vendredi 29 octobre 2010

السقوط في الهوّة

بول كروغمان *
هذا ما يحصل حين تحتاج إلى القفز فوق هوة اقتصادية، لكنك لا تستطيع أو لا تريد أن تقفز. عندها، لا تبلغ نهاية الطريق.
إذا اتضح أنّ نتائج الديموقراطيين سيئة ـــــ كما يتوقع العديدون ـــــ في انتخابات الأسبوع المقبل، فسيسارع المنتقدون إلى تفسير النتائج كأنّها استفتاء على الأيديولوجيا السائدة. سيقول عديدون إنّ الرئيس أوباما اتجه إلى اليسار بقوة، وإن كان برنامجه الفعلي محافظاً أكثر من برنامجه الانتخابي. وهذا ما تجلّى في برنامج الرعاية الصحية المشابه لما اقترحه الجمهوريون في السابق، ورزمة التحفيز المالية التي لم تتضمّن سوى خفوضات ضريبيّة، ومساعدة العاطلين من العمل، وتقديم منح للولايات الفقيرة.
سيقول بعض المعلقين، عن حق، إنّ أوباما لم ينادِ كثيراً بسياسات تقدمية، وإنّه تجاهل مراراً رسالته الخاصة، وكان قلقاً جداً حيال إغضاب المصرفيين، فانتهى به الأمر إلى تقديم التنازلات تجنّباً للغضب الشعبي من اليمين.
لكنّ الحقيقة أنّه لو كان الوضع الاقتصادي أفضل، لو انخفضت البطالة انخفاضاً كبيراً خلال السنة الماضية، لما كنّا لنخوض في هذا النقاش. على العكس، كنّا لنتحدّث عن خسائر ديموقراطية متواضعة، لا تفوق ما يحصل عادةً في أي انتخابات نصفية.
القصة الحقيقية لهذه الانتخابات هي إذاً عن السياسات الاقتصادية التي فشلت في تحقيق نتائج. لماذا؟ لأنّها كانت غير ملائمة، كثيراً، للمهمة.
القصّة الحقيقيّة لهذه الانتخابات هي السياسات الاقتصاديّة التي فشلت في تحقيق نتائج

حين تسلّم أوباما منصبه، ورث اقتصاداً في وضع سيّئ. اقتصاداً أكثر سوءاً مما اعتقد هو ومستشاروه الاقتصاديون المهمون. كانوا يعرفون أنّ أميركا في خضم أزمة اقتصادية قاسية، لكن يبدو أنّهم لم يتعلموا من دروس التاريخ، وهو أنّ الأزمات الاقتصادية الكبيرة تليها عادةً فترة طويلة من البطالة الشديدة الارتفاع.
فلنعد إلى التوقعات الاقتصادية التي استخدمت في الأصل لتبرير خطة أوباما الاقتصادية. ما يلفت هو التفاؤل في هذه التوقعات بشأن قدرة الاقتصاد على معالجة نفسه. حتى دون خطتهم، توقع اقتصاديو أوباما أنّ نسبة البطالة ستصل في أقصى مدى لها إلى 9 في المئة، ثم تهبط بسرعة. كانت هناك حاجة إلى التحفيز المالي فقط من أجل التخفيف من حصول الأسوأ، أي كـ«رزمة ضمان ضد الفشل الكارثي»، كما قيل إنّ لورانس سامرز، الذي أصبح لاحقاً أهم اقتصاديي الإدارة، قد صرّح في مذكرة وجّهها إلى الرئيس المنتخب.
لكنّ الاقتصادات التي عانت من أزمات مالية حادة لا تشفى بسرعة في العادة. من أزمة 1893، إلى الأزمة السويدية في 1992، إلى عقد اليابان المفقود، تلت الأزمات الاقتصادية، دائماً، فترات طويلة من التعثر الاقتصادي. وهذا كان صحيحاً حتى في حالة السويد، حين تصرفت الحكومة بسرعة وحزم لإصلاح النظام المصرفي.
لتفادي هذا المصير، كانت أميركا بحاجة إلى برنامج أكثر قوة من ذلك الذي حصلت عليه، والذي اقتصر على زيادة طفيفة في الإنفاق الفدرالي كان بالكاد كافياً لتعويض الاقتطاعات على المستوى المحلي ومستوى الولايات. هذا ليس تفسيراً متأخراً، فضعف رزمة التحفيز كان واضحاً منذ البداية.
هل كانت الإدارة تستطيع الحصول على رزمة تحفيز أكبر عبر الكونغرس؟ وإن لم تكن تستطيع ذلك، هل كان من الأفضل السعي إلى خطة أكبر، عوض الادّعاء بأنّ ما حصلت عليه كان الصفقة الصحيحة؟ لن نعرف أبداً.
ما نعرفه أنّ ضعف رزمة التحفيز مثّل كارثة سياسية. بالطبع، الأمور اليوم أفضل مما ستكون عليه بدون «قانون الانتعاش وإعادة الاستثمار». كانت نسبة البطالة لتصل ربما إلى ما يقارب 12 في المئة لو لم تمرر الإدارة الخطة. لكنّ الناخبين يستجيبون للحقائق، لا إلى الواقع. والشعور الطاغي اليوم هو أنّ سياسات الإدارة فشلت.
الفاجعة هنا هي إذا انقلب الناخبون على الديموقراطيين. عندها، سيزيد تصويتهم الأمور سوءاً.
فالجمهوريون، الذين يشهدون اليوم عودةً، لم يتعلموا شيئاً من الأزمة الاقتصادية، سوى أنّ كل ما يستطيعون فعله لتقويض أوباما هو استراتيجية سياسية ناجحة. لا تزال الخفوضات الضريبية والتحرير من القيود أساس رؤيتهم الاقتصادية.
وإذا سيطروا على مجلس واحد، أو مجلسي الكونغرس، فسيكون هناك شلل تام في السياسات، ما يعني قطع المساعدات الضرورية جداً للعاطلين من العمل، وتجميد أي مساعدات إضافية للحكومات المحلية والولايات. السؤال الوحيد هو: هل سنشهد أيضاً فوضى سياسية مع تجميد الجمهوريين عمل الحكومة للسنتين المقبلتين؟ كلّ التوقعات تشير الى حصول ذلك.
هل هناك أي أمل بنتيجة أفضل؟ ربما، فقد يكون لدى الناخبين شكوك بشأن إعطاء القوة مجدداً للأشخاص الذين أوصلونا الى هذه الفوضى. وربما يؤدي الحضور الجمهوريّ، الضعيف في صناديق الاقتراع، إلى منح أوباما فرصة ثانية لقلب الاقتصاد.
لكن الآن، يبدو أنّ المحاولة الحذرة جداً للقفز فوق هذه الهوة الاقتصادية قد فشلت، ونحن على وشك الوصول إلى القاع.
* عن صحيفة «نيويورك تايمز»

عدد الجمعة ٢٩ تشرين الأول ٢٠١٠ | شارك

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire