dimanche 30 novembre 2008

الأزمة تشطب « 1.5 مليون وظيفة » في أميركا! - 30/11/2008


صرح خبراء اقتصاد أميركيون بأن الركود المسيطر على الاقتصاد في بلادهم ازداد عمقاً خلال الشهر الجاري حيث قلص أصحاب الأعمال عدد العاملين وتراجعت الصناعات بأسرع معدل لها خلال ربع قرن متأثرة بتداعيات الأزمة المالية. وتأتي هذه التوقعات قبل أيام من صدور تقرير وزارة العمل الأميركية، حيث ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء الاقتصادية اليوم أن عدد العمال تقلص بنحو 320 ألف عامل في نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
واعتبرت الوكالة أن هذه النتيجة تشكل أكبر انخفاض يحدث خلال شهر واحد منذ الهجمات التي شهدتها الولايات المتحدة عام 2001 وفقا لتقديرات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت الوكالة آراءهم قبل صدور تقرير وزارة العمل في الخامس من الشهر القادم. ويتوقع أن يبلغ معدل البطالة نسبة 6.8% مع نهاية الشهر الجاري فيما يعد أعلى معدل منذ عام 1993.
وقد تستمر مشكلة العمالة في التدهور في ظل استمرار أزمة الائتمان الخانقة حيث توقعت مؤسسة غولدن ساشس غروب أن يبلغ معدل البطالة 9% في أواخر عام 2009.
يذكر أن الانخفاض الحادي عشر على التوالي في عدد العاملين يأتي عقب تخفيض 240 ألف فرصة عمل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي مما يجعل إجمالي الوظائف التي تم شطبها حتى الآن يصل إلى 1.5 مليون وظيفة خلال العام الجاري. ووفقا لتقرير اقتصادي فإنه من المحتمل أن تكون المصانع خفضت 80 ألفا من قوتها العاملة. وقد بلغ معدل البطالة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي 6.5%.
وكالات

هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد، وثورة أممية جديدة؟

3) أزمة مالية أم مطالبة التاريخ بالاستعاضة عن الإنتاج الرأسمالي بإنتاج كوموني؟

أنور نجم الدين
anwar.nori@gmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2481 - 2008 / 11 / 30

إذا كان اقتراب أمريكا، وآسيا، وأستراليا من مركز الأزمات، قد تسبب في يومٍ من الأيام انخفاض القدرة الانفجارية للأزمات في العالم، فإنَّ ما يجري اليوم هو العكس، حيث أصبحت هذه القارات نفسها، مركز الأزمات الرأسمالية منذ أمدٍ بعيد، وانتقال هذه القارات من المستهلك إلى المنتج، ثمَّ إلى المنافس في السوق العالمية، يعني انتهاء دورها بوصفها مصدراً للمواد الأولية والأيدي العاملة الرخيصة، أي بوصفها مصدراً للتوازن في العلاقة بين جزئي رأس المال، نظراً للدرجة المرتفعة لاستغلال العمل فيها بصورة واسعة. وأصبح الازدياد في قيمة رأس المال المتحول في هذه المناطق الشاسعة، حجر الأساس لتراكم أسرع لرأس المال الصناعي الأوروبي من القرن السابع عشر إلى أواسط القرن العشرين، لذلك لم يكن التطور الصناعي، وسرعة انتقال المانيفاكتورة إلى الصناعة الكبيرة، وتطور الصناعات الإلكترونية، سوى استجابة طبيعية لرأس المال لتأمين شروط السيطرة على القارات الشاسعة التي دخل رأس المال الصناعي فيها، أمَّا ربط هذه المناطق بالصناعة الأوروبية، فقد جعل رأس المال الصناعي، مضطراً لخلق نفس النموذج التاريخي من صناعته وأسواقه الصناعية، أو كما يقول كارل ماركس:

"بقدر ما كانت تتزايد تبعية الصناعة البريطانية للسوق الهندية، كان الصناعيون البريطانيون يشعرون بضرورة انشاء قوى منتجة جديدة في الهند". ولكن لماذا؟

"لأنَّ طواغيت الصناعة أدركوا أنَّ مصالحهم الحيوية تتطلب تحويل الهند إلى بلد منتج، وأنَّه ينبغي لهذا الغرض قبل كلِّ شيء، تجهيزها بمنشآت الرَّي، والطرق الداخلية للمواصلات، وشبكة من السكك الحديدية – كارل ماركس".

أمَّا اليوم فتتحرك الأشياء باتجاه معاكس، أي أنَّ التطور الصناعي والازدياد في قيمة رأس المال الثابت في هذه القارات، سوف يسبب الاستعجال في دورات أفاعيل الإنتاج، ثم الانخفاض السريع لرأس المال المتحول مقارنة مع جزئه الثابت، وعلى العكس من القرون الأخيرة، يسبب التطور الصناعي السريع اليوم، الفائض السريع للوسائل الإنتاجية التي ستبقى فائضة، نظراً لعدم استخدامها من قبل القوى العاملة الفائضة، لا في الدول الصناعية القديمة فحسب، بل وفي المناطق الصناعية الجديدة أيضاً، وكدليل على ذلك، يقول مسؤولو الشركات الكبرى الثلاثة لصناعة السيارات الأمريكية، فورد وجنرال موتورز وكرايزلر: "إنَّ انهيار صناعة السيارات سوف يؤدي لنتائج كارثية، منها فقدان (3.000.000) وظيفة في العام الأول فقط" في الولايات المتحدة الأمريكية فقط.
وفيما يخص القارة الآسياوية، يكفي ذكر أزمة صناعة السيارات، وانخفاض مبيعات السيارات اليابانية على الأخص.

وهكذا، فإنَّ التقدم الصناعي المستمر، والتعديلات المستمرة في شروط الإنتاج الرأسمالي في العالم، تؤثر من جهة على التركيب العضوي لرؤوس أموال متوازية الوجود في السوق العالمية، وعلى تسريع دوران رأس المال (دوران أفاعيل الإنتاج) من جهة أخرى، وكما قلنا سابقاً، فإنَّ المعدل العام للربح، يرتفع تارةً ويهبط أخرى، لأنَّ التركيب العضوي قد إختلف، أو لأنَّ زمن الدوران قد تضاعف، وأمثلة التكنولوجيا الناشئة في العالم، هي في الواقع أمثلة للازدياد في (قيمة رأس المال الثابت) و(سرعة دوران رأس المال) في نفس الوقت، على سبيل المثال: صناعة العقل الصناعي، وصناعة تكنولوجيا المعلومات، وصناعة الاتصالات، وصناعة السيارات الكهربائية، وصناعة ذاكرة فلاش مع أصغر، وأسرع، وأقل استهلاك لتخزين الطاقة، وصناعة التصوير المجسم لتخزين البيانات، والشبكة العالمية الشاملة للاتصالات اللاسلكية، ونقل الطاقة لاسلكياً، صناعة الفلك إلخ.... فالازدياد في (قيمة و سرعة) كلَّ هذه الصناعات، تعني الارتفاع في الجزء الثابت لرأس المال، وتسريع الوباء الذي يُسمى الفائض الإنتاجي، ولكن الحالة هذه، أصبحت أمراً واقعاً بسبب تطور الصناعة في العالم في الخمسين سنة الأخيرة، وتتكاثف الأزمات الاقتصادية في السوق العالمية، أكثر فأكثر.

وهكذا، فإنَّ تقلص السوق العالمية أمر واقع سلفاً، إلاَّ أنَّ الأمر يدور حول مدة دورات أفاعيل الإنتاج فيها، البالغة لحد الآن عشر سنوات في الخمسين سنة الأخيرة (1970، 1982، 1990، 2000، 2008)، فكثافة الدورات والقدرة الانفجارية للأزمات الآن، تشبه أواسط القرن التاسع عشر لأوروبا الصناعية، ولكن دون وجود أراضٍ شاسعة أمام الاستثمارات الجديدة، بل والدول التي كانت في تلك الفترة، مركز الاستثمارات لطواغيت الصناعة الأوروبية (كالصين، والهند، إلخ...) تحسب اليوم صناعتها، جزءاً أعظم من الصناعة العالمية. وإلى جانب الصناعة البريطانية القديمة، لا تقف الصناعة الأمريكية الحديثة وحدها فحسب، بل تقف الصناعات اليابانية، والصينية، والهندية، والتايوانية أيضاً، وإذا كانت هذه الدول ميدان الاستثمارات لرؤوس الأموال الأوروبية الفائضة في القرون السابقة، فاليوم تبحث كلُّ دولة من هذه الدول بدورها، الأسواق الجديدة لتصريف أموالها، و لاستثمارات جديدة في مناطق أخرى خارج بلدانهم.

وهكذا، فإنَّ كلَّ عنصر يمنع تكرار الأزمات السابقة في السوق الكونية، يصبح بدوره بذرة جديدة لأزمة أقوى وأعم من كلَّ ما سبقها من أزمات في تاريخ المجتمع العالمي لرأس مال، وخطاب مستر بوش الأخير حول الأزمة العالمية، دليل ساطع على ذلك، فكلُّ ما كان يحاول بوش أن يثبته ، هو أنَّ الأزمة التي نعيشها اليوم، ليست دليلاً على فشل الرأسمالية في إدارة المجتمع البشري. ولكن الواقع أنَّ أزمة اليوم، ككلِّ الأزمات الصناعية السابقة في تاريخ الرأسمالية، هي أدلة متكررة لعدم قدرة الرأسمالية، على إدارة مجتمع إنساني خالٍ من الأزمات، وما يلازمها من المصاعب الاجتماعية، أي البطالة، والمجاعة، والفقر، والحروب، فالأزمات تعني مطالبة التاريخ نفسه بإنهاء دور الرأسمالية في التاريخ، وتسليم الإنتاج إلى الكومونات الإنتاجية التي يشارك فيها كلُّ فرد من أفراد المجتمع، وتنظمها كومونات إدارية بدل السلطة السياسية، والنخبة البيروقراطية التي تعيش على جسد المجتمع، وتمتص خلاياه كالطفيليات التي لا تعيش إلاَّ على الدم. و يجب أن تمارس البشرية تنظيم إنتاجها بنفسها، وبمشاركة كلِّ فردٍ من أفراد المجتمع، إذا أرادت السيطرة على الاختلال في توازن الإنتاج، والأزمات الاقتصادية، فالمصائب الإنسانية لا تأتي من عدم حكم الفلاسفة للدولة، بل تأتي من وجود الدولة نفسها، أي كما يقول ميخائيل باكونين:

"والبشریة وصلت إلى إدارة نفسها منذ زمن طویل، وإنَّ مصدر مصائبها لا یوجد في هذا الشكل أو ذاك من أشكال السلطة، بل یوجد في جوهر السلطة ذاتها".

وهكذا، فكلُّ عنصر من عناصر إظهار الأزمات، هو مطالبة التاريخ نفسه بإعادة النظر في أسلوب الإنتاج الاجتماعي، وإدارة الأمور، أي إحلال كومونات إدارية محل السلطة البيروقراطية، فالمجتمع لا يسيطر على وباء الأزمات، ما لم يشارك كلُّ فرد من أفراده، في تنظيم مجتمعه، أي ما لم يتحرر البشر من السلطة السياسية، فالسلطة نفسها ليست سوى حشرة طفيلية، تعيق كلَّ التطور الإنساني الحر، وما الأزمات الاقتصادية إلاَّ دليل على عدم إمكانية سلطة الدولة على السيطرة على الأزمات، واختلال التوازن في الإنتاج، لأنَّ السلطة السياسية غير قادرة على تضمين السيطرة الجماعية، والواعية على الإنتاج الاجتماعي، مهما كانت ديمقراطيتها، وإذا كان البشر لا يريدون انقراض المجتمع الإنساني، فعليهم أن يعيدوا سيطرتهم الجماعية على الإنتاج، ولا يعني هذا سوى الاستعاضة عن السلطة السياسية بكومونات إدارية.

إنَّ سلطة الدولة، هي الحاجز التاريخي أمام التطور الحر والتقدم الطليق للمجتمع الإنساني وإنتاجه، وكلِّ فرد من أفراده، لذلك يجب أن يتحرر المجتمع من سلطة الدولة، لكي يسيطر على إنتاجه بصورة جماعية، وبدون هذه السيطرة الجماعية، لا يمكن السيطرة على اختلال التوازن في الإنتاج، مهما حاول الرأسماليون الحد من الأزمات الاقتصادية.

وهكذا، فإنَّ تاريخ القرون الأربعة الأخيرة لتطور الصناعة في العالم، يؤكد عدم إمكانية تجاوز الرأسمالية لأزماتها، وتعمق الأزمات أكثر فأكثر. إنَّ كلَّ خطوة للإنتاج الصناعي، وكلُّ ازدهار في المجتمع الرأسمالي، يأتي بعد إعادة التوازن المختل، لا يكون دون أزمة مسبقة، أمَّا سرعة تكرار الأزمات، فتتوقف عادةً على سرعة تقلص السوق العالمية، ونحن بالفعل في زمن هذا التقلص، وسوف يبدأ الصراع التنافسي الحاد قريباً، بين الرأسماليين الذين يغامرون بحياة البشرية لأجل أرباحهم. وهذا يعني، أنَّ نفس الظروف السابقة التي كانت بسبب التقدم الصناعي، والارتفاع في المعدل العام للربح، تسبب اليوم الازدياد في المنتجات الصناعية، وتراكم رأس المال من حيث القيمة، وفائضاً نسبياً من السكان، ونعني بالاختلال بكل بساطة، عدم استخدام العمال الفائضين لرأس المال الفائض؛ بسبب ضعف درجة استغلال العمل؛ أو بسبب ضعف معدل الربح الذي سيقدمونه مقابل درجة استغلال معينة، كما يقول كارل ماركس.

وهكذا، فنحن بالفعل نعيش في زمن يتحرك شيئاً فشيئاً، نحو انخفاض درجة استغلال العمل، وهبوط المعدل العام للربح، أي نحن بالفعل على أعتاب انفجار عالمي جديد، ولكن هل نحن على أعتاب ثورة أممية جديدة؟

المصادر:

- كارل ماركس – في الاستعمار
- كارل ماركس – رأس المال
- ميخائيل باكونين - Centralism eller självförvaltning الطبعة السويدية

أزمة الرأسمالية: بنيوية




سلامة كيلة
salamehkaileh@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2481 - 2008 / 11 / 30

هل كانت الأزمة التي تشهدها الرأسمالية اليوم مفاجئة؟ ربما للبعض فقط، حيث كان الحديث واضحاً منذ زمن بأن الرأسمالية في أزمة. ولقد إنبنت كثير من التحليلات حول الميل العسكري للولايات المتحدة على فكرة الأزمة، بعد الانهيارات التي حدثت في وول ستريت سنة 1987، وسرعة اندماج الشركات التي أعقبتها، وحيث كان يشار إلى أن أميركا تعاني من ثلاثة أمراض حقيقية: العجز في الميزان التجاري، والعجز في الميزانية، والمديونية المرتفعة على الدولة كما على الشركات والأفراد. وكانت هذه الأمراض نتاج إشكالية رأسمالية من جهة، ويعيشها الاقتصاد الأميركي من جهة أخرى.
فقد كان العجز في الميزان التجاري يؤشر إلى أن الشعب الأميركي يستهلك أكثر مما ينتج، وهذه مسألة تفضي إلى زيادة المستوردات على الصادرات، وبالتالي هروب الرأسمال إلى الخارج. وكانت المشكلة أعوص لأن الشركات الأميركية باتت تعاني من التنافس في السوق العالمي من قبل الشركات الأوروبية واليابانية، وهو الأمر الذي كان يوجد مشكلات للشركات ذاتها تفضي إلى الإفلاس، وبالتالي زيادة البطالة. وهنا كان يبدو أن الهيمنة الاقتصادية الأميركية في تراجع، لكن الأسوأ أن هذا التراجع كان يؤسس لمشكلة عميقة في أميركا. حيث كانت هذه الهيمنة تسمح للحكومة طباعة الأوراق النقدية (الدولار) دون خشية، لأنه كان قد أصبح عملة عالمية وليس أميركية فقط. وبالتالي كان يُعتمد على كلية الإنتاج العالمي في دعم قوته.
هذا الوضع كان يهتز، حيث كانت المديونية تتراكم والعجز يتزايد، والشركات تسير نحو الإفلاس، والدولار يفقد موقعه العالمي، وبالتالي يتحول كأي سلعة إلى عرضة للكساد. لهذا أصبحت قيمته الحقيقية أقل بكثير من قيمته في التداول، ومن ثم بدأ في التراجع.
لم يكن أمام الولايات المتحدة سوى طريق واحد من أجل وقف كل هذه العملية: الحرب. إن القوة الوحيدة المتماسكة التي خرجت بها الولايات المتحدة من الحرب الباردة هي الجيش بعد أن توارت القوة الروسية إلى الظل. لهذا بدأت منذ أن استشعرت بدء انهيار المنظومة الاشتراكية في التحضير لحروب تطال مناطق أساسية في العالم. المنطقة العربية أولاً، لكن كل العالم الرخو كذلك. حيث يجب وقف التنافس بالقوة العسكرية عبر السيطرة على الأسواق، كما يجب التحكم بالنفط من أجل إخضاع الرأسماليات الأخرى. أي كان الهدف هو التحكم في لعبة التنافس لمصلحة الشركات الاحتكارية الأميركية. وفي هذه العملية يبقى الدولار هو العملة العالمية، ويستمر تمويل الاستهلاك في الولايات المتحدة من خلال ذلك عبر عمليات متعددة، منها سندات الخزينة، ومنها جلب رؤوس الأموال النفطية وغيرها إلى الولايات المتحدة.
الحرب زادت من أعباء الميزانية، ورفعت المديونية إلى أكثر من 10 ترليون دولار. لكنها بالأساس لم تحل المشكلة الأعمق التي باتت من سمات النمط الرأسمالي، التي هي التراكم المالي الهائل، الذي بات خارج التوظيف في "الاقتصاد الحقيقي" (وهو التعبير الذي يطلق على القطاعات التي ترتبط بالإنتاج أساساً)، وبات لا مكان له سوى المضاربة. ولهذا جرى تطوير أسواق المال، وفرض تعميمها على العالم (كسمة حديثة للرأسمالية، وتطور فيها، وأيضاً كضرورة حتمية لا فكاك منها كما يشاع)، من أجل أن يغزو كل العالم في هجمات تدميرية متتالية. بدأت في جنوب شرق آسيا وامتدت إلى البرازيل وروسيا نهاية القرن العشرين. وهذا التراكم تغذى من طباعة الدولار ليصل إلى أرقام فلكية. وهو ما أسس لفقاعة مالية هائلة مستندة إلى دولار بات لا حامل له، لأن القدرات الإنتاجية الأميركية أضيق من أن تحمله.
وهو الأمر الذي أسس لكثافة في التوظيف في قطاعات غير منتجة، أدت إلى تضخم هائل في قيمها، مثل العقارات. حيث أشير إلى أن قيمة العقارات الأميركية المرهونة في البنوك هي 62 ترليون دولار، بينما قيمتها الفعلية هي 8 ترليون دولار. هنا كتلة الدولار التي غطت هذا التراكم هي في الواقع ثُمْن القيمة الحقيقية للدولار. وهكذا فيما يتعلق بقاعات التقنيات الحديثة، والشركات. وما من شك في أن البيع في أسواق الأسهم يفضي إلى هذه الهوة بين القيمة الفعلية للشركات وقيمها في مضاربات البورصة.
إن التوظيف هنا لا يجلب فائض قيمة، فهو لا يراكم في الإنتاج. وبالتالي تصبح المسألة هي مسألة مضاربات، أي ارتفاع أسعار السلع دون أساس اقتصادي. وهو الأمر الذي يفضي إلى تعاظم التراكم المالي دون إنتاج حقيقي.
لقد جرى توظيف المال المتراكم في نهاية السبعينات والثمانينات في ديون "العالم الثالث"، وبعض البلدان الاشتراكية، إلى أن أشبع. ثم جرى توظيفه في قطاع التكنولوجيا الحديثة وأشبع كذلك. لكنه في كل هذه الحالات كان يتضخم، وبالتالي يحتاج إلى مجالات جديدة. وهو في كل هذه الحالات كان يوجد مشكلات عويصة، وهو الأمر الذي بدأ يظهر منذ أواسط التسعينات في أسواق المال.
لكن كيف نشأ هذا المال "الهائم على وجهه"؟ هنا جوهر أزمة الرأسمالية، حيث أن التراكم الرأسمالي يصل إلى حدّ لا يكون مربحاً فيه التوظيف في "الاقتصاد الحقيقي"، أي الصناعة والزراعة والتجارة، حيث أشبع السوق، وبالتالي يصبح التوظيف في الصناعة وبالاً على الصناعة ذاتها (ونلاحظ بأن التنافس الذي يحدث يفضي إلى انهيار صناعات)، وكذلك في القطاعات الأخرى. هنا يصبح البحث عن مجالات أخرى خارج هذه القطاعات ضرورة من أجل استمرار التراكم. وما نشاهده هو هذه العملية بالتحديد، إلى الحد الذي يصبح فيه التراكم المالي أضخم بكثير من القيمة الفعلية للقطاعات الأخرى، وتصبح حركته هي الأكبر بما لا يقاس. فقد أشير إلى أن 90% من حركة الرأسمال هي في قطاع "الاستثمارات قصيرة الأجل"، أي في التوظيف في البورصات، أي في المضاربة. وهنا تصبح الأخطار أكبر.
لكن مهلاً، هذه ليست نهاية الرأسمالية، ليس لأننا لا نرغب في ذلك، بل لأن المسألة أعقد من أن تحسب هكذا. الرأسمالية لا تنهار وحدها، إنها تحتاج إلى حفاري قبرها.

vendredi 28 novembre 2008

لعنات « ثروة الأمم

28/11/2008

الأسير باسم الخندقجي ـ قاسيون ◄ تشهق في الأعلى ناطحات السحاب في (سدوم الجديدة ) لتحجب عن السماء ما يجري فوق الأرض من حروب و مآسٍ ...هناك ... عند الشواطئ الشرقية للغرب ... رست سفينة (ماي فلور ) المزدحمة بالحجاج الوافدين إلى العالم الجديد ... حيث لذة الاكتشاف و أكثر من أورشليم القدس لاظفاء القداسة على الشجع المتجذر في أعماق العنف البشرية ...
حيث (وول ستريت ) ذلك الوحش الرقمي الضخم الذي يبتلع تطلعات الفقراء و المساكين ... وينهش أحلام الملايين ...
البداية كانت في يوم ( خميس أسود ) من عام 1929 عندما أصابت العالمين الجديد و القديم لعنة اقتصادية تسبب بها سن المراهقة الذي كان يمر به ( وول ستريت ) ... و قتذاك أضيف سبب أخر لبناء ناطحات الإنسانية ألا وهو الانتماء ... كانت الأبراج الشاهقة الملاذ الأخير في 1929 للمستثمرين و الرأسماليين لكي يضعو( نهاية لعبثهم و طعمهم) ...
و لكن ما لبثت تلك الأزمة أن انتهت عندما استغلتها قوى الرجعية و التطرف التي بدأت بإعداد و تأليف النظريات و الإيديولوجيات حسب هواها و رغباتها القاتلة ... و تعززت مسميات مقيتة مثل ( نحن ) و ( هم ) و تجلت بوضوح مؤذ عندما أصرت تلك الأفكار التنويرية الشكل _ الظلامية الجوهر على إدخال العالم في طقوس و احتفالات دموية و مذابح و محارق أدت إلى تخلي السماء و النجوم و الورد و القمر عن الإنسانية .
حينذاك كان ( وول ستريت ) على مشارف التعافي و الشفاء و الانتهاء أيضا من سن المراهقة لكي يدخل في سن الرشد و العقلانية و هذا ما تحقق له ... إذ أنه و لكي يثبت دقة رأسماليته توجه في حملة إنقاذ مقدسة صوب العالم القديم بصحبة الحرية و الديمقراطية وبضع أرقام ... ليصبح السيد الأكبر بعد 1945 و بعد خطة ( ما رشالة ) .
و كبر ( وول ) و كبرت إمبرياليته و لبس ثوب الكوزموبوليتانية الإنسانية و أصبح سيد الأرقام و لا رقم يعلو فوق أرقامه ... و انهارت الاشتراكية التي لم تكن يوما اشتراكية ... و جاء ( فوكي ياما ) بنهاية التاريخ ... و بعده جاء ( هنتجتون ) بصدام الحضارات ... و لكن يبدو أن هنالك ثمة أكثر من نهاية التاريخ لم تبدأ بعد ...
فكما يصاب الملوك بداء النقرس الناتج عن التهامهم للحوم دوما ... فإن ( وول ستريت ) الشره التهم ما تبقى من آمال و تطلعات و أحلام إصلاح النفس الإنسانية ... فأصابته تخمة الرأسمالية في نهاية 2008 مما أدى إلى كسله و عدم قدرته على تقبل الانعكاسات الناتجة عن تناقضات مائدة الرأسمالية التي تصر على حتمية انهيارها .
رأس المال.. أمال حظه فانكسر ظهره و انهار ... و عمليات الإنقاذ و الإنعاش التي يحاول العالم من خلالها غسل معدة ( وول ) الأكول و إخراج و لائم الأرقام الضخمة من داخلها لم تزل تبوء بالفشل ...
و أما الآثار الجانبية فإنها حتما ستكون كارثية بسبب الكسل و النعاس ... و أمهر أطباء الاقتصاد و أكثرهم براعة لن يقوى على معالجة الطمح الرأسمالي ... حتى نبش قبر ( آدم سميث ) و محاولة إحيائه من جديد لمداواة عزيزنا ( وول ) لن تسهم و لن تساعد في إعداد برنامج حمية رقمية كي يستعيد عافيته و شراهته ...
فسميت الذي نادى بحرية السوق و ( دعه يعمل .. دعه يمر ) لا يعلم أن شعاره أصبح ( دعه يقتل .. دعه يستغل ) .
اليوم ...
من ذا الذي ينهض و يأخذ على عاتقه إعداد الوجبة الرقمية الأخيرة ( لوول ) كي يمضي إلى الصفر و بئس المصير ؟
من ذا الذي يتقن التفاهم مع انعكاسات مصيبة ( وول ) لكي يقود ويلهي تطلعات المساكين و المخذولين في الأرض ؟
إنه صراع أرواح و ليس صراع طبقات ...
كل ما يحدث فوق الأرض من مآس و حروب و كوارث و أحزان هو نتاج لمجموعة رغبات و أفعال وتصورات اولغاركية ارتدت أطهر الأثواب و أنقاها لتنفيذ مأربها الجشعة ...
و صراع الأرواح هذا لا يمكن حله إلا عبر تعرية تلك المجموعات الآثمة ! من أثواب الدين و الحرية و المساواة السامية ... و إلقائها في جحيم البرد التي صنعته هي بأيديها الملطخة بدماء الإنسانية .. الأسير:باسم الخندقجي
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
سجن جلبوع المركزي
الحكم مدى الحياة

The Root Cause of the Crisis of 2008

November 27, 2008

The Impoverishment of the American Worker

The Root Cause of the Crisis of 2008

By JOHN WALSH

“Why have you raised the wages of your workers, Mr. Ford”?

“So that someone can buy my cars.”

Why is the crash and depression of 2008 shrouded in mystery? Why is it not possible to explain the crisis in simple terms that do not involve financial instruments which no one understands – not even their creators? Why have the pundits and economists resorted to little more than a primitive analogy to temperature, that is, the credit market has “frozen up.” Or a psychological one – that this is simply a crisis of confidence. The banks will not lend even though they are being provided heaps of cash by their government; but still there is no lending and no one can or will say why. Is there a real reason why credit is not available and why banks will not lend? Either no one knows, or the answer is unthinkable for the elite and unspeakable for the Commentariat.

There are major factors at work in the economy for decades, which are evident to even the most casual observer; and these, it would appear, are now coming home to roost. Since the 1970s the real wages of American workers have been falling – a decline now lasting over 30 years. Similarly, membership in unions has plummeted as the government has made it harder to organize and employers have become ever more adept at shutting unions out. At the same time, the Democratic Party supposedly the representative of the working class has sold out its base at every turn. Today the wealthiest 400 Americans sit atop a mountain of wealth equal to the wealth of the bottom half of the population, about 150 million Americans. And of course many jobs have been lost to overseas factories, many of them funded by American capital. All of this is a boon to those at the top. And all this means that the purchasing power of the average American has fallen.

At the same time, Americans have systematically been deprived of other means of making purchases. Defined benefit pension plans have all but disappeared, and there are calls for the remaining ones to be dismantled. Social security is not an adequate retirement program, leaving ever more people in poverty or close to it, or working until their dying day. And education is more and more beyond the reach of those who want to “purchase” it, a real mystery, since faculty salary and benefits are in sharp decline. (University CEO’s however are paid ever more handsomely.) Medicare, as a way for seniors to “purchase” health care, is still not comprehensive , and health insurance for all others is non-existent or prohibitively expensive ever less adequate even for those who have it. In previous downturns health care was “counter cyclical” but not this time according to The Wall Street Journal.

So what has been the solution to keep the economy going in this situation? The answer is easy – credit. Since the 1970’s the credit card has emerged as part of our life. Credit has been extended to anyone and everyone. And plastic credit has gradually become an ever more burdensome form of usury, with stinging and often disabling penalties, much to the delight of the creditors who simply find ways to extend more credit and extract more money. Credit has also been extended for mortgages which the creditors, banks and others, are only too happy to lend on the assumption, which no one dared question, that home prices always rise and the borrower can always be made to pay more. An army of real estate agents serves as enforcers for endless property inflation.

One other solution for the plight of the impoverished American is import of goods from overseas. But what can America provide in return? Nothing, is the answer for the long term. For the short term the answer is dollars which others have accepted despite their declining value and because at least fossil fuels can be purchased with them. But the dollar is ever less attractive for this reason. Similarly military Keynsianism has a limited ability to prime the pump in the long term since it is unproductive and there are limits to the ability of the US to force arms sales down the gullet of “allies.”

That such factors are operative is beyond dispute. But why has the crisis hit now? What is the straw that has broken the back of the economy? It would to the war on Iraq and the Muslim world, although it may be simply a coincidence that the economy has crashed as Iraq has burned. In a fairly short time the Iraq war has added another $3-5 trillion dollars of debt to the present and future balance sheets in the US, according to economists Joseph Stiglitz and Linda Bilmes. And with it has come the decline of the dollar, which Paul Craig Roberts has documented so convincingly on CounterPunch.

A simple comparison illustrates the truth of this analysis. Last week the Finance Minister of France was interviewed at length on CPB’s News Hour. She pointed out that France while not growing spectacularly is not in recession! Why? Good pensions, public sector health care insurance, public sector education and no crazy mortgage schemes. And in France a credit card is a rare thing – debit cards yes, credit cards, no. All these things are “counter-cyclical” as they say. Of course it remains to be seen whether France can escape the downward pull of the US economy.

What does recovery for the US economy entail? Certainly not giving more to the banks which have a disappearing class of worthwhile debtors and hence no one to lend to. But that is precisely the strategy which W. and Obama are pursuing. Such a strategy cannot possibly work because there are no credit worthy borrowers – and so far it has not. Quite simply the system has to reverse itself to save itself – and there is little sign of that. The idea that the rich should get poorer and vice versa has no precedent in this society. And Obama shows very little of such tendencies, and his advisers are dead set against it.

So here we are – with a capitalism that has been too successful at extracting wealth and no remedy in sight. Quite simply there are ever fewer people who can afford to buy Mr. Ford’s cars. This is simply a crisis of overproduction – not a new idea, of course, but one that seems to explain the present state of affairs very adequately. Could it be the end of the road for this system? Probably not, because it has still a role to play in the developing world. But it would seem that we are in for a lot of suffering, a lot of turmoil and considerable opening for some radical changes in our way of life – for better or worse.

John Walsh is a professor at U Mass. He is not an a practitioner of the Dismal Science, and he frankly doubts that “economics” as taught in the universities now, as distinguished from political economy, is a valid discipline. He has some knowledge of the physicists and mathematicians who put together the Wall Street “instruments” that have triggered the present crisis. Many of these people knew that they were simply providing their bosses with simulations that proved what the bosses wanted proven. And many of these former academics openly referred to themselves as “whores.” It may be dangerous to let too many physicists go unemployed. He can be reached at john.endwar@gmail.com.

http://counterpunch.org/walsh11272008.html

jeudi 27 novembre 2008

الدولار الأميركي" سفينةٌ تَغْرَقُ والإدارة الأميركية تُحَمِّلُها مزيداً من الأثقال

ماجد الشهابي

أغلبُ الظن أنّ معظم القرّاء لم يَشْهَدوا في حيواتهم نقوداً غير النقود الورقيَّة. وربّما يتساءل بعضهم أيضاً: وهل ثمّة نقود غير النقود الورقيَّة؟

لم تُستخدَمْ النقود الورقية إلاّ في فترةٍ قصيرة جدَّاً نسبيّاً من التاريخ. فمنذ أنَّ صارت عمليَّة التبادل مُمْكِنة، أيّ منذ أنْ حصلتْ تلكَ النقلة النوعية في تطوّر القوى المُنتجة وصار الفردُ قادراً على أنْ يُنْتِج أكثرَ من حاجته، وبالتالي صار لديه فائضٌ يُمْكِنُ أنْ يتبادله مع فردٍ آخر، صار هناك "نقوداً"، ولم تكُنْ تلك النقود ورقيَّة أبداً.

لقد فتحَ ظهور النقود الورقيَّة، الباب على مصراعيه لحدوثِ أكبرِ عمليَّةِ نَهْبٍ مُنَظَّمة لنتاجِ عملِ الناسِ وكدِّهم في التاريخ، فكيفَ حدَثَ ذلك؟

على الرغم من كثرة المُتَغَيِّرات في المُعادلة الاقتصادية لمجتمعٍ ما فمن اليسير التقاط العوامل الأساسية التي تُتيحُ فهم اللوحة الاقتصادية لذلك المجتمع، وأكثر تلك المفاهيم الأساسية ضرورةً لفهمِ تلك اللوحة هما مفهومي "القيمة" و" النقد".

القيمة:

هناك مقاربات كثيرة لفهمها وبالتالي لقياسها. أما المبدأ الذي أعتمدُهُ لقياس القيمة فهو مايلي: تُقاس قيمة أيّ سلعة بـ"وقت" العمل الضروري إجتماعيَّاً لإنتاجها. هذا "الوقت" هو مُعطى مُتَغَيِّر ويرتبطُ تغيُّرُه بالعاملٍ الأساسيّ الذي هو تطوّر وسائل الإنتاج. وتشمل وسائل الإنتاج أدوات العمل (الآلات...إلخ) والقوّة العاملة (الإنسان العامل)، بالإضافة إلى عامل مُهمٍّ آخر هو تنظيم العمل. فإذا كان إنتاج خمسين طناً من القمح في مجتمعٍ ما يحتاج إلى عامٍ كامل وإنتاجُ خمسة أطنان من القطن يحتاج إلى عام كامل وكان إنتاجُ كيلو غرام واحد من الذهب في المجتمع نفسه يحتاجُ إلى عامٍ أيضاً فإنَّ قيمة خمسين طنا من القمح تعادل قيمة خمسة أطنان من القطن وتعادلُ أيضاً قيمة كيلو غرام واحد من الذهب في ذلك المجتمع.

النقد:

ظهرَ النقدُ كضرورةٍ من أجل: مُعادَلَة القيمة (مُعادِلٌ عام) وحِفِْظُها (ادّخارها) وتبادلها (وسيط التبادل في التجارة). فقبْلَ ظهور المُعادل العام للقيمة (أي النقد) كان تبادل القِيَمْ يتمُّ بالمقايضة المباشرة، من يملك القمح ويحتاج إلى القطن يحمل خمسين كيلو غراماً من القمح ويبحثُ عمَّن يُبادلهُ إياها بما يعادلها من القطن وهو في حالتنا خمسة كيلوغرام من القطن.

في سياق مئات السنين من التطوّر ظلّ الناس يبحثون عن سلعةٍ تَصْلُحُ لأن تكونَ "مُعادلاً عامّاً" للقيمة، بحيثُ تتوفّر فيها شروط أساسية: لاتتغيرُ قيمتها مع الزمن (وقت العمل الضروري إجتماعيَّاً لإنتاج مقدار ثابتٍ منها لايتغيّر،) لا تتلف مع مرور الزمن (لاتفقد قيمتها الاستعماليّة)، صغيرة الحجم نسبيّاً (لسهولة التداول)، ووجد الناس ضاّلتهم في المعادن النفيسة: الذهب والفضة، وبخاصّة الذهب.

البنوك:

كانت البنوك في الأصل عبارة عن مستودعات أمينة يحتفظُ فيها العاملون في ميدان الإقراض بالفائدة بما لديهم من ذهب. وصار هؤلاء يَقْبَلون إيداع النقود الذهبية لأيّ شخصُ، بدلاً من أنْ يُبْقيها في بيته، ويتقاضون لقاء هذه الخدمة رَسْماً صغيراً، كما يحصلُ ذلك الشخص من صاحب المستودع على إيصال أمانة، يشيرُ الإيصال إلى كمية الذهب التي تمّ إيداعها في مستودعاته. وعندما يحتاج الشخص إلى عملة (ذهب) لشراء شيء ما يذهب إلى المستودع ويسترجعُ جزءاً من ذهبه ويشتري به ما يشاء ويحصل على وصل أمانة يشيرُ إلى ما تبقّى من ذهبٍ لديه في ذلك المستودع. وإذا أنتجَ الشخصُ مزيداً من المنتجات وباعها وحصل على كميّةٍ أخرى من الذهب لقائها فإنَّه يذهبُ إلى ذلك المستودع ويودعها فيه ويحصلُ على إيصال أمانة آخر يشيرُ إلى كمية الذهب المُودعة. وفي هذا السياق حَصَلَتْ نقلةٌ نوعيَّة في عملية تبادل القِيَمْ، صار الشخصُ إذا أراد أنْ يشتري من بائعٍ ما شيئاً قيمته تُعادل كمية الذهب التي ينصُّ عليها أحد الإيصالات التي يمْلُكُها فهو لايذهبُ ويُحضِرُ الذهب ويعطيه للبائع بل يعطيه الإيصال الذي ينصُّ على كمية الذهب المذكورة. وصار الناس يتبادلون الإيصالات الدالّة على القِيَم في سياق عمليات التبادل (الشراء والبيع)، وهذا هو أصل الأوراق النقديه: إنّها إيصالات أمانة. إنّها إيصالات أمانة، والأمانة هي الذهب. الإيصال بحدِّ ذاته ليس سوى قطعة ورقية لاقيمة لها بذاتها.

الخدعة الكبرى:

عندما تزايدت الأمانات الذهبية لدى أصحاب "مستودعات الأمانة" (المَصارف) تزايدتْ الإيصالات وتنوّعت: إيصالات بغرام واحد من الذهب وإيصالات بعشرة وإيصالات بمئة غرام وإيصالات بكيلوغرام، وصارت إيصالاتهم تُتَداوَلُ في الأسواق، وكان مجموع مُحتوى ما تنصُّ عليه تلك الإيصالات يساوي كميّة الذهب الموجودة في مستودعاتهم.

ولأنَّ أحتمال أنْ يأتي كلّ المُودعين ليسحبوا كل ما لديهم من ذهب في ذلك المستودع في وقتٍ واحدٍ ضئيلاً جداً غامرَ صاحب المستودع في أنْ يستخدمَ جزءاً من ذلك الذهب في عمليات إقراض بالفائدة ويُحققَ ربحاً باستخدام أموال (ذهب) المُوْدِعين.

أماالنَّقْلة النوعيَّة، الخدعة الكبرى، فقد حصلتْ عندما بدأ أصحاب مستودعات الأمانة أولئك يطبعون إيصالات أمانة وهميَّة (لم يُوْدِعْ أحدٌ ذهباً مقابلها) ويستخدمونها في أعمالهم التجارية. لقد صار ذلك مُمْكناً بالنسبة لهم لأنَّه، مالمْ تحصل أزمةٌ كبرى، فإنَّ المُودِعين لن يأتوا جميعاً ليَستعيدوا كلَّ ما أودعوه لديه من ذهب ويعطوهُ إيصالاتِهِ في وقتٍ واحد). وقد جرى تعميم هذه الخديعة في الميدان الاقتصادي العالمي، وشَرْعَنتْها الحكومات وَوَضعت لها بعض الضوابط: مثلاً: لايُسمحُ لمَصرفٍ ما بأنْ يُصْدِرَ عملةً ورقيَّة (إيصالات أمانة) تزيد عن نسبةٍ معيَّنة (50% مثلاً) مما لديه من ذهب. لكن تلك الإيصالات ظلَّتْ قابلة للإبدال بالذهب دائماً. وهكذا كان الحال في الولايات المتحدة[1] إلى يوم الخامس عشر من آب/أغسطس عام 1971. في ذلك اليوم أصدرت الإدارة الأميركية (برئاسة ريتشارد نيكسون) قراراً بقطع العلاقة بين إيصالات الأمانة الأميركية (الدولار) وبين الذهب. كان كلّ خمسة وثلاثين إيصال أمانة أميركي (دولار) يعادل أونصة ذهب واحدة. ويُمْكِنُ لأيّ دولةٍ تتاجر مع الولايات المتحدة، لنَقُلْ باعتْ لجهةٍ ما في الولايات المتحدة بضاعةً قيمتها خمسة وثلاثين مليون إيصال أمانة (دولار) أنْ تستبدلها من أحد بنوك الإحتياط الفيدرالي بمليون أونصة ذهب.

ديكتاتورية نقدية

بعد قرار نيكسون لمْ تَعُدْ تلك الإيصالات قابلة للإبدال بالذهب أبداً. وقد أطْلَقَ ذلك القرار يدَ كارتل البنوك المُسمّى بنك الاحتياط الفيدرالي لكي يطبَعَ من تلك الإيصالات (الدولارات) ماشاء له أنْ يَطبع دون أنْ يخشى أنْ يأتي يومٌ يطالبُه فيه أحدٌ بالذهب الذي يُعادلها.[2] ومنذ ذلك اليوم بدأت "فُقاعة الدولار الأميركي" بالتَشَكُّل والانتفاخ. وبالمناسبة فإنَّ بنك الاحتياط الفيدرالي ليس فيدرالياً، أيْ ليس حكوميَّاً. ليس فيه شيء فيدرالي سوى اسمه. إنَّه مؤسسة مصرفية خاصَّة[3] تَحْتَكِر إصدار العملة الورقيّة الأميركية، لكنَّ الحكومة الفيدرالية الأميركية تحميها وتحمي امتيازها على الرغم من أنّه ليس في الدستور الأميركي ما ينصُّ على السماح بإنشاء بنك مركزي. نظام الاحتياط الفيدرالي هو كارتل بنوك خاص، لاتملكُه الحكومة الأميركية، إلاّ أنّها تستفيدُ من وجوده.

زياد الأسعار على الرغم من انخفاض القيمة:

إذا كنا نعيش في مجتمعِ رأسمالي فيه سوقٌ حرّة وليس فيه احتكار فيجب أنْ تنخفض "قِيَمُ" السلع باستمرار، والسبب هو أنَّ وسائل الإنتاج (أدوات الإنتاج ومهارات اليد العاملة وتنظيم العمل) في تطوُّرٍ متواصل، وهذا التطوُّر يُخَفِّضُ "وقتَ العمل الضروري إجتماعيّاً" لإنتاج السلع. لكنَّنا على الرغم من ذلك نشهدُ ارتفاعاً متواصلاً في أسعار المنتجات في شتى بقاع العالم، فلماذا؟

تلعبُ في هذا الأمر عوامل عدّة منها مقدار الطلب على السلعة والاحتكار والمضاربة، إلاَّ أنّ العامل الجوهري والأهمّ والأشد وطأةً والأكثر ديمومةًً هو "الخيانة المَوْصوفة للأمانة، تلك الخيانة التي تمارسها الجهات التي تتحكّمُ بإصدار "إيصالات الأمانة"، الجهات التي تتحكّم بإصدار المُعادل العام للقيمة: النقد. يُسمي "خبراء" الاقتصاد هذه الخيانة-السرقة باسمٍ آخر يُعمي المُتابع عن حقيقتها، يسمّونها "التضَخُّم".

سرقة القيمة:

مَنْ هم أولئك الذين يمُدُّون أياديهم الخَفِيَّة إلى جيبِ كلِّ مَن يحمل إيْصالات أمانة (نقد وَرَقي) يُمَثِّلُ القِيَمْ التي أنتَجَها بجهدِه وكَدِّه، ويَسرقون جزءاً من تلك القيَم كلَّ يوم؟ إنَّهم مُلاَّكُ المَصارف المركزية، سواءٌ كانوا أشخاصاً بعينهم، كما هي حال كارتل الاحتياط الفيدرالي في الولايات المتحدة، أم كانوا رجال السياسة في الحكومات، سواءٌ كانت ديمقراطية أو ديكتاتورية. إلاّ أنَّ أكثر أولئك اللصوص سطوةً هو كارتل الاحتياط الفيدرالي الأميركي، وذلك لأنَّه لا يكتفي بسرقة المواطن الأميركي فحسب بل يسرقُ كلَّ شخصٍ أو مؤسسةٍ أو حكومةِ بلدٍ يَدَّخِرُ جزءاً من القِيَمِ التي يُنتجها بواسطة "إيصالات الأمانة" التي يُصْدِرُها ذلك الكارتل، أي: أوراق النقد الأميركية، "الدولار".

الدولار الأميركي والأزمة الراهنة

بعد الحرب العالمية الثانية اجتمعت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي خرجت من الحرب باقتصاد قويّ لم يتعرَّض إلى دمارٍ يُذْكَر، كما كانت الحال بالنسبة للأوربيين، واتفق الجميع في "بريتون وودز" على إنشاء نظام صرف عملات، يجري وفقاً له تبادل العملات الأوروبية مع الدولار الأميركي بناءً على سعر صرف ثابت[4] نسبيَّاً. وبعد ذلك بسنوات تم تحرير أسعار الصرف وصارت السوق، بالإضافة إلى تدخلات المصارف المركزية في تلك البلدان، هي التي تقرِّرُ أسعار الصرف. ثم جاء قرار نكسون عام 1971 الذي قضى بإلغاء مبادلة الدولار بالذهب فكان المسمار الأخير في نعش إتفاقية بريتون وودز.

شهدَتْ المرحلة بين توقيع اتفاقية بريتون وودز 1945 وقرار نيكسون عام 1971، الذي قبَرَ الاتفاقية، جهداً أميركيَّاً محموماً لجعلِ الدولار الأميركي العملةَ المُعْتَمَدَة للمبادلات الدولية وبالتالي عملة الاحتياط في المصارف المركزية في مختلف دول العالم، ونجحَ الأميركيون في ذلك. وكانت موافقة السعودية، أكبر مُصَدِّرٍ للنفط في العالم، على اعتماد الدولار الأميركي في تسعير نفطها وبيعه، علامة فارقةً في تحقيق هذا المَسعى.

منذ عام 1971 وإلى يومنا هذا يتمتّعُ كارتل البنوك الأميركي (الاحتياط الفيدرالي) بامتيازٍ لم يَحظ بمثلِهِ أحدٌ في التاريخ: إصدار نقد ورقي تُنْتِجُهُ مطبَعَةٌ لا غَيْر لكنَّ مُعظمَ الناس يَقْبَلُونه، كما القَدَرْ، كما لو أنّه مُمَثِّلاً لقيمَةٍ ثابتة، وهذا القبول ناجمٌ عن ثقةِ، ولا شيء غير ثقةِ، المُتَعاملينَ بأنَّ خَلْفَ تلك الورقة يقبَعُ اقتصادٌ منتِجٌ هو الأقوى في العالم وهذ الاقتصاد يَضْمَنُ بقاء مقدار القيمة التي يُمَثِّلُها هذا النقد ثابتاً.

كان الاقتصاد الأميركي هو "الأقوى" في العالم، إلاّ أنّ تلك الحال لم تَدُمْ طويلاً. فبالإضافة إلى أكثر من ربع قرن من الكدّ والشغل المنتج والأبحاث والتطوير في دول أوروبا وآسيا التي راكَمَتْ فيها قِيَمَاً هائلاً وفوائض تجارية هائلة، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تستهلكُ وحدها قرابة نصف الإنتاج العالمي، استغلّ الأميركان شعباً وحكومةً وضعهم المُتَفَوِّقْ وامتيازهم النقدي (لكَوْنِ الولايات المتحدة هي التي تُصْدرُ عملة المبادلات الدولية، الدولار) وضلّوا الطريق. كانت الولايات المتحدة أكبرَ مُقْرِضٍ في العالم، أما الآن فهي أكبرُ مُقْتَرِضٍ في العالم. تبلغُ ديون الحكومة الأميركية (آب 2008) أكثر من 9 تسعة تريليونات[5] من الدولارات، منها ما يزيدُ على ثلاثة تريليونات ديون خارجية (اقترضتها الإدارة الأميركية من الصين واليابان والسعودية وبعض المصارف الأوروبية والآسيوية الأخرى). الشعب الأميركي نفسه صار يُنفق أكثر مما يُنتج[6] (معدَّل نسبة الادّخار الإجمالية لدى الأميركيين في السنوات الثلاثة الماضية تحت الصفر). كما تقلَّص الناتج المحلي الإجمالي[7] الأميركي GDP نسبةً إلى الإنتاج العالمي بأكثر من 100%، (كانت أميركا تنتج نصف الإنتاج العالمي تقريباً فصارت تنتج أقلّ من ربع الإنتاج العالمي[8]. منذ منتصف السبعينات، حينما بدأ عجز الميزان التجاري الأميركي بالظهور، صارت الولايات المتحدة بلداً، (حكومةً وشعباً) تستهلكُ أكثرَ ممَّا تنتجُ. وقد بلغ عجز الميزان التجاري الأميركي عام 2007 مايعادل 738.6 مليار دولار سنوياً[9].

كانت كارتل الاحتياط الفيدرالي يُصْدِرُ مُعطىً إحصائيَّاً يرمزون له بـ"M3"، وهو يُحصي حجم الكتلة النقدية (نقداً وائتماناً) مما يُتيحُ للناس معرفة مقدار الزيادة في حجم الكتلة النقدية الدولارية، إلاّ أنْ الحكومة الأميركية توَقَّفَتْ في آذار/مارس 2006[10] عن إصدار ذلك المُعطى الإحصائي، وما عادت دولُ العالم تعرفُ مقدار الزيادة في حجم الكتلة النقديّة الأميركية.

لو كانت نسبة الزيادة في حجم الكتلة النقديّة الأميركية التي "يَخْلِقُها" (يطبعها) كارتل الاحتياط الفيدرالي تعادل نسبة الزيادة في الناتج القومي الإجمالي الأميركي لَظلَّتْ القيمة التي يُمَثِّلُها الدولار مستقرَّة[11]، إلاَّ أنْ الأميركان ظلَّوا يطبعون من الدولارات ما شاء لهم أنْ يطبعوا ويستخدمونها في شتى الميادين. كارتل الإحتياط الفيدرالي يطبع النقود (أيَّ يُزَيِّف مُعادِلات القيمة) ويُقْرِضها للإدارة الأميركية وللبنوك الأخرى، وبفائدة. لقد طبَعَ كارتل الاحتياط الفيدرالي كمياتٍ هائلة من النقد، ففي السنوات الثلاثة الأخيرة ضخَّ ماقيمته أربعة[12] تريليونات من النقد والائتمان في السوق، هذا عدا مبلغ 700 مليار دولار الذي صادق الكونغرس على أنْ تَقْتَرِضُهُ الإدارة الأميركية لتُنْقِذَ فيه بعض المؤسسات المالية الفاشلة. وتشير بعض المراجع إلى أنَّ المبلغ "اللازم" تجاوز الـ700 مليار دولار بكثير وقد يصل إلى 5 تريليون دولار.[13]

من أيْنَ ستأتي وزارة الخزانة الأميركية بالسبعمائة مليار دولار وهي الخزانة المُفْلِسة[14]؟

أمام الإدارة الأميركية خياران: إمَّ أنْ تَفْرِضَ ضرائب جديدة وإمَّا أنْ تقتَرَضَ المبلغ. مسألة فرض ضرائب جديدة غير واردة، لأسبابٍ شتى يحتاجُ بحثها إلى مقالةٍ أخرى. والخيار الثاني هو الاقتراض... لكن ممَّنْ تقترِضُ الإدارة المُثقَلة بأكثر من تسعة تريليونات دولار من الديون؟ ستبيع مزيداً من السندات الحكومية إنْ وجدَت مَنْ يُجازفُ بعد بشرائها، أو، وهو أسهلُ الطرائق، الاقتراض من كارتل الاحتياط الفيدرالي... من أينَ سيأتي كارتل الاحتياط الفيدرالي بالنقود؟ سيخلِقُها من العدم... أيْ سيطبَعُها... الأمر الذي سيَفْرِضُ مزيداً من الضغط على الدولار، أي سيُخَفِّضُ "القيمة" التي يُمَثِّلُها، أي سيُخَفِّضُ قوَّته الشرائية.

والسؤال الآن: لماذا لم تنهار الثقة بالدولار فتتلاشى القيمة التي يُمَثَِّلُها على الرغم من الكميّات الهائلة من الدولارات التي يطبَعُها والائتمان الذي يُصْدِرُه كارتل الاحتياط الفيدرالي؟

طبعاً لقد تراجعت القيمة التي يُمَثِّلُها الدولار تراجعاً كبيراً منذ إنشاء "كارتل الاحتياط الفيدرالي" عام 1913 إلى يومنا هذا. إنّ دولاراً أميركياً واحداً يشتري عام 2006 من سلعةٍ معيَّنة ما كانت تشتريه خمسة سنتات فقط عام 1913.[15] إلاّ أنَّ ذلك حدَثَ على مدى سنواتٍ طويلة، أكثر من تسعين عام بقليل.

ما الذي مَكَّنَ الدولار الأميركي من الصمود طيلة هذه المدّة، وبالتحديد طيلة المدَّة التي انقضتْ منذ أنْ أبْطَلَتْ إدارة نيكسون عام 1971 حق الدُوَل باستبدال دولاراتها (إيصالات الأمانة) بالذهب؟ والجواب هو أنَّ الولايات المتّحدة كانت قادرة على "تصدير" نتائج سرقاتها، كانت قادرة على تصدير "التضخَّم النقدي" الذي تسبِّبُهُ إلى البلدان الأخرى، وبخاصَّة عبر سنداتٍ التي تشتريها الدول والمصارف الأجنبية.

إلاّ أنّ المُشتثمرين في سندات الحكومة الأميركية بدؤوا يلمسون أنَّ ما يكسبونه من فائدة على السندات يأكلُه " التضخُّم"، فتضاءلتْ الثقة بتلك السندات ممّا حدى بالحكومة الأميركية إلى إصدار سندات مَحْمِيَّة من التضخم. إلاّ أنّه وعلى الرغم من ذلك يظلَّ المُستثمر خاسراً لأنَّ نسبة "التضخم" الحقيقيَّة أكبر من نسبة "التضخُّم" التي تَحْسُبُها وتُعلنها الحكومة الأميركية (ثلاثة أضعافها تقريباً بين شهر أيلول/سبتمبر 2007 وأيلول/سبتمبر 2008). [16]

والسؤال الآن: إلى متى سيظلُّ مُمْكِناً لأميركا أنْ تَسْرقَ العالم عن طريق سرقة "القيمة" التي يُمَثِّلُها النقد الورقي الأميركي "الدولار" (أي عن طريق تخفيض "القوِّة الشرائيّة" للدولار)؟

سيظلُّ ذلك ممكناً إلى أنْ يتوقَّف الناس عن "استيراد" "تَضَخُّمها النقدي". أيْ عندما يبدأُ الناس، دُولاً ومُستثمرين، بفقدان الثقة في الدولار، وبالتالي عندما يفقد الدولار "مكانته" كعملةٍ للمبادلات الدوليّة. لقد بدأت هذه السيرورة منذ أكثر من عقدين من الزمن، أمّا متى تحصل النقلة النوعيَّة، الكارثة، ويدفع الاقتصاد الأميركي، ومعه العالم لأنَّه وَثِقَ بلصوص القيمة، ثمنَ "البَلْطَجة النقديّة" التي كان ذلك الاقتصاد يمارسها ومايزال، في شكل "تَضَخُّمٍ" نقديٍّ هائل، أيْ انهيار للقوَّة الشرائيّة للدولار الأميركي، فهذا ما لا يُمْكِنُ وضع تاريخٍ دقيق له، لكنَّه، في رأيي، على الأغلب مسألة سنواتٍ لايتجاوز عددها عدد أصابع اليد.

ولكيْ يلمس القارئ المعنى العملي لـ"التضخُّم الهائل"، للانهيار المُحتَمَل للقوّة الشرائية للدولار الأميركي، نُذكِّرُ بمثال فريدٍ من التاريخ القريب: ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى. جرى ذلك في المانيا في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى، بين عامي 1920 و1923. ففي أثناء أربعة سنين من الطباعة المتواصلة لكميات هائلة من الماركات الألمانية صارت القوة الشرائية لتريليون 1000000000000 مارك عام 1923 تعادل القوة الشرائية لمارك ألماني واحد في عام 1914.[17] لقد خَلَقتْ الحكومة الألمانية من العَدَم (طَبعتْ) كميَّات هائلة من الماركات ممَّا أدى إلى انخفاض مُريع للقوة الشرائية للمارك، وبمعنى عملي فقد آلت القوة الشرائيَّة للمارك الألماني عام 1923 إلى الصفر[18]. وللعلم ففي أكتوبر من العام المذكور(1923) لم تَعُدْ الضرائب التي تجبيها الحكومة الألمانية، وهي المَصْدَر الرئيس لدخل الحكومات، تُشكِّل سوى ثمانية بالألف من عائداتها.

كلمة أخيرة:

"القيمة" لا تُخْلَقْ من العدَم. إنَّها تُصْنَعُ بالجهد والكّد والإبداع. يُمْكِنُ أنْ تجري سرقة القيمة كما يفعلُ الأميركان الآن، (وكل البنوك المركزيّة التي تُصْدِرُ الأوراق النقدية)، لكنَّ تلك القِيَمْ التي تجري سرقتها إنَّما هي قِيَمٌ أوجدتها ساعات وأيام وسنين عملٍ وجهدٍ وكدٍّ مليارات البشر. إنّها أعمار مئات الملايين من الناس المُنتجين يَهْدُرها صُنَّاع القرار السياسي، الأميركان منهم بخاصَّة، في مغامراتهم الناجمة عن عقلٍ مريضٍ بالجشع أو بالعَمَى الإيديولوجي أوكليْهما.

إنَّ مَنْ يُصغي إلى كثيرٍ من "الخبراء! الاستراتيجيين!"[19] الأميركان وهم يتحدَّثون عن مشكلاتِ بلدهم وبخاصَّة أزمتهم الاقتصادية وورطتهم في "جريمة العصر"، غزو العراق، يستنتجُ بيسر أنَّه إذا كانت تلك هي سويَّة النخبة في المؤسسة السياسيّة الحاكمة، كونغرس وإدارة ومُستشارين معاً، فمن الطبيعي أنَّ تلاقي امبراطوريتهم ذات القوَّة التدميريَّة الهائلة مصير ما سبقها من امبراطوريّات، مع فارقٍ وحيد: سرعة الأُفول.



[1]

- كانت الحكومة الأميركية للمرة الأولى قد أبطَلَتْ بقوة القانون إستبدال الدولار بالذهب للمواطنين الأميركيين عام 1933(وكان عندها كل 20 دولار يعادل أونصة ذهب واحدة)، وأبطلتْ قانونية كل العقود التي اتُّفق فيها على الدفع بالعملة الذهبية. لكن الدولارات المملوكة للمَصارف الأجنبية ظلَّت قابلة للاستبدال بالذهب بواقع أونصة ذهب واحدة مقابل كل 35 خمسة وثلاثين دولار حتى عام 1971. راجع "Empire of Debt" الطبعة الأولى 2006 لمؤلّفيه وليام بونر وأديسون ويغن، صفحة177، وكتاب "The Revolution: A manifest" لمؤلِّفه، عضو الكونغرس الأميركي والخبير الاقتصادي رون بول، الطبعة الأولى 2008، صفحة 140.

[2] - صرَّحَ نيكسون يومها "إنَّه إذا واصلنا سياسة مبادلة الذهب بالدولار وفق النسبة أونصة ذهب إلى خمسة وثلاثين دولار ففي غضون عامٍ واحد لن يبقى لدى أمريكا أونصة ذهب واحدة." راجع: "The Revolution: A manifesto" الطبعة الأولى 2008، صفحة140.

[3] - المصدر السابق، صفحة 139. ولمن يرغب بمعرفة تاريخ هذه الكارتل وكيف تمّ إنشاءه و"تمريره" على الشعب الأميركي يمكن مراجعة كتاب: The Creature from Jekyll Island : A Second Look at the Federal Reserve لمؤلّفه: ج. إدوارد غريفن.

[4] - كان يُمكنُ تعديل "القيمة الأسمية" لعملة دولة معيَّنة بنسبةٍ محدودة إذا حدَثَ "خللٌ جوهريّ في ميزان مدفوعاتها"، وذلك بعد استشارة صندوق النقد الدولي وموافقته.

[5] - ولكي تتمكن الإدارة الأميركية من الوفاء بالتزاماتها عليها أنْ تقترض يومياً 1.86 مليار دولار. في تموز/يوليو من العام الجاري 2008 رفع الكونغرس الأميركي "سقف الدين" المَسموح للحكومة إلى 10.6 تريليون دولار، راجع كتاب أديسون ويغن وكيت إنكونتريرا "I.O.U.S.A" الطبعة الأولى 2008 صفحة 12.

[6] - في عامي 2005 و2006 كانت محصِّلة المُدَّخرات الشخصية للشعب الأميركي تحت الصفر، وفي العام الماضي 2007 زادت لتصبح 1% تقريباً من الناتج القومي الإجمالي، وللمقارنة فإنَّ النسبة نفسها في الصين تبلغ 40% من الناتج القومي الإجمالي! المصدر السابق صفحة 43.

[7] - بلغ مجمل ما تنتجه الولايات المتحدة من سلع وخدمات " الناتج المحلي الإجمالي الأميركي" لعام 2007 مايقارب 13.5 ثلاثة عشر ونصف تريليون دولار. مقابلة مع ديفيد ووكر، وهو مُدَقِّق حسابات الحكومة الفيدرالية في عهد كل من الرؤساء ريغان وبوش الأب وكلنتن، راجع: "I.O.U.S.A" الطبعة الأولى 2008 صفحة 19.

[8] - يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للعالم كلّه، حسب صندوق النقد الدولي 54.58 تريليون دولار، والناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 13.5 تريليون دولار، وهو أقل من الرُّبع بقليل. راجع المعطيات الإحصائية لصندوق النقد الدولي على الرابط التالي:

http://www.imf.org/external/datamapper/index.php

[9] - راجع كتاب "I.O.U.S.A" الطبعة الأولى 2008 صفحة 62.

[10] - راجع البيان الصحفي الصادر عن مكتب الاحتياط الفيدرالي على الرابط التالي: http://www.federalreserve.gov/Releases/H6/20060309/h6.txt

[11] - نمت "الكتلة النقدية" (M3) من 2056.6 مليار دولار في أذار1981 إلى 10336.3 مليار دولار في أذار2006 فهل نمى الاقتصاد الأميركي بنسبة مساوية، بالتأكيد لم يتضاعف الناتج القومي الإجمالي عندهم خمسة مرات. راجع المعطيات الإحصائية لكارتل الإحتياط الفيدرالي على الرابط التالي: http://www.federalreserve.gov/Releases/H6/HIST/h6histc.htm

[12] - راجع راجع موقع Shadow Convergent Statistics على الرابط التالي: http://www.shadowstats.com/alternate_data/download_m3?mode=text

[13] - مقابلة عضوالكونغرس د. "رون بول" مع CNN على الرابط: http://www.youtube.com/watch?v=WorcSQfA1C8

[14] - بلغ عجز الموازنة للسنة المالية 2008 رقماً قياسيّاً مقداره 438 مليار دولار. راجع موقع صحيفة "USA Today" على الرابط التالي: http://www.usatoday.com/news/washington/2008-10-07-deficit_N.htm?csp=34

[15] - راجع كتاب "Empire of Debt" الطبعة الأولى 2006 لمؤلّفيه وليام بونر وأديسون ويغن، صفحة 186.

[16] - راجع موقع Shadow Convergent Statistics على الرابط التالي: http://www.shadowstats.com/inflation_calculator?amount1=100&y1=2007&m1=9&y2=2008&m2=9&calc=Find+Out

-[17] المصدر: كتاب "Exchange, Prices and production in Hyper-Inflation: Germany,1920-1923" لـ "فريدريك هايِك" الصادر عن جامعة برنستون عام 1930 والذي أعيد نشره عام 1967 عن دار "راسل أند راسل". فصل أول صفحة 4.

[18] المصدر السابق نفسه الصفحة الرابعة.

[19] - هل يمكن للقارئ أنْ يُصَدِّق أنَّ مُعظم أعضاء الكونغرس الأميركي صوَّتوا بالموافقة على مشروع قانون "Patriot Act"، الذي قَرَضَ جزءاً كبيراً ممَّا تبقى للمواطن الأميركي من حرِّيات، من دون أنْ يقرؤوه؟!!!! ذكرَ ذلك القاضي الأميركي الشهير أندرو نابوليتانو في محاضرة له في مؤتمر لأحد "بيوت الخبرة" الأميركية "The Future of Freedom Foundation"، وذكرَ أنّ مشروع القرار يتألف من 315 صفحة وأنّه تمَّ إعطاء أعضاء الكونغرس خمسة عشر دقيقة فقط لقرائته على شبكة إنترانت (وهي شبكة خاصة بالكونغرس)!! ولمن يرغب بمشاهدة المحاضرة مسجّلة يمكنه ذلك على الرابط التالي http://www.youtube.com/watch?v=35yhSifZ5jI&feature=related

وهل يُصدِّق القارئ أنَّ أحد أعضاء "لجنة الخدمات الماليّة في الكونغرس الأميركي" لاتعرف أنَّ الدولار الأميركي هو عملة ورقيَّة لم تعد مدعومةً بالذهب أبداً؟!!! أوردَ ذلك الخبير الإقتصادي وعضو الكونغرس د. "رون بول"، وهو عضو في "لجنة الخدمات المالية للكونغرس" المذكورة، يمكن مشاهدة الحوار على الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=2nSCKt4Cw6k.

www.alkader.net

Promote Your Blog

Free Blog Promotion - Blog and Blog resource Directory

La crise financière actuelle : erreurs d’ « aventurier-banquiers » ou logique du capitalisme financier ?

jeudi 14 février 2008.

Source : http://prs38.unblog.fr/

Comme à l’accoutumée la plupart des commentateurs limitent leurs analyses à la partie émergée de l’iceberg. Il est vrai qu’au départ la crise financière est due à des prêts risqués, trop risqués, de la part des banques américaines. Mais la mondialisation financière et ses merveilleuses techniques financières (les innovations et titrisations) ont répandu ces dettes pourries sur la planète entière... C’est ainsi que de crise financière localisée aux USA, nous sommes passés à une crise bancaire touchant une bonne partie de la planète : une des plus grandes banques américaines, Merryl Linch, vient d’annoncer une perte de 100 Milliards de dollars, sa valeur en bourse et celle de City Group, autre grande banque, vient de fondre de 50%. UBS le géant suisse est sauvé de la faillite grâce à un fonds en provenance de Singapour pour un montant de 6 Milliards d’euros ...désormais les banques hésitent à prêter et l’argent se fait plus rare ...c’est ainsi que nous risquons de passer à une crise tout court !!

Quelles sont les causes fondamentales de cette crise ?

S’arrêter à la mise en cause des « subprimes » serait ne considérer que l’arbre qui cache la forêt ! La réalité est surtout qu’il y avait trop d’argent sur les marchés financiers !!! On peut écrire « avait » car en système capitaliste le propre des crises est justement de faire le nettoyage. Comme toujours en capitalisme, la crise de surproduction se solde par des faillites, fermetures d’entreprises, chômage, ...bref par de la destruction de richesse ! La crise joue un rôle de régulation, de remise des compteurs à zéro... jusqu’à la prochaine fois !! En l’occurrence il est bon de souligner qu’il n’aura pas fallu attendre longtemps depuis la dernière crise puisque celle-ci a éclaté en 2001 aux Etats-Unis. C’est donc à peine 6 ans plus tard qu’une nouvelle crise survient, ce qui démontre la très grande instabilité économique du monde dans lequel nous vivons.

Il n’a pas fallu attendre non plus l’éclatement de la crise pour que chacun sache que la situation était intenable et que la quantité de capitaux en circulation menacait de faire éclater une nouvelle bulle. C’est en mars 2007 que le mensuel L’expansion titrait déjà « attention, il y a trop d’argent dans le monde ». Il n’est pas inutile de citer ce qu’écrivait alors les journalistes de ce magazine : « Au total, la masse monétaire mondiale a doublé entre 2000 et 2006, progressant trois fois plus vite que la production. Résultat, en six ans, 2 165 milliards de dollars de trop se seraient accumulés dans la machine économique globale (...) « Tout cet argent en quête de rendement entraîne le gonflement d’une multitude de bulles financières. Plus ça dure, plus la probabilité d’une crise grave augmente », prévient L. Berrebi, chef économiste de Groupama Asset Management »

C’est ce trop plein d’argent, de capitaux qui a entraîné de la part de leurs possesseurs un besoin de le placer à tout prix et surtout à tout risque !! Alors certes, si il est vrai que des banquiers imprudents ont pris des risques qui ont fini par faire exploser la crise, une autre question vient immédiatement à l’esprit, surtout à un moment où en France le gouvernement Sarkozy tente de nous convaincre que les caisses sont vides : pour quelle raison y avait-il trop d’argent ? On peut partir des US pour répondre.

La politique monétaire américaine en cause

La croissance y a en effet reposé essentiellement sur la spéculation immobilière et la consommation des ménages, elles mêmes alimentées par une expansion massive crédit. De très bas taux d’intérêt y ont été pratiqué pour éviter la récession économique suite au dernier krash boursier de 2001 !!

Ainsi le recours au crédit aux USA a atteint des proportions absolument colossales. En mars 2005, la dette totale de l’administration, des entreprises, du secteur financier et des ménages américains s’élevait à 40 000 milliards de dollars ! L’endettement des ménages s’élève à 10 300 milliards de dollars, soit, en moyenne, 103% des revenus annuels des ménages. Le crédit a donc permis à l’économie capitaliste d’échapper temporairement à ses contradictions. Par le biais du crédit le capitalisme a en effet augmenté de manière artificielle la demande, reportant ainsi pendant un temps la crise de surproduction.

Et ce temps est fini, le temps de la crise s’est sans doute ouvert ... Aux USA des millions de familles sont surendettées et déjà plus de 5 millions le sont en Grande Bretagne, une telle situation fait peser un risque de contraction brutale de la demande intérieure (déjà -0.4% en décembre aux USA) et dès lors une récession dont on ne voit pas pourquoi elle ne toucherait que les USA ...

Toutefois si la politique de la Banque fédérale américaine peut-être vue comme un élément d’explication, l’abondance de capitaux est aussi le résultat de la logique du capitalisme financier lui-même !

« Une hausse tendancielle de la part du profit »

En juillet 2007, la Banque des Règlements Interantionaux faisait ce constat : « la part des profits est inhabituellement élevée » et indiquait qu’il n’y avait « pas de précédent dans les 45 dernières années ! » Plus récemment A. Greenspan a fait le même cosntat : « la part des salaires ds la valeur ajoutée est historiquement basse à l’inverse d’une productivité qui ne cesse de s’améliorer » (...) « ce découplage entre faibles progressions salariales et profits historiques des entreprises fait craindre (...) une montée du ressentiment (...) contre le capitalisme et le marché » (A Greenspan, financial times, septembre 2007)

L’économiste Michel Husson fait de cette « hausse tendancielle de la part du profit » la caractéristique principale du capitalisme mondialisé.

Comment en est-on arrivé là ?

La crise des années 70 a mis en valeur, au-delà du choc pétrolier, un problème de maintien du profit. Les classes dirigeantes ont alors décidé l’abandon des politiques « keynésiennes » et choisi l’orientation libérale : privatisation, hausse des tx d’intérêt , mondialisation et libre circulation sans oublier l’outil classique mais essentiel le chômage. Ces différents éléments, auxquels tous les gouvenements se sont convertis, y compris en France avec le « tournant de 1982-83 » ont eu comme effet de modifier les rapports de force sociaux. Le patronat a pris appui sur ce phénomène pour modifier profondément les règles de formation des salaires. D’une norme salariale où le salaire augmentait comme la productivité, de telle sorte que la part salariale demeurait à peu près constante, on est passé à une situat où le salaire croît à un rythme inférieur à la productivité. Ceci signifie que les gains de productivité ne reviennent plus aux salariés dont le pouvoir d’achat est désormais plus ou moins bloqué, mais aux profits. C’est ainsi que ce changement des rapports de forces a ouvert la voie à la baisse de la part salariale.

Appliqué à la France et pour vaoir une idée d’ordre de grandeurs que cela représente, on peut dire que certes nous sommes dans un contexte de croissance « molle », elle n’est que d’environ 2% par an. Mais 2% par an cela représente en France, 36 Milliards de richesse produite en plus chaque année !! Où va-t-elle ? Pas au salaire !!

Quel rapport avec la crise financière ?

Cette plus-value qui augmente plus vite que le revenu national n’est pas plus investie qu’avant (le taux d’investissement reste stable) et donc la question qu’il faut se poser est que devient cette contrepartie de la baisse de la part salariale ? Plusieurs réponses doivent être faites.

Tout d’abord on a assisté à une utilisation « financière » tout azimut de la part des entreprises elle-mêmes et des fonds de placement qui gèrent une partie de l’épargne mondiale : fusions, OPA, rachat d’action par l’entreprise elle-même !!... 2007 a vu dans le monde pour 4500 Milliards $ d’opération, soit 24% d’augmentation par rapport à 2006 qui était déjà vue comme une année record ! Une telle activité alimente et entretien la bulle financière et donc l’abondance de capitaux.

Un autre élément réside dans le fait que les profits dégagés non réinvestis sont distribués à une mince couche de possédants et de pseudo-salariés à la recherche de placements qui pourront à nouveau la faire fructifier. En 2006, les 5 000 plus grosses capitalisations boursières de la planète ont accumulé 1 734 milliards de dollars de profits, soit 800 milliards de plus qu’en 2002.

Dans les deux cas, on a une énorme surabondance de liquidités et de capitaux financier qui revendiquent des rendements toujours plus extravagants et qui les obtiennent !!! Alors que les bénéfices des entreprises ont augmenté ces dernières années de 7 à 8% l’an en moyenne, les dividendes eux ont augmenté de plus de 23% !!! La finance a réussi à capter la majeure partie des gains de productivité au détriment des salaires dont la part a reculé. La distibution de dividendes a d’ailleurs permis à certains de voir leur pouvoir d’achat consiudérablement augmenter ! Il suffit de constater l’explosion de vente des produits de luxe, bateaux, 4x4 de luxe, consommation ostentatoire dont Sarkozy est si friand...

Au total, la mondialisation financière a ainsi durci les lois de la concurrence en fluidifiant les déplacements du capital et a contribué à peser sur les salaires et les rapports de forces sociaux ; chômage, menace de délocalisation, ...bref une évolution possible par l’augmentation du taux d’exploitation du travail !!! Cette augmentation a permis de dégager des sommes énormes qui ont alimenté la machine à spéculer jusqu’à la crise actuelle... La nature de classe des phénomènes à l’oeuvre saute alors aux yeux : l’argent que les possédants jouent dans ce gigantesque casino, c’est celui qui a été extorqué aux salariés du monde entier. Mais ce sont aussi ces derniers qui vont payer les pots cassés : pour éponger les pertes, les possédants vont vouloir assainir l’économie sur leur dos en freinant la croissance, en augmentant les taux d’intérêt, et en prenant prétexte des perturbations actuelles de l’économie mondiale pour baisser encore les salaires du plus grand nombre.

Alain Dontaine