أيمن أنيس ـ في ظل التصريحات المتناقضة وعدم تطابق البرامج الحكومية مع الواقع وعدم وضوح الإجراءات المالية لمواجهة الأزمة يقف المواطن في مهب ريح.. فريسة للقيل والقال.. ويشعر بضبابية المرحلة المقبلة بل وسوداويتها على حد تعبير البعض..فأين الإجراءات الوقائية، في حال استمرار الأزمة؟ وما الذي يفعله المواطن لكي لا تتبخر مدخراته إن وجدت؟
المالية أولاً..
صرح د. محمد الحسين، وزير المالية: أن الوضع المالي في سورية مستقر وبحالة جيدة، وأن الاقتصاد السوري ونظامه المالي والمصرفي من أقل الاقتصادات العربية تأثراً بنتائج الأزمة المالية الراهنة.
أحمد العبد الله، باحث في الشؤون المالية: صحيح أن الوضع المالي مستقر إلى حد ما، لكن الحالة ستتغير إن لم تتخذ إجراءات مالية وتقدم جرعات تدعم القوة المالية في السوق المحلية والعالمية لتحافظ على استقرار سعر الصرف.
الشارع
المواطن: طبعاً التأثير سيكون كارثياً، فنحن دولة غير صناعية وغير تجارية وغير سياحية وغير مصدرة بل مستوردة لكل شيء.
تناقضات الحكومة..
أكد عبد الله الدردري، نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، أن لا تأثير سلبياً للأزمة الاقتصادية العالمية على سورية، وأن النظام المصرفي في سورية مستقر وقوي، واستند الدردري إلى نمو الإيداعات وثبات سعر صرف الليرة السورية.
فيما ناقضه د. دريد درغام، المدير العام للمصرف العقاري، بقوله: سورية تعاني منذ سنوات من تناقص صادرات النفط وتفاقم العجوزات في الموازنة العامة للدولة، ومن تزايد احتياجات الدولة لدعم الوقود من جهة والغذاء من الجهة الأخرى. وهذا الموضوع يعود لأكثر من أربع سنوات مضت، وزادت الضغوط بوجود المقاطعة الأمريكية وما تمارسه من ضغوط على الشركاء التجاريين لسورية.
وبما أن التبادل التجاري وإرساليات المغتربين السوريين من العناصر الهامة في رفد سورية بالقطع الأجنبي، فإن الأزمة الحالية سيكون لها أثر كبير على الاقتصاد السوري.
وبما أن الركود الاقتصادي سيخفض الحاجة إلى مختلف المواد الخام أو المصنعة أو نصف المصنعة (ومنها البترول والفوسفات والأقطان والغزول والصناعات التحويلية الخفيفة أو المتوسطة وغيرها من المواد التي يصنعها القطاع العام والخاص في سورية)، فقد تتأثر الصناعات السورية وقدرتها على الالتزام بتسديد ديونها الداخلية والخارجية.
الشارع..
مواطن: سمعنا عن الاستقرار والطمأنينة المالية من هذا، وفسر لنا ذاك الأزمة، وأشبعنا تحليلاً وتشدقنا بذاك أسباباً ولم نفهم شيئاً، الجميع يتحدث والمواطن لا يدري ما يفعل به.
السوق العقاري..
عرض الأستاذ نضال معلوف، مدير المركز السوري الاقتصادي، تأثر السوق العقارية بقوله:
الأشخاص والشركات الذين وظفوا استثمارات في قطاع العقارات وينتظرون العائد، يرزحون اليوم تحت ضغط الدين أو فوائد القروض أو فوات عوائد الربح، والموضوع متعلق بالفترة التي سيصمد خلالها هؤلاء قبل أن تبدأ حركة تراجع الأسعار التي نأمل ألا تصل إلى حد الانهيار.
