توقع العالم الأميركي جون كاستي أن تستمر الأزمة المالية الراهنة وتداعياتها لفترة أطول مما يتوقعه البعض، إذ قد تصل إلى عشر سنوات كاملة حتى تستقر الأوضاع في أسواق المال. وقال الأستاذ المتخصص في علم الرياضيات البحتة أمام المؤتمر الرابع لمستشرفي المستقبل الأوروبيين في لوتسرن وسط سويسرا يومي 27 و28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن الأزمة الراهنة دقت المسمار الأخير في نعش العولمة بنظامها الذي كان سائدا قبل الأزمة. وفي حديثه مع الجزيرة نت يقول كاستي إنه في الفترة ما بين عامي 2010 و2018 ستنعدم الثقة تماما في الاحتياطي الاتحادي الأميركي الذي قد يتقلص إلى حده الأدنى، كما سينهار مؤشر داو جونز إلى أقل من 1000 نقطة. ويضيف أن نسبة البطالة في الولايات المتحدة وأغلب دول العالم سترتفع لتصل إلى 25%. كما توقع أن يتفكك الاتحاد الأوروبي ليعود إلى كيانات سياسية مستقلة تبحث عن مصالحها فرادى، وسيتم إهمال المشكلات البيئية مثل ظاهرة الاحتباس الحراري لمتابعة الآثار الاجتماعية الناجمة عن الأزمة الراهنة. وأكد كاستي أن "جذور الأزمة الراهنة وأسبابها أعمق وأعقد مما يعتقده البعض، ولذا لا يمكن علاجها بين عشية وضحاها، وهنا تكمن المعضلة إذ يحاول بعض الساسة وضع حلول في وقت قياسي". وشبه المشهد المالي الاقتصادي الراهن بسيارة تعطلت ويحاول صاحبها إصلاحها وهو لا يعرف من أمرها شيئا ولا يرغب في أن يذهب بها إلى متخصص. ويؤكد أن بوادر الأزمة المالية قد ظهرت بالفعل قبل عامين بالارتفاع المتواصل لمؤشرات أسواق المال العالمية على مدى ثلاثين عاما ثم ثباتها عند معدلات اعتبرتها البورصة عادية في حين أنها مبنية على قاعدة غير سليمة، ومن هنا كانت بداية النهاية. ويتابع "تحولت البورصة إلى ما يشبه الدب الضخم الذي عوده صاحبه على أن النهم هو الطعام العادي، وعندما لم يجد له ما يعطيه أطعمه مأكولات فاسدة ليحشو بها بطنه، فتمرد الدب على صاحبه المخادع". وكان كافيا –حسب كاستي- أن تتعثر إحدى المؤسسات فتنتشر أجواء التشاؤم لتظهر الأزمة بوجهها الحقيقي وتطال الجميع، خاصة أن نواة الأزمة هي الآن عدم الثقة بين الجميع: مؤسسات مالية أو صناعية، وحكومات ومستثمرين ومواطنين عاديين. جدير بالذكر أن كاستي من أوائل من توقعوا نهاية العولمة بشكلها الراهن في بحث شهير له صدر عام 2006 واعتبرته الدوائر الاقتصادية آنذاك مبالغا في التشاؤم. غير أن كاستي يدافع عن توقعاته حيث يستند فيها إلى علم الاقتصاد الاجتماعي ويحول التوجهات المختلفة للسلوك الإنساني إلى معادلات رياضية ثم يرصد التوقعات المحتملة لسيرها. وتمنى كاستي أن ينام ليستفيق بعد ثلاثين عاما "وأطالع الصحف لأقرأ كيف انتهت الحرب العالمية الثالثة التي اندلعت مطلع القرن، فالعالم الآن يعيش حالة حرب غير عادية على صعد مختلفة وتظهر آثارها تباعا، حتى وإن أصر البعض على عدم الربط بين الأحداث السياسية والاقتصادية وتداعياتها على العالم". يشار إلى أن جون كاستي حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات من جامعة جنوب كاليفورينا عام 1970، وعمل باحثا في مؤسسة راند وجامعة أريزونا الأميركية، ثم انتقل عام 1974 إلى المعهد الدولي لتطبيق تحليل الأنظمة في العاصمة النمساوية فيينا. وتولى منذ العام 1986 منصب أستاذ نظريات الأنظمة بجامعتها التقنية، وانطلقت شهرته عام 1996 بعد كتابه "أكبر خمس نظريات أثرت على القرن العشرين"، كما أثار كتابه "خماسي كامبريدج" سجالا كبيرا بين العلماء عقب صدوره عام 2000. الجزيرة |
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire