواق مالية "منظمة" و"متقدمة" لديها، لم تنجح الدول النفطية إلا باستثمار جزء ضئيل من سيولتها داخل اقتصاداتها الوطنية. فقد فشلت كما يبدو باستدراج شركات حقيقية خارج الحقل النفطي أو المصرفي للعمل فيها أو في البلدان المجاورة لها مما قد يؤمن لها إشرافاً أفضل على فعالياتها وعلى حساباتها. ولو فعلت لساعدها ذلك في تأمين مستقبل أفضل للعمالة الوطنية وتخفيف هجرة عمالة البلدان المجاورة إليها. فكانت النتيجة هجرة معظم الرساميل والفوائض إلى الشركات والأسواق "الناضجة" في الاقتصادات والبورصات المتقدمة رغم أنها مشبعة سلفاً بالسيولة. فكانت النتيجة انخفاض مقصود للفوائد المصرفية (انظر الشكل أدناه) ودفع باتجاه الاستثمار بالأدوات الخطرة مثل الأسهم والمشتقات وخلافها. ومع انفجار الفقاعة وجدنا أنه بدلاً من الحصول على عوائد أكبر، تعرض كل من الصناديق السيادية و المستثمرين المباشرين إلى خسارة فادحة في رؤوس أموالهم المستثمرة.
قلب مفاهيم العجز: الدول الفقيرة تستجدي المعونات والغنية تجبرها على إقراضها
يعلم الجميع أن الدول الفقيرة مصابة بالعجز ونظراً لرفض تقديم القروض لها لتمويل بقاء شعبها على قيد الحياة فإنها تستجدي المعونات. والغريب أن الولايات المتحدة واقعة بعجز بنيوي مشابه للدول الفقيرة لأن الشعب الأمريكي يعيش منذ سنوات طويلة بأعلى مما تسمح به مدخراته، وبما أن عنفوانه يمنعه من الاستجداء وبما أن لديه سلاح بريتون وودز فإنه يفرض على الجميع قبول عملته وتقديم الدعم المالي اللازم له بها معتمداً مع انهيار كل فقاعة مالية على التخلص من جزء كبير من الدين بدلاً من البحث عن طرق لتمويل الفوائد والأقساط. والغريب أن الجميع يجد بسبب بريتون وودز أنه من حق دولة تخفيض معدلات الفائدة فيها حتى تكاد تنعدم وتسمح بتخفيض قيمة عملتها متناسية أن دولاً استثمرت في هذه العملة الاحتياطات النقدية التي أمضت في جمعها عشرات السنين. فبأي حق تقوم هذه الدولة بتخفيض العوائد ونسف ربع قيمة الاحتياطات المستثمرة بعملتها ناهيك عن نسف الجزء الأكبر في حركة الإفلاسات الأخيرة.
بناءً على ما تقدم ونظراً لبوادر الأزمة الاقتصادية وعبء الديون، لجأت القوى الخفية إلى أسلوبين لدعم نموها وتخفيف ديونها:
a. رفعت أسعار النفط والمواد الأولية (بحجة كثافة الطلب من الأسواق الناشئة مثل الصين وغيرها) لتبرير رفع أسعار المواد الصناعية إلى العتبة المطلوبة. وبفضل ذات القوى (انظر المخطط أدناه) تم تخفيض النفط والمواد الأولية مع الاحتفاظ بأسعار المواد المصنعة أو تخفيضها قليلاً جداً. فسمح ذلك بأكبر دعم مباشر من دول النامية النائمة إلى الدول الصناعية المتقدمة.
NYMEX Crude Oil
b. تبخرت الفوائض إما بانخفاض قيم الأسهم أو بإعلان إفلاس الشركات من خلال لعبة السوق المالية تم تبرير نسف الجزء الأكبر من الفوائض التي كانت تشكل عبئاً حقيقياً على الدول المتقدمة نأخذ كمثال على ذلك مشاركة عدة دول في شركتي Fannie Mae و Freddie Mac:(حسب لومند دبلوماتيك النسخة العربية العدد 34 ص 13):
الصين 396 مليار دولار
اليابان 228 مليار دولار
روسيا 75 مليار دولار
كوريا الجنوبية 63 مليار دولار
تايوان 55 مليار دولار
وقد تبخرت الفوائض إما بانخفاض قيم الأسهم أو بإعلان إفلاس الشركات
يبقى المعيار هو الاقتصاد الحقيقي
عرضت الصحافة العالمية الجشع وغياب الرقابة ودور الدولة وغيرها أسباباً محتملة للأزمة الحالية. وباتت الدول المتقدمة لأول مرة عالمياً متهماً أساسياً في قيادة العالم نحو أكبر كارثة اقتصادية. من جهتنا ندعو إلى مراجعة لمقدمات عالم الاقتصاد السياسي وبعض الظواهر التي تم تجاهلها ومن أهمها مفهوم الأسعار ومزاحمة الاستثمار المالي للحقيقي. سنناقش في مقال لاحق مفهوم الأسعار ورفض الكهنة الاعتراف بأنه مثلما تنتقل بعض المواد من طيف المجاني إلى المسعر (مواقف السيارات، الماء القابل للشرب...) فإن التقدم التقني قد يسمح أحياناً بنقل بعض السلع إلى طيف المجاني من جديد. أما في هذا المقال فنحاول طرح مقترح حول ضبط مزاحمة الاستثمار المالي للحقيقي على امل التوسع بذلك في مقال لاحق.
مهما تزايدت الكتلة النقدية بسبب إصدار المصارف للنقود يبقى وجهها الآخر إما استهلاكاً أو استثماراً. ومهما حدث فعلى الأمد الطويل، من غير الطبيعي أن يكون الربح في عالم المال أعلى من الربح في العالم الاقتصادي الحقيقي. ومهما طرحت الهندسة المالية وصناعة المصارف والبورصات من أدوات ومنتجات تدعي بأن أرباحها ناجمة عن عالم مستقل، إلا أنها في النهاية مرتبطة بشكل أو بآخر بالعالم الحقيقي. لذا لا يمكن الاستمرار بجمع الفوائض المالية للدول الأخرى لحرقها في مدفأة قصور المال الباردة في الدول المتقدمة. فمهما طال الأمر لا بد من وجود تصحيحات تلقائية كان آخرها ما حدث في مختلف المؤشرات خلال السنة المنصرمة.
CAC NIKKEI
FTSE DOW
لقد عادت الأسعار قسراً إلى ما كانت عليه قبل سنوات بعيدة وكان التصحيح أليماً لدرجة ستعيد النظر بأسس الرأسمالية وكيفية تطور المجتمعات وفق التصنيف التقليدي بين القطاعات الزراعية والصناعية والخدمات.
وسيحدث الألم الأكبر في القطاع الزراعي الذي تم هجره أو إهماله أو تدمير بنيته (من خلال الإنتاج الجائر عبر وسائل تهتم بالربح بشكل رئيسي). فقد اعتبر الكثيرون أن التطور يتعلق بانتقال الأمم من القطاع الزراعي إلى الصناعي فقطاع الخدمات. وحاولت بعض المجتمعات القفز السريع نحو قطاع الخدمات نظراً لما يمثله من بذخ ومظاهر حضارية سطحية. ولو راجعنا في الآونة الأخيرة التقلبات التي حدثت في أرباح المنتجات الزراعية لوجدنا أن وسطي هذه الأرباح يتجاوز وسطي الأرباح المحققة في الأدوات المالية، فهل من صدى لهذه الدعوة للعودة إلى الاقتصاد الحقيقي بدلاً من المالي الافتراضي؟
لا بد من العودة إلى أحد الأركان الأساسية للأمن القومي وهو الأمن الغذائي. وانتبه عدد قليل من الدول النامية لهذه الحقيقة ومنها سورية التي أعارت هذا الميدان أولوية منذ حوالي عشرين عاماً. ونعتقد أن فوائض الدول العربية (التي تبخر معظمها في الأزمة الحالية) لو استثمر جزء يسير منها في المجال الزراعي والمائي واللوجستيكي بين بلاد الشام والجزيرة العربية لحققنا على الأقل ما يلي:
1. ضمان استقرار الاحتياجات الأساسية لشعوب المنطقة من الغذاء على الأقل
2. ضمان مصادر دخل أكثر استقراراً من أية استثمارات أخرى
3. ضمان فرص يد عاملة أكبر بكثير من المتاح الحالي
4. بناء خطوط لوجستيكية لجميع أنواع التشبيك الاتصالاتي والمواصلاتي بين بحر العرب والخليج من جهة والبحر المتوسط وأوروبا من الجهة الأخرى مما سيسمح بتنمية متوازنة وتحقيق آفاق أرحب من الأرباح الجديدة بما فيها زيادة حركة الترانزيت فضلاً عنى مضاعفة السياحة الدينية تجاه الأماكن المقدسة في مختلف هذه البلدان
5. تأمين مصادرامتصاص أفضل لجميع أنواع الصدمات فضلاً عن ان مثل هذه البنية سيعطي أوراقاً تفاوضية أكبر في أية مفاوضات مستقبلية على أشكال الاقتصاد الجديد أو الممكن تحقيقه.
مقترحات
الأزمة تحمل أبعاداً جيوسياسية أكثر منها اقتصادية تستدعي إعادة النظر بالمنظومات الحالية التي تقود العالم. بغض النظر عن عدم وجود أرض تتمتع باستقلال دولي تتواجد عليها المنظمات الدولية، وتحكم الولايات المتحدة بتأشيرات الدخول للمدعوين لاجتماعات هذه المنظمات، نذكر بأن مجلس الأمن يركز على البعد السياسي بينما يهتم بالبعد الاقتصادي والاجتماعي ثالوث البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية في إطار من السياسات التفضيلية لصالح الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة. كما أن هذه المنظمات تمارس أحياناً سياسة التصدق بالمعونات والمساعدات وشيء من النصح والإرشاد لمن استيقظ قليلاً (برأيهم) من الدول النائمة. وكل ذلك يدفعنا للبحث عن آفاق وملامح مقترحات جديدة نأمل أن تكون أكثر ملاءمة لتنمية عالمية مستدامة لا تعاني من خلل بنيوي في توازنها سواءً ما بين الدول أو عبر الزمن أو ما بين القطاعات المالية والاقتصادية. ونركز على الآتي:
a. أهمية رسم ضوابط لمزاحمة عالم المال لعالم الاقتصاد الحقيقي من خلال:
وضع سقف للأرباح التي يمكن تحقيقها في السوق الثانوية من عالم المال بحيث لا يتجاوز وسطي أرباح سهم سقفاً ما مرتبطاً بوسطي الأرباح الحقيقية للشركة التي طرحته مسبقاً في السوق الأولية (أو وسطي أرباح القطاع الذي تنتمي إليه). ويمكن أن يحدد الارتباط بنسبة تجعل عالم المال يحقق ربحاً أعلى أو أقل بقليل من وسطي الاستثمار الحقيقي حسب رغبة المشرع أو الدولة في تشجيع مدروس لنمو السوق الثانوية أو الأولية. وبذلك نجد أن هناك انسجام بين أرباح من غامر بملكية الأسهم في السوق الأولية معولاً على ربح الشركة الفعلي، وذلك الذي يرغب بامتلاكها من مستثمر احتاج سيولة فلجأ إلى السوق الثانوية. بهذه الطريقة تصبح الأسواق المالية أقل جنوناً وأكثر انضباطاً وأكثر صلابة ومقاومة في وجه المضاربين. والأهم أن الاستثمار يعود إلى حقيقته من حيث عدم السماح لمدخري الأموال باللجوء إلى أساليب أقرب للقمار في زيادة ثرواتهم واستثمارها في عالم المال الذي مهما زادت أرباحه وحجومه فإنه يعود لينسجم مع عالم الحقيقة. وهذا ما يجعل من عملة التناغم بين الاستثمارات الحقيقية والمتالية وسيلة للحد من إمكانية حدوث مثل الأزمات الحالية. كما أن ذلك يساعد في تنقية أوضاع المساهمات في أوراق مالية تجعل الأرباح أقرب للمقامرة منها إلى ربح يستند إلى استثمار حقيقي.
عندما يكون الاستثمار لثواني أو حتى لأيام لا يمكن أن يكون المستفيد إلا مضارباً! ومهما كانت الظروف يجب وضع حد أدنى (عدة أسابيع أو أشهر) لمدة احتفاظ مشتر جديد لسهم أو سند عن طريق السوق الثانوية. وبهذه الطريقة يصبح مفهوم المضاربات المدمرة أقل حدة وخطورة على التنمية المستدامة.
b. ضمن تقلبات أسعار العملات العالمية واندفاع دولها لحرب التخفيضات للوصول إلى دعم صادراتها، نجد أن السبيل الأفضل لحماية جزء من الاحتياطي المتوفر (حال عدم الحاجة لاستثمار ذلك الجزء في الأمد القصير) يكمن في بتحويله إلى سبائك ذهبية عندما يكون السعر مقبولاً بناءً على تقلباته السابقة. فالذهب مهما كانت تقلباته فإنها كما يبدو من الشكل أدناه أضمن للدول من تقلبات العملات الهائلة في السنوات الماضية.
c. في ظل الضبابية الحالية ووضوح الأزمة الغذائية العالمية ورغبة الدول الصناعية بالمحافظة على التضخيم الذي حدث على قيمها المضافة في المواد المصنعة، لا بد من التمعن بحذر في النصائح الحالية لكبار الساسة والاقتصاديين في الدول المتقدمة. فقد امتنعت عن تخفيض أسعارها أسوة بمنتجات الدول الفقيرة من المواد الأولية، ويسعى البعض لإقناع الجميع بإنفاق الاحتياطات (حتى في مجال الكماليات) لدعم الاستهلاك والاستثمار المتراخيين وتشجيع النمو وتجنب الأزمة الاقتصادية الأكبر على حد زعمهم. ولكن استنزاف احتياطات أمضت بعض الأمم عشرات السنين في تجميعها يعني خطر محققاً على الاستقرار الأمني والاجتماعي فيها، وقد يفتح ذلك أبواب البلدان النامية على مصراعيه لتحقيق شريعة الغاب (انظر مقالنا "ملتسة الاقتصاد" المنشور في نيسان على موقع syriasteps.com). وهنا تأتي أهمية سياسات التريث في الإنفاق لأن العالم يعيش أجواء أزمة أشنع من كساد 1929. وستساهم سياسات التروي في الإنفاق أو هدر الاحتياطات في التحضير للسنوات العجاف القادمة. والعبرة في التجربة القاسية لثمانينيات القرن الماضي التي عانت منها بلدان نامية عديدة. ويخشى استنزاف الاحتياطات على مختلف السلع بما فيها الكمالية بسبب:
انخداع البلدان النامية بانخفاض الأسعار الناجم عن الكساد مما سيغريها لفترة بعدم اللجوء إلى سياسات تقشفية. وقد تستمر بهذا السلوك لأسباب عديدة منها:
o رغم العجز اعتقادها بوجود فائض في الميزان التجاري متناسية وجود القطاع غير المنظم أو أجواء التهرب الضريبي (تخفي الفواتير التجارية المخفضة القيم الفعلية للاستيراد الحقيقي).
o وهم استمرار توافر الموارد أو انخفاض الأسعار.
o ضغط الدول المتقدمة المأزومة حالياً لزيادة الاستهلاك والاستثمار.
في مرحلة لاحقة سيزيد استنزاف الاحتياطات بسبب ارتفاع الأسعار والتقشف بالإكراه (إما لنضوب الموارد أو الاحتياطات) أو حصر المستوردات بالسلع الأساسية وتقنينها.
d. بما أنه لم يعد الدول النفطية من الموارد ما يكفي لتأمين الزخم الاقتصادي الذي كان يسود لديها، ستؤدي الأزمة الحالية وانخفاض أسعار النفط إلى امتناعها عن تقديم المساعدات أو القروض الميسرة أو على الأقل ستقوم بتخفيضها بشكل كبير لديها. وسيزيد الطين بلة الزيادة الكبيرة التي نتوقعها على أسعار المواد الأولية.
e. بما أن الأزمة عالمية فلا يمكن للحل إلا أن يكون شمولياً مع التركيز على القطاع الزراعي مقارنة بالقطاعات الأخرى. وتدل الأزمة الحالية والتقلبات المناخية والارتفاع المتوقع لأسعار المواد الغذائية على أن الرهان القادم سيكون على المحاصيل الزراعية كوقود حيوي للإنسان كما كان الوضع منذ الأزل بدلاً من أن يكون وقوداً للسيارات.
f. بغض النظر عن الظروف الحالية لا نعتقد بأن فصل السلطة النقدية عن المالية والضريبية أمراً محبذاً. ومهما نضجت تجارب المؤسساتية في بعض الدول ومهما اجترحت لشعوبها نماذج تنمية اقتصادية مستدامة لعقد من الزمن أو أكثر، يبدو أن الحاجة كبيرة للتنسيق اللصيق بين المصرف المركزي ووزارة المال وبالأخص في الدول النامية.
في الختام لا بد من التذكير بأنها دعوة مفتوحة للحوار في كنه وعمق هذه الأزمة العالمية وما يمكن أن يستفاد من هذه النقاشات على صعيد كل دولة أو اقتصاد حسب الخصوصية المتعلقة بكل منها.

كلنا شركاء

الرأسمالية بالأرقام: « الفقراء يزدادون فقراً »! -

الرأسمالية بالأرقام: « الفقراء يزدادون فقراً »! - 06/12/2008

1000.000.000 نسمة: هو عدد الجوعى في العالم، وانضم إليهم 75 مليوناً بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود أخيراً، وهذه الزيادة في أعداد الجوعى قابلتها زيادة هائلة في ثروات الأثرياء، إذ يكشف تقرير الثراء العالمي لشركة «ميريل لينش» أن ارتفاع قيمة الأسهم في الأسواق زاد أثرياء العالم ثراءً بنسبة 9.4 في المئة ليبلغ مجموع أموالهم 40.7 تريليون دولار في عام 2007. وقد ازداد عدد الأثرياء في العالم بنسبة 6 في المئة في عام 2007 ليصل إلى 10.1 ملايين شخص، ولأول مرة في تاريخ التقرير (12 سنة)، تجاوز متوسط قيمة الثروات الفردية عتبة أربعة ملايين دولار. وعلى صعيد المناطق الجغرافية لا تزال أميركا الشمالية تحتكر القسم الأعظم من الثروات وعدد المليونيرات، حيث يوجد فيها 3.3 ملايين مليونير يملكون نحو 11.7 تريليون دولار. تليها في المركز الثاني أوروبا بعدد مليونيرات بلغ 3.1 ملايين تقدّر ثرواتهم بنحو 10.6 تريليونات دولار.
4 أضعاف
هو معدّل ارتفاع قيمة الأصول المالية (الأسهم والسندات والودائع المصرفية)، من 43 تريليون دولار عام 1990 (منذ انهيار المنظومة الاشتراكية) إلى 167 تريليون دولار عام 2006، وهو ما يعبّر عن الانتفاخ المالي الذي فاق كثيراً معدل نمو الاقتصاد الحقيقي، والمهم أن 75 في المئة من هذه الأصول تركّزت لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة العملة الأوروبية واليابان، فيما لم تتجاوز حصة الصين 5 في المئة، وتوزّعت الحصّة الباقية (20 %) على جميع الأسواق الأخرى في العالم، وتجدر الإشارة إلى أن قيمة رؤوس أموال الأسواق المالية في العالم، تضخّمت من 9,4 تريليونات عام 1990 إلى 54,2 تريليون دولار عام 2007، أي إنها أصبحت أكبر بستة أضعاف، وتقدّر الخسارة العالمية التقريبية في قيم الأسهم، بين كانون الثاني ــ أيلول عام 2008 بحوالى 10 تريليونات دولار، فيما الخسارة في شهر تشرين الأول وحده تجاوزت هذه القيمة.
20.000.000 شخص
سينضمون إلى دائرة الفقر كلما انخفض معدل النمو 1 في المئة، ومن المتوقع أن ينخفض معدل نمو البلدان النامية إلى 4.5 في المئة مقارنةً بـ6.5 في المئة كانت مقدّرة سابقاً، وسينخفض معدل نمو التحويلات (وهو مصدر أساسي للأسر في الدول الفقيرة) من 6.7 في المئة في هذا العام إلى 0.9 في المئة عام 2009، علماً أن حوالى 200 مليون مهاجر في أنحاء العالم حوّلوا إلى بلدانهم حوالى 283 مليار دولار العام الجاري، في مقابل 265 مليار دولار عام 2007.
2300 %
هي نسبة ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر (الاستثمار في الشركات والأصول من دون الأسهم) من حوالى 80 مليار دولار عام 1985 إلى 1833 مليار دولار عام 2007، منها 1248 مليار دولار (أي أكثر من 68 %) في البلدان الغنية، فيما لم تتجاوز حصة البلدان النامية 500 مليار دولار، وحصة أفريقيا 53 مليار دولار... والأنكى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المتجهة من البلدان النامية إلى البلدان الغنية بلغت 253 مليار دولار عام 2007.
3 تريليونات دولار
هي تقديرات جوزف ستغليتز لكلفة الحروب الأميركية الأخيرة، وهذا تتطلب تمويلاً عبر خلق النقود (الدولار) ما أدى إلى رفع قيمة العجز في الميزانية الأميركية إلى 800 مليار دولار، وذكرت صحيفة «يو إس إيه توداي» ، أنه إذا استخدمت الولايات المتحدة معايير محاسبية شفّافة، فإن دين الولايات المتحدة سيبلغ أكثر من 59 تريليون دولار... وتُعدّ الهيمنة الأميركية على العالم فرصة كبيرة للمزيد من الإنفاق (أي الديون) ولمزيد من الأرباح البنكية ولمزيد من تضخم الدولار، أي إن جميع مستخدمي الدولار في جميع أنحاء العالم هم في حقيقة الأمر المموّلون الحقيقيون للهيمنة الأميركية... ففي النظام النقدي القائم لا يجري خلق النقود إلّا إذا اقترضها أحدهم، ونحن جميعاً نتعامل بنقود محملة بديون تدفع عنها فوائد... ولكن لم يحدث في التاريخ أن أصبح رأس المال يولّد المزيد من نفسه دون أي رابط بالإنتاج، أو أي التزام بنظام اجتماعي، وقد ارتفعت الديون الخارجية في العالم الثالث من 1951.4 مليار دولار عام 1995 إلى 2983.7 مليار دولار عام 2006، كما وفرت المدخرات الآسيوية أكثر المبالغ اللازمة للإنفاق غير المقيّد في البلدان الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، فقد تراكم ما يزيد على 4 تريليونات دولار من الأرصدة الاحتياطية الدولية لدى بلدان غرب آسيا المصدّرة للنفط، وكذلك لدى بلدان شرق آسيا، وفي الوقت نفسه كان هناك أكثر من 3 تريليونات دولار تملكها جهات أجنبية موظّفة في الأوراق المالية لدى خزانة الولايات المتحدة والوكالات الحكومية الأميركية، بحسب إحصاءات وزارة الخزانة الأميركية عام 2007.
268 مليار دولار
هي قيمة الإعانات المالية الزراعية المقدمة في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي عام 2006، فيما كل المساعدات الإنمائية الرسمية (المعونة الأجنبية) المقدّمة إلى الدول الفقيرة لم تتجاوز 103.7 مليارات دولار عام 2007.
124%
زادت أسعار المنازل بين أعوام 1997ـــــ2006، واستخدم بعض ملاّك المنازل في الولايات المتحدة هذه الزيادة للحصول على قروض جديدة لاستخدامها في شراء السلع الاستهلاكية، فزادت الديون الشخصية بنسبة 130% خلال عام 2007 فقط، في مقابل زيادة قدرها 100% في العقد السابق بأكمله. وقد بلغت قيمة مشتقات الرهون العقارية في كانون الثاني من عام 2007 أكثر من 6.5 تريليونات دولار (يبلغ حجم سوق الرهن العقاري في أميركا 12 تريليون دولار)، وهو تقريباً نصف الإنتاج القومي السنوي الكلّي للاتحاد الأوروبي... وأقحم الاحتياطي الفدرالي الأسر الأميركية في دوامة الاستهلاك عبر خفض الفوائد، فتضاعفت ديونها خلال ثلاثة عقود أكثر من عشرين مرة لتصل إلى 14 تريليوناً تقريباً. وقد فعلت الحكومة الأميركية الشيء نفسه، فموّلت توسّعها في الإنفاق على التسلّح بالاستدانة، من دون أي زيادة في الضرائب حتى لا يخدش ذلك النقاء الإيديولوجي لليبرالية الجديدة.
48 % فقط
هي نسبة تنامى الناتج المحلي الإجمالي العالمي (الإنتاج الاقتصادي بأسعار 2005) من 39,4 تريليون دولار عام 1995 إلى 58,6 تريليون دولار عام 2006، علماً أن 59 في المئة من هذا الإنتاج كان من حصة البلدان المتقدمة، في مقابل 14 في المئة حصة منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، والباقي (27 %) لبقية العالم.
500 مليار دولار
وفقاً لتقديرات البنك الدولي، يمكن أن ينخفض صافي تدفقات رؤوس الأموال الخاصة إلى البلدان النامية من حوالى تريليون دولار عام 2007 إلى نصف مستواه تقريباً في عام 2009.
1.3 %
هي تقديرات دائرة البحوث العالمية في ميريل لينش لمعدّل النمو الاقتصادي العالمي في عام 2009، بالمقارنة مع 3.2 في المئة في عام 2008. وهذا المستوى من النمو سيعادل نصف واحد في المئة أدنى من متوسط السنوات الأربع الماضية. وتقول هذه المؤسسة إن الادّخار في الأسواق الناشئة لن يموّل فائض الاستهلاك في الولايات المتحدة، ولذلك من المتوقع أن يتهاوى النمو العالمي إلى أدنى مستوى بلغه منذ 1982 قبل أن يستأنف ارتفاعه في 2010.
30 %
هي نسبة مساهمة المشتقات المالية المسمومة في تكوين الأرباح في الولايات المتحدة الأميركية. وهذا مؤشّر مهم على تنامي دور هذه المشتقات في زيادة تمركز الاقتصاد الأميركي (ومعه الاقتصاد الرأسمالي ككل) حول الأسواق المالية. بل إنّ النمو المحقق خلال ولايتي جورج بوش يعود إلى الفقاعة العقارية وتقنيات الشعوذة المحاسبية في إعادة تقويم الأصول المتداولة في البورصات بأعلى من قيمتها الفعليّة. وبحسب بعض المحللين، فإن إعادة احتساب الأرباح، بعد حسم المخاطر الحقيقية، ستؤدي إلى نتيجة لا يكون فيها الاقتصاد الأميركي قد سجّل أي نمو طوال تلك الفترة.
86 دولة فقيرة
هو عدد الدول التي بات يضمّها «نادي الفقراء». إذ ارتفع عددها من 25 دولة في عام 1971 إلى 48 دولة في عام 1999، وصولاً إلى 86 دولة الآن. فقد تزامن انتصار الليبرالية الاقتصادية في العالم مع ارتفاع مطّرد في عدد الفقراء والجوعى. وفي هذا الإطار، تبرز عدة مظاهر تشير إلى الهوة الشاسعة بين المجتمعات من جهة، وداخل المجتمعات من جهة أخرى. إذ يقلّ الناتج المحلّي الإجمالي لأفقر 48 دولة (أي ربع بلدان العالم) عن الثروة التي جمعها أغنى ثلاثة أشخاص في العالم، فيما مجموع ثروة أغنى 200 شخص في العالم بلغ تريليون دولار عام 1999، ومجموع المداخيل المشتركة لنحو 582 مليون شخص في الـ43 دولة الأقل تطوراً بلغ 146 مليار دولار. كما أن هناك مليار شخص دخلوا في القرن الواحد والعشرين وهم غير قادرين على القراءة أو توقيع أسمائهم.
ويعيش اليوم 1.3 مليار شخص بأقل من دولار في اليوم و3 مليارات شخص بأقل من دولارين. وهناك 1.3 مليار شخص لا يصل إليهم الماء النظيف و3 مليارات لا تصل إليهم خدمات المجاري وملياران لا تصل إليهم الكهرباء. ويوجد في المجتمعات النامية 800 مليون شخص لا يحصلون على الطعام الذي يكفيهم، بينما هناك 500 مليون يعانون، بصورة مزمنة، سوء التغذية و17 مليوناً يموتون كل عام من أمراض لا شفاء منها.
وتشير تقارير التنمية البشرية إلى أنه في الفترة من عام 1970 إلى عام 1997 تراجعت أعداد الجوعى في العالم نحو سبعين مليون نسمة لتصل إلى قرابة 790 مليون شخص نتيجة للتقدم الكبير الذي أحرزته الصين والهند في خفض نسبة من يعانون سوء التغذية. بيد أن النصف الثاني من عقد التسعينيات شهد ارتفاع أعداد الجوعى في البلدان النامية بمعدل أربعة ملايين شخص سنوياً. إذ ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون سوء التغذية في العالم، وفقاً لإحصاءات 2006، إلى نحو 854 مليوناً، معظمهم في البلدان النامية (بزيادة مليونين على إحصاءات عام 2005).
800 مليار دولار
هو العجز التجاري للولايات المتحدة، ما يعني أن مقولة أن العالم ينتج وأميركا تستهلك أصبحت متجذّرة... وهذا ينطبق أيضاً على منطقة الاتحاد الأوروبي، التي سجّلت عجزاً تجارياً بقيمة 200 مليار دولار، فيما جمعت الصين فائضاً تجاريا يبلغ 200 مليار دولار.
27.000.000 شخص
يعانون العبودية على الرغم من نبذها قبل 200 عام، وقد حذّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أن الأزمة المالية العالمية الراهنة يمكن أن تزيد من تفاقم هذا الظاهرة، ولا سيما أن ارتفاع أسعار الأغذية في أوائل عام 2008 أدى إلى انضمام 75 مليون نسمة إضافية إلى دائرة الفقر، وفقاً لما أعلنته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).
3.3 تريليونات دولار
هي قيمة الأموال التي أُنفقت في التصدي للأزمة المالية الحالية في البلدان المتقدمة، مقارنةً بـ 103.7 مليارات دولار مجموع تدفقات المساعدات الإنمائية الرسمية، وتجدر الإشارة إلى أن الموارد العامة كانت تمثّل 70 في المئة تقريباً من تدفقات الموارد من الشمال إلى الجنوب في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، فيما مثّلت الموارد الخاصة 30 في المئة، إلا أن الاستثمار الخاص في الأسواق الناشئة وفي العالم النامي زاد أثناء مرحلة العولمة في التسعينيات، فيما مستويات المساعدة الإنمائية الرسمية ظلت على حالها. وفي أقل من عقد واحد من الزمن، انعكست النسبة فأصبحت 30 في المئة من القطاع العام في مقابل 70 في المئة من القطاع الخاص... وبينما كانت البلدان المانحة، بزعامة الولايات المتحدة، تقوم باستثمار 0,5 في المئة من دخلها القومي في مجال المعونة، تراجعت هذه النسبة في بداية القرن الواحد والعشرين إلى 0,2 في المئة فقط... وتقول الأمم المتحدة إن هذا التطوّر ترافق مع تراجع حاد في مستوى الخدمات الأساسية في البلدان الفقيرة، إلا أن الدراسات المستقلة ترى أن هذه المعونات تنطوي على مخاطر كبيرة في الأصل، إذ إنها مشروطة وتقضي بقيام البلدان المستفيدة بإنفاق الأموال ذات الصلة على سلع وخدمات من البلد المانح. ومع ذلك، فإن هذه الممارسة لا تزال قائمة، وجرى الإقرار بذلك في المنتدى الرفيع المستوى المعني بفعالية المعونة، الذي عقد في أكرا، غانا، في عام 2008 ونظّمته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي... وهناك طرق أخرى لتحريف أهداف المساعدة الإنمائية الرسمية، منها الإفراط في فرض الشروط بذريعة مكافحة الفساد أو إساءة الاستخدام، إلّا أن هذه الشروط ليست إلا وسيلة لإملاء السياسات الوطنية. وقد اتضح من المحادثات الحكومية التمهيدية التي سبقت مؤتمر الدوحة الأخير وجود مساندة للمبدأ الذي يقضي بوجوب تحديد الاستراتيجيات الإنمائية داخل كل بلد، لا استجابةً لإملاءات خارجية.
الاخبار

samedi 6 décembre 2008

البنك المركزي: «الاقتصاد الأميركي يزداد قتامة» - 05/12/2008


أقر البنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) بأن الضعف أصاب النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يعمق ركوداً موجوداً بالفعل في أكبر اقتصادات العالم. وقدم البنك صورة قاتمة لمعظم ميادين النشاط الاقتصادي. وأوردت بنوك الاحتياط الإقليمية الاثنا عشر تقارير عن نشاط يتسم بالـ"ضعف" في آخر تقرير للبنك المركزي.
وذكر التقرير أن توفر القروض "انخفض" في قطاعات الإسكان والتجارة والصناعة كنتيجة للأزمة المالية المستمرة الواسعة النطاق. وأشار التقرير أيضا إلى ضعف الشركات الصغيرة والمتوسطة كسبب محتمل لتفاقم المتاعب في سوق العمل.
يشار إلى أن المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية الذي يضم مجموعة من الخبراء الاقتصاديين قد أعلن مطلع الأسبوع الجاري أن الولايات المتحدة في حالة كساد منذ ديسمبر/كانون الأول العام الماضي.
وكالات

البطالة الأميركية عند 6.7% وأوباما ينذر بتفاقم الأزمة - 06/12/2008


أظهرت بيانات حكومية الجمعة أن أرباب العمل الأميركيين خفضوا 533 ألف وظيفة في نوفمبر/تشرين الثاني وهو أضعف أداء على مدى 34 عاما مع رزوح سوق العمل الأميركية تحت وطأة عبء الركود المتفاقم. وقالت وزارة العمل الأميركية إن معدل البطالة ارتفع إلى 6.7% الشهر الماضي في أعلى قراءة له منذ عام 1993 وذلك مقارنة مع 6.5% في أكتوبر/تشرين الأول إثر خسائر واسعة النطاق في مختلف قطاعات الصناعة الرئيسية بالبلاد.
وخسائر الوظائف في نوفمبر/تشرين الثاني هي الأعنف منذ ديسمبر/كانون الأول 1974 عندما تم خفض 602 ألف وظيفة، وقد جاءت أسوأ بكثير من توقعات محللين. وخفضت قطاعات الخدمات وحدها 370 ألف وظيفة الشهر الماضي عقب خسارة 153 ألف وظيفة الشهر الذي سبقه.
ومنذ دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة كساد في ديسمبر/كانون الأول الماضي فإن الاقتصاد الأميركي فقد 1.9 مليون وظيفة بينما زاد عدد العاطلين إلى 2.7 مليون. وقال الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما إنه من المرجح أن تتفاقم الأزمة المالية قبل أن تتحسن، ودعا إلى خطط تحفيز لتوفير فرص عمل جديدة على مدى العامين القادمين. وقال أوباما في تصريحات معدة سلفا إثر نبأ تراجع الوظائف الأميركية "لا توجد حلول سريعة أو سهلة لهذه الأزمة التي تشكلت عبر سنوات عديدة ومن المرجح أن تتفاقم قبل أن تتحسن".
ووصف جويل ناروب رئيس مؤسسة ناروف للاستشارات هذه الأرقام بأنها مذهلة. وقال إن رد فعل الشركات على الأزمة الحالية هو خفض التكلفة وليس محاولة التغلب عليها.
وعقب صدور بيانات وزارة العمل الأميركية انخفضت الأسهم الأميركية. وهبط مؤشر داو جونز 184.70 نقطة أي بنسبة 2.21% إلى 8191.54 نقطة بينما انخفض مؤشر ناسداك 24.98 نقطة أي بنسبة 1.73 نقطة إلى 1420.58 نقطة.

وكالات

vendredi 5 décembre 2008

حل الأزمة بـ تمويل « النخب » - 04/12/2008


د. عادل سمارة ــ سواء كان ذلك تلويحاً بالمخاطر، أو أن المخاطر عبرت الخط الأحمر، فإن ركوداً ما يزحف على الاقتصاد الحقيقي لمركز النظام العالمي، ولا سيما في الولايات المتحدة. وقد يكون من قبيل التلاعب والنفاق، أن يحصل إفلاساً لمؤسسة مالية ما بعد بضعة ايام من سلسلة التطمينات بأن كل شيىء معافى. لكن الأمر لم يعد يحتمل التغطية. لم يتم إطفاء حريق الأزمة، فقد تمظهرت في الركود وضيقت الخناق على اوراق الإئتمان ورفعت معدل البطالة، وتسببت في اضطراب انفاق المستهلكين.
أما وقد اضحت أزمة الاقتصاد الحقيقي بادية للعيان، فقد توجه مدراء شركات السيارات في الولايات المتحدة إلى الدولة علانية ليأخذوا حصتهم من ميزانية الإنقاذ والبالغة 700 مليار دولار، محفوزين هذه المرة بتشجيع من بن برنانكي. وهؤلاء على اية حال معتادون على هذا الأمر، وإن بطرق أخرى كذلك. فقد اصبح جزءاً من ثقافة الأعمال الأميركية ما يسمى Down-sizing This اي قلص حجم هذا، والمقصود قيام الشركات بتقليص عدد العمال، وحين كانت تفعل الشركات هذا، كانت تحصل من الحكومة الفدرالية على مساعدات، وتحصل على مساعدات من حكومة الولاية التي ترغب في نقل مقرات شركة إليها، فاي دخل هائل من مجرد استخدام الإسم. هذا نمط من قص الكوبونات!
من الأمور الهامة في مواقف اصحاب الشركات وخاصة شركات السيارات أنها طالبت الحكومة بوضوح أن تستمر على السياسة السابقة وهي ارجاع الضرائب. فقد شدد رؤساء الشركات على ضرورة الانفاق على البنية التحتية، والبرامج ذات الفوائد طويلة الأمد وطالبوا ان تفضل الولايات المتحدة التخفيضات الضريبية طويلة الأمد على التيسيرات المؤقتة. وبالطبع، فإن هذه الأمور هي لصالح الشركات وليس المواطنين. وهذا يفتح على نقاش واسع للأمر مفاده أنه في الوقت الذي يضطر الساسة للحديث عن تغيير في أسس السياسة الاقتصادية اللبرالية الجديدة، والمحافظية neo-conservatism عامة، فإن قلاع النخب الغنية لم تستسلم بعد.
من اللافت أن مدراء الشركات الكبرى هذه أبدوا قلقهم من نقص المهارات الشابة في العلوم والتكنولوجيا والرياضيات! وكما اشرنا في مقال سابق، فإن نفس السياسة المحافظية الجديدة والتي يدافع عنها هؤلاء هي التي كانت وراء انخفاض الإنفاق الحكومي على التعليم، وبالتالي تدني مستوى العمل الماهر في الولايات المتحدة!. ويبدو أن أحد اسباب ميل الحكومة لتقليص الانفاق على التعليم، هو خروج الشركات إلى الخارج، اي توسيع عملياتها في العالم وتقليصها في اميركا الشمالية، نعم لقد رحلت بالمصنع وعادت بالفقاعة، واليوم تنتقد غيرها عمّا فعلت هي نفسها.
ماذا يريد مدراء شركات السيارات؟
ربما بكلمة، يريدون حصتهم من ميزانية خطة الإنقاذ. فهم يعتبرون ان قطاع السيارات تحديداً هو الرافعة الأساسية للاقتصاد الأميركي. لذا تقدموا للإدارة الحالية قبل ايام مطالبين ب 300 مليار دولار، اي قرابة نصف الميزانية المقصودة. ومن المهم أن مدراء هذه الشركات التقوا بإشراف جريدة وول ستريت مع أعضاء كونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وهم ممثلون عن ولايات تتركز فيها مواقع هذه الشركات، وخاصة ولايات متشيجان واوهايو وميسوري حيث تمتلك شركات فورد وكرايزلر وجنرال موتورز. قد يشترط الدعم انتاج سيارات اكثر عصريةواقل استهلاكا للوقود وبقروض ميسرة.
إن لإشراف جريدة وول ستريت على هذا اللقاء معناه، فهي التي رعت ترشيح باراك أوباما. وهذا يعني ان الإدارة القادمة لن تبتعد كثيراً عن الحالية.
وبالطبع هناك تقاش حاد في اميركا كيف يمكن دعم هذه الشركات بينما هي تتخبط بفعل ايدي مدرائها! ولكن، هل الأمر فقط على هذا النحو، وهل يصبح بعض المدراء كبش الفداء لسياسة اقتصادية هي اساس الأزمة؟ ربما.
قد يكون هناك محركاً آخر لمدراء شركات السيارات في مطالبتهم بالدعم المالي وذلك على ضوء تجربة دعم البنوك التي حصلت حتى الآن على 250 بليون دولار من ميزانية الإنقاذ لكنها لم تقدم قروضاً، بل انخرطت في أعمال اندماج لبعضها بعضاَ أو ابتلاع كبارها لصغارها! دون ان تقدم قروضاً، وحتى دون ان تقرض بعضها بعضاَ. وهو ما يمكن تسميته عملية نهب مكشوفة لسيولة مالية كان الهدف منها زيادة الإقراض للناس وللبنوك مع بعضها البعض. كما بقيت البنوك مستفيدة من التخفيض الضريبي. أما مبرر السلطة لعدم الضغط على البنوك فذلك بحجة أنه خلال الأزمة لا يكون من المفضل ممارسة ذلك.
أميركا "دولة أم سيارة" بحجم قارة؟
ولكن، إضافة إلى حظوة البنوك، لماذا بوسع هذه الشركات المطالبة بهذه القوة؟ اي ما هو قطاع السيارات في أميركا؟
تشكل السيارات عصب الحياة في الولايات المتحدة، لدرجة تسمى بانها مجتمع "مموتر – من موتور". وفيما يخص علاقة المواطن الأميركي بالسيارة كتب جون راي مؤرخ صناعة السيارات بأميركا سنة 1965 " إن الحواضر الأميركية المعاصرة باتت مقولبة على نحو يجعلها غير قادرة على الحياة إذا ما توقفت حركة السيارات فيها لأي سبب [1]".
وبعد 25 سنة كتب مايكل روزي مراسل الفايننشال تايمز في الولايات المتحدة مكرراً " لا حول ولا قوة للسائر على الأقدام في الإمتدادات المدينية في معظم ارجاء الولايات المتحدة... فلا تكاد توجد عملياً وسيلة نقل عام خارج مراكز المدن التي يخرج الناس منها مراراً. فالسيارة والبترول الرخيص إذن هما شرط اساس لعملك كمستهلك اعتيادي، إن لم يكن ككائن بشري اعتيادي".
وكتب (جون براغ، من مركز الدفاع الأخلاقي عن الرأسمالية 2001) "السيارة هي أعظم رمز معاصر للحرية الأميركية...إنها رمز قوي لما يجعل أميركا أعظم بلد في العالم، وأكثرها حرية".
ومع ذلك، فانتقال أميركا للإقتصاد الجديد تكنولوجيا المعلومات والإتصالات خفيف الأصول ثقيل المعرفة لم يؤثر على صناعة السيارات فبين 1991-99 بينما كان الإقتصاد الجديد يحوز على اهتمام الأميركيين ازداد انتاج السيارات ذات المحركات الخفيفة ب 42% . وانتجت اميركا عام 1999 أكثر من 13 مليون سيارة.
بلغ اجمالي فرص العمل المتولدة عن صناعة السيارات 6,6 مليون فرصة.
وفي عام 2003 اتضح ان 1 من كل ستة عاملين (في اي قطاع) في اميركا يتعامل بشكل او آخر مع السيارات والشاحنات صنعا او قيادة او تأمينا او ترخيصا او عملا في بناء او صيانة الطرق".
وبين عامي 1985-2001 ارتفعت نسبة السيارات الرياضية في أميركا من 27 إلى 63% أي تضاعفت السيارات المستهلكة للوقود!!! وفي سنة 1980 كان عدد السيارات المسجلة 155,790,000 سيارة، ووصلت في عام 2001 إلى 215,580,000 سيارة. وطبقا لأحدث التقديرات، هناك 834 مركبة لكل 1000 شخص في أميركا، أي بأكثر من خمسين بالمئة من أوروبا.
ماذا يعني هذا؟ يعني هذا أن اي تراجع في قطاع صناعة السيارات لا بد يصيب الاقتصاد والمجتمع الأميركي بشلل كبير. فهو يعني بطالة واسعة، ويعني عجز المواطن عن تسيير حياته بمرونة، ويعني انخفاض الطلب عموما وركود السوق.
ولكن الأمر لا يتوقف عند الاقتصاد الأميركي، فهو لا بد يطال الاقتصاد العالمي.
فالكثير من شركات السيارات أقامت مواقع انتاج خارج أميركا وبالتالي فالبطالة سوف تصيب عمال هذه المواقع . كما يؤثر تراجع قطاع السيارات وكذلك قلة استخدام الأميركي للسيارات على الطلب الأميركي على النفط. وهذا ما أخذ يتبدى حالياً، مما زاد من هبوط اسعار النفط وتحسن سعر صرف الدولار، وتحول مضاربين إلى المضاربة بالدولار بدل النفط.
يبلغ استهلاك المركبات في أميركا من الوقود 10,6 مليون برميل يوميا وهو يساوي الإستهلاك الإجمالي لأميركا الحنوبية، وأفريقيا والإتحاد السوفييتي السابق معا. لقد تطورت حصة النقل من استهلاك أميركا من النفط أي سيارات وطائرات وسفن وقطارات كما يلي.
1950 54%
1970 60%
1990 67%
حصة السيارات من هذا 53% وهذا وصل بالأرقام إلى 10,1مليون برميل يومياً سنة 2001.
ويبلغ استهلاك الفرد الأميركي الواحد من بنزين وديزل السيارات 2043 ليترا في السنة اي ثلاثة أضعاف الفرد في اليابان.
بعبارة أخرى، ليس المعيار هو فقط عدد السيارات وحتى طاقة محركاتها الاستهلاكية، بل أكثر من هذا وهو غزارة الاستعمال نظرا لطول المسافات في اميركا، وقلة القطارات، وكثرة استخدام السيارات الخاصة. فقد اشترت شركة جنرال موتورز منذ العشرينات الترامواي الكهربائي وأحلت السيارات محله، أي احتكرت هذا القطاع باكراً.
كما اشرنا، ربما يتم الضغط على شركات السيارات لتنتج موتورات صغيرة الحجم وذات استهلاك نفطي أقل. وهذه ثقافة غير موجودة في المجتمع الأميركي. فحتى عشية الأزمة الحالية، لم تحاول أميركا تقليص استهلاك النفط مثلا بتصغير استهلاك حجم أو محرك السيارات:
"كان فتيان وفتيات اميركا البيضاء (اي ذوي البشرة البيضاء) ينعمون بثروة وحرية شخصية لا سابق لها. وفي بحثها عن كسب قلوب هذا السوق الجديد الشاب أنزلت فورد السيارة الشهيرة المكشوفة فورد موستانج 1966. وفي ظرف 18 شهرا باعت هذه السيارة مليوناً، وكان ذاك اسرع رواج لسيارة جديدة في التاريخ وهي سيارة مستهلكة جدا للبنزين".
يقول كلارانس بيج، وهو كاتب مقالات "اننا نقود سياراتنا، وسياراتنا تقود ثقافتنا".
وهو يقول:
"في بلد السيارات الكبيرة هذا، السيارات هي نحن، ونحن هم السيارات...أما مسألتا الهواء النقي والكفاءة في استهلاك الوقود، فلندعهما ربما للقرن القادم".
تَشِيْ الصورة أعلاه بأن المجتمع والدولة الأميركيين اسيرين لصناعة السيارات من جهة وللنخبة المالية من جهة ثانية. لكن هذا لا يكمل الصورة، فالنخبتين ليستا بعيدتين عن بعضهما، كما انهما ليست بعيدتين عن نخبتيتن أخريين وهما نخبة الصناعات العسكرية (المجمع الصناعي العسكري Military Industrial Complex ) والنخبة السياسية في البيت الأبيض نفسه. هذه التخب متشاركة في االوضع والإمكاناتت والأهداف والمصالح بالطبع. لذا، فقد قرر وول ستريت إنجاح أوباما، وقرر دعم البنوك، والآن يقرر دعم الشركات الصناعية الكبرى، ولا بد سيدعم النخبة العسكرية في بقاء احتلال العراق.
بناء على هذه العلاقة والصورة يمكننا فهم لماذا بوسع شركات السيارات الضغط للحصول على حصة من ميزانية خطة الإنقاذ. ولذا، ايضاً لم تعبىء شركة جنرال موتورز بالإعلان انها خسرت 20 مليار دولار في اول تسعة اشهر من هذا العام. وهبطت اسعار اسهمها بدرجة كبيرة، هذا مع أن راتب مديرها هو 2,2 مليون دولار سنويا. ويؤكد مديرها أن الشركة لن تعلن الإفلاس، ولكن من يدري؟. وعليه طلبت من الحكومة الفدرالية كدفعة أولى 10 مليار دولار. كما قامت هي والشركات الأخرى بتخفيض النفقات وبيع الأصول والاقتراض مجدداً. وهذا يعين بشكل اساسي تسريح عشرات آلاف العمال.
بيت القصيد في كل هذا، أن النخب تتمتع بأموال الشعب، صناديق التقاعد، والميزانية الفدرالة، وفي نفس الوقت تسرح العمال، وهذا يعني أن هناك ركوداً في الولايات المتحدة، وأن المطلوب ليس معالجة الأزمة بل إنقاذ النخبة! وعلى عشرات ملايين المتضررين أن ينتظروا حتى يقوم السوق بتصحيح نفسه، وعادة يكون التصحيح مثل الهزات الأرضية التي تُريح نفسها، بينما تسحق البشر كالهوام!
كنعان

أوروبا «الخائفة» تخفّض الفوائد لاحتواء ركود اقتصاداتها

ترتّب متجر الورود الذي تملكه في أسبانيا: الركود على الأبواب (رويترز)ترتّب متجر الورود الذي تملكه في أسبانيا: الركود على الأبواب (رويترز)فيما كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يكشف عن خطّة إنعاش اقتصادي قيمتها 26 مليار يورو، تتماهى مع الخطّة الاقتصاديّة المثيرة للجدل التي عرضتها المفوضيّة الأوروبيّة، أعلن المصرف المركزي الأوروبي خفض سعر فائدته الأساسيّة إلى 2.5 في المئة لتدارك انزلاق بلدان منطقة اليورو الـ15 في مرحلة أقسى من الركود

مثلما كان متوقّعاً، خفّض المصرف المركزي الأوروبي، الذي يصوغ السياسة النقديّة لبلدان منطقة اليورو الـ15، سعر فائدته الأساسيّة خلال اجتماعه أمس، من 3.25 في المئة لتصبح 2.5 في المئة، في إطار جهود حثيثة لمكافحة شبح الركود الذي يسيطر على أوروبا، والذي أعرب رئيس المصرف، جان كلود تريشيه، عن تخوّفه منه لأنّه سيؤدّي إلى تقلّص الناتج المحلّي الإجمالي في المنطقة بنسبة 0.5 في المئة العام المقبل.
واتضح أن خطوة المركزي الأوروبي حتميّة في ظلّ الضغوطات الانكماشيّة الحادّة التي تسيطر على اقتصادات أوروبا. فقد أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبيّة، «Eurostat» انّ انخفاض الاستثمارات والتجارة دفع إلى انكماش اقتصاد منطقة اليورو خلال الربع الثالث من العام الجاري، وهي خلاصة كان المعنيّون قد توصّلوا إليها الشهر الماضي، والآن يتأكّدون من أسبابها المباشرة.
وأرقام المكتب توضح أنّ المنطقة تتخوّف من تطوّر مرحلة الركود. فأداؤها بحسب الأرقام الموجودة يُعدّ أسوأ من أداء الولايات المتحدة واليابان اللتين تقلّص الناتج المحلّي الإجمالي في كل منهما بنسبة 0.1 في المئة في الربع الثالث. وأوضح «Eurostat» أنّ الاستثمارات أدت إلى تراجع النمو الفصلي بواقع 0.1 نقطة مئوية، بينما كان إسهام التجارة سلبياً بنسبة 0.5 نقطة مئوية.
وكانت الهواجس الأساسيّة للمنطقة خلال السنوات السابقة، أي قبل انطلاق الأزمة الماليّة وتمظهر مفاعيلها الاقتصاديّة، تركّز على التضخّم وعلى ضرورة إبقائه دون مستوى الـ2 في المئة، إضافة إلى التركيز على عجز الموازنات في البلدان الأعضاء والتشديد على أهميّة عدم تخطّي نسبتها إلى الناتج المحلّي الإجمالي عتبة الـ3 في المئة.
وبالعودة إلى إجراء المركزي الأوروبي، فإنّ خفضه سعر الفائدة يعطي دفعة جديدة لتحفيز الاقتراض، وبالتالي الاستثمارات والإنفاق، بعدما كان اقتصاد منطقة اليورو قد تقلّص بنسبة 0.2 بالمئة في الفترة بين تمّوز وأيلول الماضيين، مقارنة بالربع السابق. ونتيجة لذلك، عدّل المكتب نزولاً تقديره السابق للنمو السنوي في الربع الثالث إلى 0.6 في المئة من 0.7 في المئة.
وقبل ساعة تقريباً من اتخاذ المركزي الأوروبي خطوته، خفّض المصرف المركزي البريطاني معدّل فائدته الأساسيّة بواقع نقطة مئوية واحدة ليصبح 2 في المئة، وهو أدنى مستوى تاريخي له منذ الفترة الممتدّة بين عامي 1939 و1951، أي الفترة التي سيطرت عليها الحرب العالميّة الثانية، وذلك لمواجهة الانكماش الذي تغرق فيه البلاد.
ومدّد المصرف العمل بسياسة الليونة النقدية بعدما خفض معدل فائدته 1.5 نقطة مئوية في تشرين الثاني الماضي، و0.5 نقطة مئويّة في الشهر السابق، وتمّ ذلك حينها في إطار تدابير دوليّة أجرتها المصارف المركزيّة الستّة الأكبر حول العالم بالتنسيق في ما بينها، لمواجهة بدايات مرحلة الركود.
وسبق المصرف المركزي الأوروبي في خطوته المصرف المركزي السويدي الذي خفّض سعر فائدته الأساسيّة بواقع 1.75 نقطة مئويّة قياسيّة لتصبح 2 في المئة. والخفوضات السابقة التي أجراها المصرف لم تتعدّ 0.5 نقطة مئويّة.
إجراءات المصارف المركزيّة الأوروبيّة حصلت في الوقت الذي كان فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعرض خطّة اقتصاديّة وطنيّة تبلغ قيمتها 26 مليار يورو مخصّصة للاستثمارات العامّة (إنفاق الدولة على البنى التحتيّة والمشاريع) لدعم الشركات، وتحديداً تلك المصنّعة للسيّارات التي توظّف 10 في المئة من عمالة البلاد.
وقال ساركوزي إنّ «الأزمة التي نشهدها ليست أزمة عابرة بل هي أزمة بنيوية. وينبغي أن تحثنا على التحرك بسرعة وبقوة»، وأضاف: «ردّنا على الأزمة هو الاستثمار. أفضل سياسة ممكنة لإنعاش (الاقتصاد) هي السياسة التي تدعم النشاط اليوم وتعد للمنافسة غداً». وقدّر ساركوزي قيمة الاستثمارات العامة الإضافية التي ستوظفها الدولة والسلطات المحلية والشركات العامة الكبرى، ولا سيما في البنى التحتية للمواصلات، بـ10.5 مليارات يورو. وقال إنّ «الدولة مستعدة للقيام بكل ما ينبغي لإنقاذ قطاع صناعة السيّارات»، معلناً عن «مكافأة» بقيمة 1000 يورو لقاء شراء كل سيارة جديدة لاستبدال سيارة تعود إلى أكثر من عشر سنوات.
وأعلن الرئيس الفرنسي، الذي يكثّف لقاءاته أخيراً مع رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون لبلورة خطوات لمعالجة تداعيات الأزمة الماليّةعلى أوروبا في ظلّ خلافات واضحة مع المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، رصد 11.5 مليار يورو لتسريع تسديد ديون الدولة المتوجبة للشركات الفرنسية لمساعدتها على تعزيز ماليتها.
(الأخبار، أ ف ب)