برأيي الخاص أول المتأثرين بهذه الأزمة هي شركات (التطوير العقاري) أو ما عرفت بالجمعيات السكنية باللغة المحكية، والتي هي (في معظمها) عبارة عن مجموعة من التجار قرروا الاستفادة من ظاهرة ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب، فاستثمروا مبالغ معينة (في معظمها قروض) في شراء الأراضي، ومن ثم جمع دفعات من المكتتبين، بناء عدد من الأبنية المحدودة وتسليمها لغايات ترويجية، جمع مبالغ أكبر لتوسيع الدائرة والأرباح.. وهكذا.
وإذا كانت هذه المشاريع من الأصل مهددة بالانهيار لعوامل كثيرة ، فإنها اليوم تواجه خطر الانهيار الحقيقي.
فالطلب على الشراء تراجع تراجعاً ملحوظاً، ومواعيد التسليم استحقت أو اقتربت في أحسن الأحوال، وذيوع أزمة الرهون العقارية في العالم، سيمتد تأثيرها النفسي على أصحاب الشقق المسجلين وسيطالبون بالشقق السكنية أو بالأموال.
المشكلة الثانية والأهم أن المسؤولين القائمين على القرار الاقتصادي في سورية مطمئنون أكثر من اللازم من عدم تأثر قطاع العقار بالأزمة، وهذا يضعف من قدرتنا على احتوائها والتخفيف من آثارها في حال وقوعها بالفعل.
بواقعية أكثر
عامر حسني لطفي، وزير الاقتصاد والتجارة: إن الآثار الاقتصادية على سورية نتيجة للأزمة المالية العالمية ستكون قليلة جداً في الجانب المالي، في حين آثارها ستكون كبيرة إذا تحولت هذه الأزمة لتضرب الاقتصاد الحقيقي، في إشارة إلى حالة تراجع الطلب على الصادرات. سورية ستتأثر حكماً نتيجة تراجع تدفقات الرساميل إلى سورية، وذلك نتيجة لانخفاض السيولة، إضافة إلى انخفاض تحويلات المغتربين السوريين. وتسهم التجارة الخارجية وتحويلات المغتربين بتوفير القطع الأجنبي الضروري للمحافظة على سعر صرف الليرة السورية، والتي لها دور كبير على استقرار الاقتصاد المحلي.
الشارع
المواطن:كل شيء سيرتفع، وأصحاب الدخل المفقود سوف يُطحنون في ظل تسونامي الاقتصاد، ستتأثر القطاعات المختلفة الصحية والتعليمية والخدمية وتتجه نحو الأسوأ، لأنها قطاعات مستهلكة.
تصريح
الأستاذ راتب الشلاح، رئيس غرفة التجارة: (تأخر سوق الأوراق المالية رمية من غير رام، وتأخر سوق الأوراق المالية حدّ كثيراً من تأثير الأزمة العالمية الاقتصادية على سورية).
تفسيرات للتناقضات
أحد خبراء الاقتصاد السوري، رأى أن تناقض تصريحات الحكومة حول تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية ناجم عن عدم فهم مجرى الأزمة، وأوضح أن تأثير الأزمة على سورية محدود على المدى القريب، لأن سورية لا تمتلك سوقاً للأوراق المالية، بعكس الدول الأخرى التي بدأت خسائرها بالملايين، لكن ستة الأشهر المقبلة، وربما العام على الأكثر، ستكون موعداً لبدء التأثير السلبي للأزمة على المواطن السوري.
إذاً لابد من إلى تغيير السياسات الحالية جذرياً، وإعادة توزيع الثروة والتركيز على القطاعات الإنتاجية، وتزداد خطورة الوضع في سورية إذا استمر موسم الجفاف هذا العام أيضاً.
مجمل القول
حالة الترقب والانكماش والركود والكساد السائدة في بعض العقول الاقتصادية والحكومية تجعل المواطن في حيرة من أمره، وتقوده إلى عدم الشعور بالزمان والمكان،سوى بحرّ الصيف لانقطاع التيار الكهربائي اليومي، وببرد الشتاء القارس لارتفاع أسعار المحروقات..ويبقى الخبز الخط الأحمر الذي يعض المواطن عليه خوفاً من أن ينقطع.
النور
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire