mercredi 6 octobre 2010

أزمة من طراز 1929 بوتيرة بطيئة ؟

الاثنين 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2010
جان باتو

حتى شهر ابريل الأخير، كان اغلب مختصي التوقع يعلنون وشوك انتعاش اقتصادي متين على الصعيد العالمي، بعد عام من ارتفاع منتظم لأسعار الأسهم و المواد الأولية. وبالنظر إلى تطورات الأحداث، تبدو الأزمة راسخة مع الزمن. لا يهم أن تكون الاقتصاديات الرئيسية بالعالم تشهد آو لا تشهد قعرا جديدا او انكماشا جديدا في الأشهر المقبلة، قد يكون العقد المقبل مطبوعا بنمو بطيء جدا و تفجر لأشكال التفاوت، التي تدل الولايات المتحدة الأمريكية بشأنها على الطريق بشكل جلي.

ابرز ذلك مؤرخا الاقتصاد Barry Eichengreen و Michael O’Rourke : أفضت الأزمة العميقة في 2007 إلى سقوط للإنتاج الصناعي و للتجارة و منذ ربيع 2009 جرى وقف هذا النزول إلى الجحيم بسياسات إنعاش كثيفة من مليارات الدولار من القروض العمومية و الاعفاءات الضريبية.

انتعاش مصطنع

بالرغم من هذا الجهد العمومي الهائل، بدأ الانتعاش يبدي أمارات ضعف منذ ربيع 2010. بالفعل في الولايات المتحدة الأمريكية، فيما كانت جعبة الحوافز الضريبية ( بمبلغ 1000 مليار دولار) تشرف على نهايتها، كانت ثلاث محركات أساسية غير مستجيبة للنداء: الاستهلاك الخاص، و الطلب العقاري و الصادرات. على هذا النحو كان التحسن المؤقت لعام 2009 محمولا اساسا بالاستدانة العامة و إعادة تشكيل المخزونات.

إن لدورة المخزونات أهمية كبيرة في ديناميات الانحسارات الاقتصادية. عندما تبدي الظرفية الاقتصادية أولى أمارات اللهاث، تميل المخزونات إلى التضخم. وعندما يكون الانحسار معلنا، تتفاقم الأزمة بفعل إفراغ المخزونات الذي لا غنى عنه. وبالعكس، عندا يستأنف النشاط، يجري الحفاظ على الانتعاش بإعادة التشكيل الضروري للمخزونات. من يوليو 2009 إلى يونيو 2010 نما النتاج الداخلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 3 % ، وتعزى 58 % منها إلى إعادة تشكيل المخزونات[2]. وجلي ان هذا غير قابل للاستمرار.

اضراب المستهلكين

كانت الانتعاشات الاقتصادية لما بعد الحرب العالمية الثانية مطبوعة باستئناف سريع للتشغيل، ما عدا انحسارات 1990-1991 و 2001، وكانت سعتها ضعيفة و مفعولها محدودا على التشغيل. هذه المرة أدى الانحسار الأقوى منذ سنوات 30 إلى تدمير 7.7 مليون منصب عمل غير زراعي بالولايات المتحدة الأمريكية حتى يوليو 2010: وكانت 86 % من فرص العمل الضائعة كان في القطاع الصناعي (2 مليون فرصة عمل) والبناء والتجارة و المالية و الترفيه و الفندقة.

والحال انه بعد 33 شهرا من "التسريحات" الكثيفة ، لا يلوح في الأفق أي انتعاش للتشغيل في تلك القطاعات! بالعكس تمثل نهاية إعادة تشكيل المخزونات والبحث عن مكاسب إنتاجية جديدة ، و أزمة قطاع البناء المستديمة، وركود الاستهلاك الداخلي ومصاعب التصدير، مقدمة لتسريحات جديدة.

وقد اظهر بحث حديث أن أكثر من نصف البالغين سبق تعرضه للتسريح و لخفض الأجور و التعويضات الاجتماعية ( مساهمة أرباب العمل في خطط التقاعد) و العطل المؤقتة أو فترات بطالة جزئية. هكذا كان ثمن استعادة المقاولات لأرباحها خفض جديد لدخل الأجراء لا يمكن ان يفضي سوى إلى تقليص للطلب.

حدود السياسات العامة

تراجعت المداخيل الموزعة من قبل الاقتصاد الخاص بمبلغ 247 مليار دولار منذ ديسمبر 2007. رغم ان المداخيل الشخصية المتوافرة نمت بفعل انخفاض الضرائب و التحويلات الحكومية ( 924 مليار دولار، دون حساب التشغيل بالقطاع العام). لكن يتعذر الحفاظ على مستوى التدخل هذا دون تسريع أزمة في مالية الدولة: في 22 سبتمبر الأخير كانت" ساعة الديون" للخزينة الأمريكية تشير إلى 13460 مليار دولار، أي 90.8 % من الناتج الداخلي الإجمالي!

بعد قول ذلك، اقتصد المستهلكون، بعد تسوية نفقاتهم الأكثر استعجالا، 64 % من تلك المداخيل الإضافية (تحويلات عامة) من اجل تقليص استدانتهم (على بطاقات الائتمان، والبيوت، الخ) و إعادة تشكيل ادخار تقاعدهم. في الواقع أدى مناخ التهيب من المستقبل إلى قيام كتلة كبيرة من العمال بزيادة معدل ادخارهم، في سياق حيث لم يعد صغار الملاكين يملكون سوى 18% من قيمة "منازلهم" ( مقابل 42 بالمائة في العام 2005)، و الباقي بحوزة الدائنين الرهنيين ).

كما لا يمكن أن يقوم التشغيل العمومي بدور قاطرة مهم. خلقت واشنطن 262 ألف فرصة عمل منذ ديسمبر 2007، فيما فقدت الولايات والبلديات 134 ألف منها، أي كسبا صافيا لــ128 ألف فرصة عمل، لا يزن هذا مقابل 7.7 مليون فرصة عمل المفقودة في الاقتصاد الخاص . من جانب آخر تنذر الأزمة الضريبية للدولة الاتحادية و باقي الجماعات العمومية بهجمة منظمة ضد الموظفين الذين تفوق تكاليف أجورهم ( الرواتب والمزايا) ما في القطاع الخاص بنسبة 44 % [4].

ركود و تفجر جديد لأشكال التفاوت

منذ نهاية سنوات 1970 كان النمو الأمريكي، ومن ثمة العالمي، مجرورا بالأرباح المالية و بالاستدانة المعممة، مفضيا إلى فقاعة انترنت في متم سنوات 1990، ثم إلى فقاعة العقار. واليوم نقلت هذه القطاعات ديونها إلى الدول و إلى البنوك المركزية ، و دخلت عملية إعادة هيكلة عميقة قد تدوم عقدا. كما يبدو انتعاش الاقتصاد بالطلب الخارجي محجوزا بسبب أزمة المالية العامة الأوربية التي تهدد بإغراق قسم من القارة القديمة في انحسار اقتصادي مديد، فيما تنخرط الاقتصاديات المصدرة الأكثر دينامية ( ألمانيا والصين) في تنافس متزايد الشدة.

في الولايات المتحدة الأمريكية يناقش الخبراء والصحافة لمعرفة ما إن كان الانحسار الذي بدأ في ديسمبر 2007 ( حسب المكتب الوطني للبحث الاقتصادي) قد انتهى فعلا في يوليو 2009، راسما منحى على شكل حرف« V » أم أن تحسن 2009 سيكون متبوعا بتراجع جديد حسب منحنى « W » (قعر مزدوج). الحقيقة أن الرهان الفعلي لا يكمن هنا. أن يكون انحسار 2008 أفضى إلى قعر جديد بعد وتبة مصطنعة آو كان متبوعا بمرحلة ركود طويلة بلا انتعاش حقيقي، فلا فرق في الأساس.

مواجهة حاسمة

في كلتا الحالتين، يطبع انحسار 2007-2008 نهاية نظام نمو مجرور أساسا بالاستدانة، و يفضي إلى "برنامج تقويم هيكلي" لاقتصاديات الولايات المتحدة وأوربا و اليابان، برنامج سيدفع ثمنه الأساسي عالم الشغل. التدخل الأمريكي الكثيف إنما يرمي إلى تفادي جمود اقتصادي حاد. لكن ، بعيدا عن الإفضاء إلى انتعاش مستديم، لا يمكنه غير توزيع جهد التحويل على مدة أطول لمحاولة جعله "مقبولا" اجتماعيا وسياسيا.

لا يختلف حجم الأزمة الراهنة أساسا عن حجم أزمة سنوات 1930. لقد دخلنا وضع جمود اقتصادي كبير، لكن بوتيرة بطيئة. تحاول السلطات العمومية منح مهدئات الضرورية بمحاولة فصل الصدمات بمهارة في المكان ( بالنسبة للاتحاد الأوربي: اليونان ، اسبانيا، ايرلندا، البرتغال، اولا ...) وتوزيع التضحيات في الزمن!

بعد عشر سنوات لن يشبه العالم عالم سنوات 1980-2006 كما لم يشبه عالم سنوات 1930 عالم السنوات المجنونة. لن يقف هجوم الطبقات السائدة من تلقاء نفسه: يتوقف فشله على قوة النضالات الاجتماعية المقبلة وتنسيقها، ولكن على منظوراتها السياسية كذلك. هذا سبب إضافي يدعو يسار اليسار [لنستعير تعبير بورديو] إلى رفض سياسات "أهون الشرور" التي ستسهم في الضلال العام، والى العمل من اجل أوسع وحدة في النضال و يدافع بوضوح عن برنامج تدابير تقطع مع الرأسمالية.

تعريب المناضل-ة

مجلة solidaritéS - سويسرا العدد 175
http://almounadil-a.info/article1973.html

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire