mardi 28 octobre 2008

قانون انخفاض نسبة الربح في النظام الراسمالي

قانون انخفاض نسبة الربح في النظام الراسمالي


حسقيل قوجمان
ykojaman@googlemail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2448 - 2008 / 10 / 28

تعقيبا على مقال الارباح الحقيقية والارباح غير الحقيقية تلقيت رسالة من قارئ عزيز جاء فيها الطلب التالي: "ذكرتم تكراراً قانون انخفاض نسبة الربح، فهل لكم بشرح هذا القانون في مقالة قادمة؟"
عزيزي القارئ اود قبل ان ادخل الى الموضوع ان اشير الى نقطة هامة. حين نتحدث عن قانون طبيعي في المجتمع، اي مجتمع، لا نقصد قانونا موضوعا من قبل شخص او دولة او نظام. فالقانون الطبيعي في المجتمع البشري هو كالقوانين الطبيعية في الطبيعة. انه قانون ينشأ عن مسيرة النظام الاجتماعي موضوع البحث ولا علاقة لاي شخص في نشوئه. فحين نتحدث عن قانون انخفاض نسبة الربح نتحدث عن قانون كان ساريا منذ بداية النظام الراسمالي ويبقى ساريا طالما بقي النظام الراسمالي قائما. فلا علاقة لكارل ماركس او غيره بنشوء هذا القانون. ان دور كارل ماركس الوحيد في هذا الصدد هو انه اكتشف هذا القانون بالضبط كما يكتشف اي عالم قانونا جديدا من قوانين الطبيعة.
لكي نفهم قانون انخفاض نسبة الربح علينا ان نضع فرضية غير واقعية تعتبر جميع العوامل لظاهرة الانتاج ثابتة وابقاء عامل واحد متغير. فما هي عوامل ظاهرة الانتاج في المجتمع الراسمالي؟
يوظف الراسمالي مقدارا من نقوده في مشروع انتاجي فيشتري او يستأجر بناية يجهزها بالمكائن اللازمة لانتاجه ويشتري المواد الخام المناسبة لنوع انتاجه والوقود وسائر المواد اللازمة لتحقيق الانتاج. اطلق كارل ماركس على كل هذه العوامل اسم الراسمال الثابت.
ثم لكي يستطيع الراسمالي تحقيق عملية الانتاج عليه ان يشتري قوة عمل العمال ليستخدمها في الانتاج. فلا يمكن تحقيق عملية الانتاج بدون العلاقة بين قوة العمل والراسمال الثابت، ادوات الانتاج. وقد اطلق كارل ماركس على جزء الراسمال المستخدم في شراء قوة عمل العمال الراسمال المتغير.
تتالف عملية الانتاج من عدة عوامل متغيرة. قيمة قوة العمل تشكل الاجور التي يدفعها الراسمالي للعامل. والاجور كما هو معروف متغيرة يعمل الراسمالي على خفضها ويناضل العمال من اجل زيادتها. ولكن استعمال قوة العمل، العمل، له عوامل متغيرة عديدة مثل اطالة او تقصير يوم العمل، زيادة انتاجية العمل، نسبة فائض القيمة الخ...
لكي نسهل فهم قانون انخفاض نسبة الربح نفترض ثبات جميع العوامل عدا الراسمال الثابت. ان تسمية الراسمال الثابت راسمالا ثابتا لا يعني انه ثابت من حيث كميته. اذ ان كل تطور يطرا على عملية الانتاج يتطلب في الواقع زيادة كمية الراسمال الثابت. فاذا اشترى الراسمالي ماكنة جديدة اكثر تقدما من الماكنة القديمة فانه بذلك يزيد كمية الراسمال الثابت. اطلق كارل ماركس هذا الاسم لان هذا الراسمال ينتقل الى السلع المنتجة بدون تغيير. فاذا كانت الخيوط التي يستخدمها الراسمالي في انتاج قماش معين تعادل عشر ساعات عمل فانها تنقل الى القماش المنتج عشر ساعات عمل فقط. فالمواد المستعملة في الانتاج بما في ذلك استهلاك المكائن والوقود عدا الاجور لا تضيف الى السلعة المنتجة اكثر من القيمة او ساعات العمل التي تمثلها. وهذا يعني ان استخدامها في الانتاج لا ينتج ربحا للراسمالي باية صورة لانه اذا اراد ان يبيع هذه السلعة لا يستطيع ان يبيعها باكثر من قيمتها وان قيمتها لم تتغير عن قيمة المواد المستهلكة في انتاجها.
واطلق كارل ماركس على الاجور اسم الراسمال المتغير لا لان الاجور تتغير ولكن لان قيمة شراء قوة العمل تمثل ساعات العمل اللازمة لابقاء العامل على قيد الحياة وعلى قدرته على العمل في اليوم التالي. ولكن استخدام قوة العمل، العمل، يقدم للراسمالي قيمة تقدر بالساعات التي يشتغلها العامل. ان ساعات عمل العامل التي يقدمها للراسمالي خلال العمل هي اكثر من ساعات العمل اللازمة لابقاء العامل على قيد الحياة وعلى قدرته للعمل في اليوم التالي. اي ان الاجور التي يدفعها الراسمالي للعامل لشراء قوة عمله وهي تمثل ساعات العمل اللازمة لانتاج قوة عمله تختلف وتقل عن ساعات العمل التي يقدمها العامل الى الراسمالي اثناء استخدام قوة عمله اي العمل. وهذه الزيادة هي ما اسماه كارل ماركس فائض القيمة. ان عمل الانسان في الانتاج هو المصدر الوحيد لربح الراسمالي. ولان قيمة قوة العمل التي يدفعها الراسمالي للعامل هي اقل من قيمة ساعات العمل التي يقدمها العامل اثناء العمل اطلق كارل ماركس اسم الراسمال المتغير على الراسمال المستعمل في شراء قوة العمل.
لكي نفهم قانون انخفاض نسبة الربح نفترض ثبات كل عوامل الراسمال المتغير. فيوم العمل يبقى ثابتا والاجور تبقى ثابتة وعدد العمال في المعمل لا يتغير ونسبة فائض القيمة لا تتغير. مع العلم انها كلها في الواقع عوامل متغيرة.
ان الراسمالي لدى استثمار راسماله في الانتاج يريد ان يربح وان يزيد ارباحه الى اقصى ما يمكن. ولكن المنافسة بين الراسماليين تجبر كل راسمالي ان يبحث عن الوسائل التي تؤدي الى زيادة ارباحه عن الراسماليين الاخرين. وهذا يتطلب شراء مكائن جديدة اكثر تطورا من المكائن القديمة وزيادة عدد المكائن وتوسيع الانتاج وفقا للطلب الذي يتوقعه على السلع المنتجة. وهذا يعني زيادة كبيرة في الراسمال الثابت. وبما اننا افترضنا ان جميع العوامل الاخرى ثابتة بما في ذلك يوم العمل والاجور وعدد العمال فان مجموع فائض القيمة الذي يكتسبه الراسمالي يبقى ثابتا.
ولكن ارباح الراسمالي لا تحسب في دفاتر حساباته وفقا لفائض القيمة وانما تحسب بمقدار ارباح الراسمالي بالنسبة لمجموع الراسمال المستخدم. فاذا ازداد الراسمال الثابت مع بقاء الراسمال المتغير وفائض القيمة بدون تغيير فان نسبة ارباح الراسمالي تنخفض وفقا للزيادة الحاصلة في الراسمال الثابت. فاذا كان الراسمال الثابت الف وحدة مثلا واصبح الفين مع بقاء فائض القيمة ثابتا ولنقل هو مائة وحدة فان نسبة الربح في الحالة الاولى كان عشرة بالمائة وفي الحالة الثانية اصبح خمسة بالمائة. ان هذا الانخفاض قانون ليس للراسمالي اية قدرة على تفاديه او تفادي تاثيره. بامكانه ان يقلل من الانخفاض عن طريق تغيير عوامل الراسمال المتغير ولكنه لا يستطيع تفاديه بصورة كاملة.
ان فائض القيمة الذي يكتسبه الراسمالي الصناعي من عمل عماله مباشرة لا يبقى ربحا مباشرا لنفس الراسمالي. ان الراسمالي يستلم الانتاج في مصنعه على شكل بضائع بينما يحتاج الى النقود لكي يعيد الانتاج في معمله سواء للراسمال الثابت الذي يحتاج الى تكراره وتوسيعه لاعادة الانتاج ام لشراء قوة عمل العمال لغرض اعادة الانتاج. لذلك يحتاج الى تحويل انتاجه، بضائعه، الى نقود يستخدمها لهذا الغرض فيحتاج الى الراسمال التجاري والى الراسمال المصرفي لهذا الغرض. لذا فان فائض القيمة الذي يكتسبه مباشرة من عمل عماله يتوزع على انواع الراسمال الاخرى. لذا علينا دائما ان نتذكر ان الارباح الحقيقية للطبقة الراسمالية بكل فروعها في العالم كله هي مجموع فائض القيمة المكتسب من عمل الطبقة العاملة وسائر الكادحين كالفلاحين المستخدمين عن طريق شراء قوة عملهم. ويجري اقتسام هذا الصندوق من فائض القيمة بين كامل الطبقات الراسمالية مع ما يشمل ذلك من منافسات ومصادمات تؤدي احيانا الى الحروب.
ولكن الراسماليين يحاولون تفادي تأثير انخفاض نسبة الربح بما يتوفر لهم من وسائل. وجميع هذه المحاولات يحققونها اما بتغيير الراسمال الثابت او بتغيير الراسمال المتغير. فعند تراكم كمية الراسمال لدى الراسمالي نتيجة للارباح يجد من الضروري توسيع انتاجه بزيادة راسماله الثابت بشتى الوسائل الممكنة مما يزيد كمية ارباحه رغم انخفاض نسبة الربح. وظاهرة توسيع الانتاج معروفة ومستخدمة يوميا في النظام الراسمالي الى ان تحل الازمات فيتوقف التوسع لفترة الازمة ليبدأ مجددا بعد انفراجها.
وما يفيد موضوعنا في هذا المقال هو تتبع محاولات الراسماليين في تغيير الراسمال المتغير. فالراسمالي يحاول كل جهده تحقيق تغيير الراسمال المتغير لصالحه في زيادة ارباحه. احاول ان اتحدث عن هذا التغيير بايجاز.
قبل ان نشير الى التغييرات الممكنة في الراسمال المتغير اشير الى خاصية معينة لسلعة قوة العمل. فقد راينا ان سلعة قوة العمل هي السلعة الوحيدة التي بامكانها ان تقدم للراسمالي قيمة تفوق قيمتها وبهذا تقدم له فائض القيمة. ولكن لسلعة قوة العمل صفة اخرى تختلف فيها عن كافة السلع في المجتمع.
حين يشتري انسان سلعة يحتاجها في السوق فيدفع ثمنها تصبح السلعة ملكا له يستخدمها كيفما يشاء ولا علاقة لبائع السلعة بذلك بعد استلام ثمنها. فاذا اشتريت قميصا مثلا فلا علاقة لبائع القميص في كيفية استخدامي له. استطيع القاء القميص في القمامة او اهداءه او لبسه مرة واحدة او استخدامه لمدة سنة.
ولكن سلعة قوة العمل تختلف في ذلك عن جميع السلع الاخرى. فحين يدفع الراسمالي قيمة قوة العمل ليوم واحد لا يستطيع استخدامها في العمل بالانفصال عن بائعها العامل نفسه. لان قوة العمل لا يمكن تحقيقها الا بوجود العامل جسميا لدى استخدامها، في العمل.
فالراسمالي عند شراء قوة العمل ليوم ودفع ثمنها يرى ان من حقه استعمالها ليوم كامل كيفما يشاء شأنها شأن غيرها من السلع. ولكن ضرورة وجود العامل نفسه جسميا لدى استخدام قوة العمل في العمل يخلق علاقة بين البائع، العامل، وبين المشتري الراسمالي. فبينما يرى الراسمالي ان من حقه استخدام السلعة التي اشتراها ودفع ثمنها اربعا وعشرين ساعة يرى بائع السلعة، العامل، ان استخدام سلعته لاربع وعشرين ساعة لا يمنحه الفرصة لاعادة انتاج قوة عمله لليوم التالي. هذه العلاقة بين مشتري سلعة قوة العمل وبائعها هي وحدة نقيضين لا يمكن فصلها وهي في الوقت ذاته مصدر تناقض دائم بين الراسمالي والعامل. هذا التناقض والتصادم بين الراسمالي والعامل كمشتر وبائع لقوة العمل هو الظاهرة السائدة في المجتمع الراسمالي التي نسميها الصراع الطبقي. وهي العلاقة المتبادلة والمتناقضة بين مشتري سلعة قوة العمل وبائعيها على نطاق المجتمع. فهي علاقة لا يمكن تفاديها ولا يمكن التوفيق بينها.
ان نضال العمال بائعي سلعة قوة العمل ضد مشتريها الراسماليين حتمي لا يمكن تفاديه ويشهد التاريخ صراعا دائما بينهم. فقد كان يوم العمل في بداية النظام الراسمالي في بريطانيا مثلا يزيد على ست عشرة ساعة وخاضت الطبقة العاملة في ارجاء العالم نضالا مريرا وداميا الى ان حققت يوم العمل الحالي ذي الاربعين ساعة في الاسبوع في البلدان الراسمالية المتطورة. وما زال يوم العمل في المستعمرات يتألف من ست عشرة ساعة في اليوم مما يغري الراسماليين على شراء قوة العمل في المستعمرات وليس قي بلدانهم.
والصراع على الاجور هو الاخر صراع مرير ودام في تاريخ النظام الراسمالي. وقد افلح الراسماليون في تغيير تظام الاجور تغييرا هائلا عن طريق استخدام المراة والاحداث. فبينما كانت اجرة العامل تعني اعالة عائلته كلها اصبحت اعالة العائلة مقسمة بين الرجل والمراة والاطفال معا.
ان قيمة قوة العمل هي الاخرى قيمة متغيرة وفقا للظروف الاجتماعية. فقد اصبح التلفزيون والثلاجة وتنور الغاز والتدفئة المركزية وغيرها في البلدان المتطورة اقتصاديا ضرورة تدخل ضمن قيمة قوة عمل العامل وحتي السيارة اصبحت ضرورة للعامل في بلد كالولايات المتحدة وبريطانيا مثلا. ان قيمة قوة العمل تتطور بهذا الشكل وللراسماليين دور كبير في هذا التطور نظرا لتنوع انتاجاتهم وضرورة تصريفها بحيث تصبح سلعا ضرورية لحياة العائلة اليومية. وعلى سبيل المثال نذكر التلفون المحمول والحاسب الالكتروني وغيرها من منتجات الثورة التكنولوجية.
هناك ظاهرة هامة تسود النظام الراسمالي ينبغي الحديث عنها بشيء من التفصيل هي ظاهرة تغير عدد العمال في المصنع لدى توسيعه وتزويده بمكائن حديثة. فالمكائن الاحدث تجعل عملية الانتاج، اي العلاقة بين العامل والماكنة، ايسر واقل تعقيدا مما جعل كما راينا بامكان الراسمالي استخدام النساء والاحداث في القيام بنفس العمل الذي كان يمارسه العامل الذكر فقط وباجور منخفضة. ولكن هذه الظاهرة، ظاهرة تقليص عدد العمال في المصانع المتطورة بلغ درجة هائلة من التطور في ايامنا حين استطاع الراسماليون استخدام الروبوتات في الانتاج. من المعروف ان مصانع السيارات الحديثة مثلا تقوم باستخدام الروبوتات في انتاج السيارات على انواعها وتقوم الروبوتات بكل عمليات الانتاج باكثر دقة وسرعة مما يستطيع العامل القيام به. ولهذا فان هذه المصانع الحديثة تستخدم عددا ضئيلا من المهندسين والفنيين الذين يراقبون وينظمون عمل الروبوتات بدلا من الاف العمال. ولكن الروبوت ليس انسانا وهو كغيره من ادوات الانتاج لا يستطيع ان يقدم للراسمالي اكثر من ساعات العمل التي يمثلها. وهذا ما يجعل كمية فائض القيمة في المصانع التي تستخدم الروبوتات بدل العمال ضئيلا نسبيا عما هو في المصانع التي تستخدم الاف العمال في الانتاج. هذا الانخفاض يزيد من انخفاض نسبة الربح الراسمالي عموما بدرجة كبيرة.
ان الراسمالي كان دائما وما زال اليوم لا يشتري من قوة العمل الا ما يحتاجه منها. في بداية عصر الراسمالية كان الراسماليون قادرين على استخدام الطبقة العاملة استخداما تاما ولكن تطور الراسمالية ادى الى عدم امكانية استخدام جميع الطبقة العاملة فنشأت البطالة وكانت في البداية متمثلة بخادمات البيوت والعاهرات والمتسولين وغير ذلك. اما التطور الصناعي والتكنولوجي الحالي فقد جعل البطالة تحصى بالملايين وبصورة دائمية وهذا ما يشكل عالة على المجتمع العمالي كله.
ولكي يقاوم الراسماليون ظاهرة انخفاض نسبة الربح وجدوا وسيلة المقامرة في البورصات المختلفة التي لا تعني سوى انتقال كميات من النقود من جيب الى اخر ولكنها في دفاتر حسابات الشركات والراسماليين عموما تظهر هذه التنقلات المالية كانها ارباح او خسائر تغير من نسبة الربح. وليست خافية طباعة الاوراق النقدية والقاؤها في التداول لقاء الخدمات والبضائع مما يؤدي الى التضخم النقدي وازدياد كمية النقود الممثلة للارباح رغم انخفاضها الحقيقي من حيث قيمها.
هذا الصراع بين بائعي قوة العمل ومشتريها يبقى ثابتا ومتفاقما الى ان يستطيع العمال التخلص من الراسماليين واستعادة ملكية ادوات الانتاج التي انتجوها واستولى عليها الراسماليون ملكا للعمال والكادحين وبذلك تنتفي ظاهرة بيع وشراء قوة العمل. فلا وجود لقيمة قوة العمل ولا للقيمة التي يقدمها العامل لقاء قوة العمل ولا لفائض القيمة. فالطبقة العاملة وسائر الكادحين يعملون بوسائل الانتاج التي يمتلكونها ويحتفظون بكامل الانتاج الناجم عن ذلك يتصرفون به بالشكل الذي يطمن مصالحهم للتقدم والرفاه والسعادة والثقافة في طريق التحول الى النظام الشيوعي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire