تجري الآن جولة جديدة من المفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة والحكومة وإدارات المؤسسات العمومية والأعراف من جهة ثانية، وحسب البلاغ المشترك [1] سيقع خلال هذه الجولة مراجعة القوانين الأساسية والاتفاقيات القطاعية المشتركة كما سيقع الاتفاق على الزيادة في الأجور لأعوان الوظيفة العمومية والعاملين في الشركات والمؤسسات العمومية وفي القطاع الخاص. ويعلق هؤلاء على هذه المفاوضات آمالا كبيرة لترقيع مقدرتهم الشرائية ولتحسين ظروف المهنة وضمانات الشغل وسائر جوانب العلاقة الشغلية الأخرى.
وينتظر الذين تشملهم هذه المفاوضات أن تكلل هذه الجولة بزيادات معتبرة تغطي وتعوض لهم على الضرر الذي لحق أجورهم وجيوبهم وترسخ لهم – إن لم تطور– بعض المكاسب التي تضمنتها القوانين الأساسية والاتفاقيات المشتركة التي تنظم حياتهم المهنية.
غير أن جملة من التخوفات والشكوك تحف بهذه الآمال بالنظر لما تميزت به الجولات التفاوضية المماثلة السابقة حول نفس الجوانب الترتيبية والمالية ولكنها آلت في النهاية إلى نتائج خلفت لديهم قناعة بأن خللا ما قد طرأ على عملية التفاوض الجماعي ولازمها في كل الجولات المذكورة فأفرغها من مضمونها الحقيقي وحولها إلى عملية شكلية إلى درجة أن الأجراء صاروا يصطلحون على الزيادات المالية التي أفضت إليها بـ"زيادة الحاكم". فبم يمكن أن نفسر هذه القناعة الشعبية وإلى أي مدى يمكن أن تكون مقولة "زيادة الحاكم" صحيحة ؟
1 - زيادة الحاكم أم زيادة الاتحاد؟
سؤال ليس بالجديد والإجابة عنه محسومة تقريبا ولكنه يتجدد لدى العديد من النقابيين والعمال ومتتبعي الوضع في الساحة النقابية بعد أن أعطى رئيس الدولة مؤخرا الإذن بصرف القسط الثالث من منحة الإنتاج وصرف تسبقة على الزيادة الثلاثية، التي هي الآن موضوع "مفاوضة" بين الأطراف الاجتماعيين خلال شهر سبتمبر 2008.
ومعلوم انه قبيل الإعلان عن هذا القرار ترددت أخبار كثيرة حول تعطل المفاوضات وكانت القيادة النقابية قد ألمحت أكثر من مرة ( أنظر جريدة الشعب ) إلى مماطلة الأعراف وإلى عدم جدية مقترحات الحكومة بخصوص الزيادات العامة في الأجور [2] وتضمنت هذه التلميحات إشارات خفية إلى إمكانية تنظيم بعض الاحتجاجات والضغوط لدفع عجلة التفاوض إلى الأمام. وكان الانطباع العام السائد لدى عموم الشغالين أنه لا بد من مزيد الانتظار حتى تتضح معالم قيمة الزيادة الجديدة المنتظرة وهو ما زاد في حيرة الكثير منهم خصوصا وهم يواجهون مصاريف واحدة من أصعب الفترات تزامنت فيها العودة المدرسية مع شهر رمضان والعيد وازدادت وطأة غلاء المعيشة على جيوبهم إثر موجة الزيادات في الأسعار وككل صيف خلال فترة الصيف الأخيرة.
فأن تقرر السلطة، ومن جانب واحد، فجأة وخلافا لكل التوقعات صرف قسط منحة الإنتاج بصورة مبكرة وتسبقة على الزيادات القادمة في أجواء الغموض والانتظار التي تلف سير عملية التفاوض أمر من شأنه أن يثير الكثير من التساؤلات – لدى النقابيين بالخصوص – حول مصداقية هذه العملية ودور الاتحاد فيها، فضلا عن أنه لا يعدو أن يكون سوى حركة دعائية تمويهية لا أثر لها في واقع اهتراء المقدرة الشرائية وتدهور ظروف المعيشة.
لذلك سرعان ما تلاشت هذه التساؤلات تحت ضغط متطلبات العيش والحاجة لأي إجراء يمكن أن يرقع ولو قليلا الجيوب المهترئة وأصبح السؤال الرئيسي والأكثر إلحاحية عند الجميع، هو "صبّوا وإلا ما صبّوش" وهو ما بات يهم أكثر "الشهّارة" في مثل ظروف العودة المدرسية والجامعية ورمضان والعيد.
فأن تحترم الحكومة دور الاتحاد أو لا وأن تأخذ برأيه في مثل هذه القرارات أو لا، وان تحرص أو لا على سلامة "الحوار الاجتماعي" فذاك أمر لم يعد له من أهمية تذكر أمام حاجة الجميع لأي إجراء يساعد على مواجهة مصاعب "المصروف". وهكذا أصبحت قواعد العملية التفاوضية ومكانة المنظمة النقابية فيها مسألة شكلية وثانوية لا فقط لدى العمال والنقابيين بل ولدى القيادة نفسها [3] وهكذا إذن تخطو السلطة خطوة أخرى باتجاه القضاء على ما تبقى للمفاوضات الاجتماعية من معنى.
لقد أزاحت السلطة الستار عن مسرحية حرصت دوما، مثلها مثل قيادة الاتحاد، على تمريرها، مسرحية "المفاوضة الجماعية" و"الحوار الاجتماعي" و"دور الأطراف الاجتماعية" في السياسة الاجتماعية التونسية و"السلم والاستقرار الاجتماعيين". فهذه هي المرة الخامسة على الأقل التي تثار فيها ضجة حول "جولة جديدة من المفاوضات الثلاثية للزيادة في الأجور ومراجعة القوانين الأساسية والاتفاقيات المشتركة" ضجة تلعب فيها الدعاية النقابية دورا كبيرا لإلهاء النقابيين بسلسلة من الندوات التحضيرية والاجتماعات الإعدادية لماراطون تفاوضي ولبث الوهم لدى العمال بإمكانية تدارك ما لحق مقدرتهم الشرائية من تدهور واهتراء ولخلق انطباع بأن المنظمة النقابية، شريك أساسي، لا يمكن للدولة والأعراف تجاهله، وأن القيادة حريصة على حماية حقوقهم ومكاسبهم المهنية والمادية وأنها بالتالي ممثلهم الشرعي وقيادتهم التي ليس لها من مصلحة سوى مصلحتهم.
والحقيقة أن الوضع مختلف تماما وكثير من النقابيين يعلمون ذلك بل ولعل القيادة النقابية أعلمهم به. فمن الناحية الشكلية بات معلوما لدى الجميع أن السلطة تقرر وحدها، ودون استشارة أو حتى مجرد إعلام الاتحاد، الزيادة في الأجر الأدنى الصناعي والفلاحي المضمون وكثيرا ما تعلم القيادة النقابية بذلك القرار عبر وسائل الإعلام مثلها مثل سائر المواطنين ولا يقع تشريكها في تحديد آجال وتراتيب صرف تلك الزيادات التي تتصرف فيها الحكومة والأعراف بمنتهى الحرية.
وتعلم القيادة أيضا جيد العلم حجم وطبيعة التجاوزات الحاصلة من قبل الحكومة والأعراف لعديد الاتفاقيات المبرمة سواء على مستوى وطني أو على مستوى قطاعي وما جرى مؤخرا في مصحة الفارابي بتونس العاصمة خير مقال على ذلك، وعدد النصوص القانونية التي استصدرتها الحكومة من جانب واحد إلى جانب التأويلات والتطبيقات المتعارضة تماما مع ما حصل في شأنه الاتفاق من قبل. هذه عينات من منهج كامل اتبعته وتتبعه الحكومة، قوامه بث ضوضاء دعائية إعلامية حول " سياسة الحوار الاجتماعي" في مستوى الخطاب ونسف كامل لأبسط مقومات هذه السياسة في الممارسة.
ويبرز ذلك بصورة جلية في الطريقة المتبعة بخصوص الزيادة في الأجور. فبموجب التقليد الموروث عن أول جولة ( 90 – 92 ) تتم هذه الزيادة في شكل مقدار جملي مقسط على ثلاث سنوات ( حسب الأصناف ) ويقع الاتفاق على هذا المقدار كنسبة على كتلة الأجور في الوظيفة العمومية. وعامة ما يكون هذا المقدار معيارا ومرجعا للزيادات في المؤسسات العمومية ( الشركات والدواوين العمومية ) وكذلك في القطاع الخاص. ونعلم جميعا أن هذه النسبة لم يقع احتسابها في كل الجولات الموالية على قاعدة مبدأ تعويض على نسبة التضخم المسجلة خلال السنوات الماضية بل هي نسبة تحددها الحكومة من منطلق توازناتها الاقتصادية والمالية وتفرضها خلال التفاوض وبذلك تحولت هذه الزيادات إلى إجراء اقتصادي / مالي/ تعديلي على مستوى الاقتصاد الكلي.
فمعدل نسبة 3.6% على جملة الأجور المعتمدة للزيادات في الثلاثية المنقضية (2005-2007 ) في الوظيفة العمومية ومن ثمة في بقية القطاعات ( العمومي والخاص ) ليست تعويضا عن نسبة التضخم المسجلة في السنوات السابقة لتلك الفترة ولا هي تعويض عن نسبة التضخم المتوقعة للفترة المعنية ولا هي بطبيعة الحال مكافأة على الثروة التي خلقها العمل والعمال أي حصتهم من الثروة التي صنعوها بأيديهم وبعرق جبينهم.
والأدهى من ذلك أن الحكومة ظلت في أحسن الحالات تكرر نفس النسبة في كل ثلاثية هذا إذا لم تخفض منها بنسبة 10 بالمائة مثلما حصل في ثلاثية 96 – 98 . لذلك لم تكن هذه النسبة على مر أكثر من 17 سنة كافية لترقيع التدهور الحاصل في المقدرة الشرائية للأجراء للسبب المذكور من ناحية ولأنها عامة ما اتخذتها كمبرر لموجة زيادات جديدة في الأسعار بحيث تسترجع الحكومة باليد اليسرى ما أعطته باليد اليمنى من ناحية ثانية ثم لأن هذه الزيادات تفرض على النقابات والأجراء عند كل اتفاقية ثلاث سنوات من السلم الاجتماعية بحيث تمنع عليهم المطالبة بأي مطلب ذي انعكاس مالي وبالتالي تمنع عليهم الدفاع عن مقدرتهم الشرائية التي برغم الزيادات المتكررة لم تتحسن بل ازدادت تراجعا وسوءا.
والقيادة النقابية تعلم جيد العلم كذلك أن سنوات السلم الاجتماعية المتتالية لمدة طويلة قد ألحقت بالعمل النقابي ( انخراطا واهتماما ومشاركة ) أكبر ضرر وأعطت للحكومة الفرصة لسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام النقابات والنقابيين حتى بات العمال يصطلحون ( وهم على حق ) على الزيادات في الأجور بـ"زيادة الحاكم" ولا يرون في النضال من أجلها فائدة بما أنها أشبه بقرار حكومي أكثر مما هي ناتجة عن منظومة تفاوض حقيقي وبما أنها أصبحت حاصلة لا محالة و"مسمار في حيط " سواء ناضلوا من أجلها أم لا. ومع ذلك ما تزال القيادة مصرة على الاستمرار في إتباع نفس التمشي. ونشهد هذه السنة تكرارا مملا لنفس المسرحية بنفس الفصول : دراسات للمؤشرات الاقتصادية العامة، ندوات تكوينية ودراسية وترحال بين أفخم النزل، ومقترحات نسب ووفود تفاوضية وماراطون جلسات تحت غطاء حملة دعائية مدبجة بأرقى تقنيات الميلودراما لتبقى الأنظار مشدودة طيلة حوالي سنة لهذه المسرحية.
وفي غضون ذلك يظل النقابيون والعمال يترصدون ما يرشح من أخبار حول تقدم المفاوضات وحركة بورصة النسب من جلسة إلى أخرى، بين ما تطالب به المركزية وما تتكرم به الحكومة وما يصاحب ذلك بين الفينة والأخرى من صعود وهبوط في نبرة الخطاب النقابي، بين حملات التعبير عن الإشادة والارتياح التي تتلوها حملات التلويح بالتصعيد والدعوات للتجمع احتجاجا على تعطل المفاوضات التي تذكرنا بسياسة التسخين والتبريد وإن أصبحت هذه الحملات باهتة وغير ذات قدرة على الشحن المعنوي والتجنيد.
2 -المعطيات الاقتصادية الراهنة
لذلك نعتقد أنه للقطع مع هذا التمشي الذي ثبتت عدم جدواه بل تأكدت أضراره لا بد من أن تتأسس المطالبة بتحسين الأجور والمقدرة الشرائية على معطيات اقتصادية ومالية مدروسة ودقيقة وهي، وللحقيقة ليست غائبة عن الاتحاد ككل وعن قيادته والمكلفين منها بالدراسات. [4] لكن المطلوب علاوة على امتلاك هذه المعطيات وتدريسها للإطارات النقابية، هو فرض معالجة ملف الزيادات في الأجور على قاعدتها واعتمادها كمنطلق وكحجج ومؤيدات وكأدوات لرسم مقاربة التفاوض وأهدافه.
ونعرض في ما يلي جملة المعطيات والمؤشرات الاقتصادية التي يمكن اعتمادها للأغراض المذكورة رغم أنها أرقام رسمية ومشكوك في واقعيتها وصحتها، ومع ذلك فإن جوانب كثيرة منها تؤكد بما لا شك فيه تدهور المقدرة الشرائية وحاجة العمال للزيادات في الأجور للتعويض عن هذا التدهور، وقد بوبنا هذه المعطيات في ثلاثة أبواب.
أ – معطيات حول إنتاج الثروة ونصيب العمال منها
تفيد الأرقام الرسمية أن نسبة النمو الاقتصادي أي نسبة نمو الثروة قد بلغت سنة 2007، 6,3% وهي الأرقى منذ 10 سنوات (6.2 % توقعات 2008) نتيجة عدة عوامل أهمها زيادة أكثر من 50% من مداخيل صادرات مواد الطاقة وكذلك لارتفاع نسبة إنتاجية العمل بما في ذلك في قطاعات إنتاج الخدمات غير السلعية وحتى في قطاع الوظيفة العمومية [5]. معنى ذلك أن الثروة الوطنية قد زادت وانضافت إليها قيمة جديدة تتأتى من إنتاجية العمل التي أصبحت تفوق إنتاجية رأس المال لأسباب متعددة ومختلفة منها ارتفاع نسبة الأجراء من مجموع النشيطين وارتفاع درجة الكفاءة والمهارة وانتشار أشكال التشغيل الجديدة وما يصاحبها من اشتداد أنساق استغلال طاقة العمل.
وتشهد الأرقام المتوفرة بأن إنتاجية العمل ما انفكت تتحسن حيث بلغت سنة 2007 أفضل نسبها (3.5 %) فيما لم يتعد معدلها ما بين 2002 و 2006 الـ 2 %.
فعلى سبيل المثال تؤكد الأرقام المتوفرة أن مؤشر الإنتاج الصناعي الجملي قد شهد تطورا مطردا وبصفة مسترسلة منذ سنة 2000 وشمل هذا التطور جميع فروع الإنتاج الصناعي بما في ذلك قطاع النفط والنسيج رغم الظرف العالمي الصعب بالنسبة لهذين القطاعين.(أنظر موقع المعهد الوطني للإحصاء – أوت 2008).
ويعكس تطور نسبة النمو هذه أهمية تطور إنتاجية العمل كما ذكرنا آنفا من جهة ويفسر من جهة أخرى تطور الدخل الفردي كنتيجة من نتائجه المباشرة ( 4700 دينار للفرد الواحد تقديرات سنة 2008 أي بزيادة قدرها 9.7 % ) لكن هذا المعدل لا يعكس حقيقة توزيع ناتج التطور بين فئات الشعب لأن تطور المداخيل الأجرية (أي الأجور ) لم يواكب في الواقع نسق تطور الناتج الوطني الخام إذ ما انفكت الحصة الراجعة للطبقة العاملة من القيمة المضافة، أي نصيبها من الناتج الداخلي الخام، تتراجع، حيث نزلت من 38 %سنة 2002 إلى 37% سنة 2006 ويتضح هذا التراجع أكثر حينما نقارن تطور نسبة كتلة الأجور من الناتج الداخلي الخام سنة 1983 ( 33 % ) ونسبتها سنة 2005 ( 26.3 % ). في المقابل ارتفعت حصة أصحاب رأس المال رغم الصعوبات التي فرضتها عملية الاندماج بالسوق العالمية وما كانت تشترطه منهم من نفقات ثابتة إضافية لتحسين جودة منتوجاتهم قصد الصمود في وجه المزاحمة الناجمة عن انفتاح السوق المحلية على البضائع الأجنبية.
إن الحقيقة التي لا جدال فيها حسبما تشهد به الأرقام المتوفرة هي أن العمال هم الذين صنعوا هذه الثروة وبفضل سواعدهم تحققت هذه النسبة من النمو ولكنهم كانوا آخر من استفاد من ذلك وأن أصحاب رأس المال الذين لم يساهموا في ذلك إلا من موقع ثان ( تراجع إنتاجية رأس المال ) هم أول من استفاد من تطور النمو الاقتصادي المسجل.
على صعيد آخر شهد الطلب الداخلي سنة 2007 نموا بنسبة 5.3 % متأتية أساسا من تطور الاستهلاك وبنسبة طفيفة من الاستثمار الذي يبقى بطيئا وضعيفا ( 0.7 % هذه السنة ) فيما لم تساهم المبادلات الخارجية إلا بـ 1 % سنة 2007 وبنسبة أضعف خلال الـ 8 أشهر المنقضية من هذه السنة 0.2% مما يعني أن العمال وعموم الشرائح الشعبية هم الذين ساهموا كمستهلكين في تحقيق نسبة النمو المذكورة ومن هنا وجب التأكيد مرة أخرى على أن الطلب الداخلي هو المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد التونسي مثلما تبينه هيكلة الناتج الداخلي الخام وأن خيار توجيه الإنتاج للخارج وللتصدير في ظل المزاحمة الاقتصادية الضارية في الأسواق الخارجية ومحدودية القدرة التنافسية للبضائع التونسية هو بالتالي خيار فاشل ولم يؤت أكله فضلا على أنه يتعارض وحاجة البلاد في بناء اقتصاد مستقل، متحرر من إملاءات الدوائر الأجنبية ومن تقلبات السوق العالمية وموجه لسد حاجات الشعب والوطن.
وللإشارة فإن نسبة مساهمة الاستهلاك العائلي في خلق الخيرات، أي في التنمية ( أكثر من 36 % ) ما تزال عالية وفي تطور مستمر رغم كل الضغوط المسلطة على الدخل العائلي والمقدرة الشرائية للغالبية العظمى من المستهلكين بسبب التخفيض المتواصل في عدد المواد المدعمة والتعديل الدوري لأسعار القليل منها، أي في كلمة بسبب التراجع شبه الكلي في نظام التعويض ودعم الاستهلاك.
أما ما تبقى من صندوق التعويض فينتفع منه أساسا قطاع السياحة، أصحاب النزل والمطاعم... أكثر مما ينتفع منه المستهلكون العاديون وعلى ذلك فإن الزيادة في اعتماداته خلال السنة الماضية (575 مليون دينار) وخلال هذه السنة 2008 (960 م د) فإنها لا تمثل إلا 1,8 % من الناتج الوطني علاوة على أنها زيادة ظرفية حتمها ارتفاع سعر المحروقات والحبوب الموردة.
كما أن الاستهلاك العائلي ما انفك يتأثر سلبا بارتفاع تغير هيكلية الأسعار وارتفاع نسبة المعاليم الجبائية في الأسعار عند الاستهلاك ( أكثر من 33 % في أسعار المحروقات مثلا ) ومن فساد نظام السوق ومسالك التوزيع المتسمة بانعدام المزاحمة بالنسبة لعديد المواد وباتجاهها أكثر فأكثر نحو الاحتكار. وقد ذكرت بعض التقارير حول حرية التجارة في العالم [6] أن تونس قد تراجع ترتيبها في هذا المضمار من الرتبة 84 السنة الماضية إلى 169 هذه السنة على مجموع 179 بلدا وذلك إثر عمليات شراء بعض المؤسسات من قبل كبار مالكي مؤسسات التوزيع ( مونوبري، جيان، كارفور، بروموقرو، المغازة العامة، شانبيون، بونبري، توتا...) بحيث يتجه الوضع في هذا القطاع إلى بروز احتكارات يجري
تشكلها بما يتعارض حتى مقومات نظام المزاحمة المنصوص عليه في التشريعات التونسية (القانون عدد 64 لسنة 1991 المتعلق بالمزاحمة والأسعار مثلا) وبما سيترتب عنه بصفة أكيدة مزيد ارتفاع الأسعار.
وفيما لم يستفد العمال كما هو واضح وكما تثبته المعطيات المبينة استفادت الطبقات المالكة، أصحاب المؤسسات ورأس المال وعلى غرارهم استفادت الدولة على أكثر من صعيد وأمكن لها مواجهة الظرف الاقتصادي العالمي الصعب على حساب الكادحين بل وقلبت بعض المعطيات لصالحها مثلما هو الشأن بالنسبة لارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية ( أنظر موازنة الطاقة الرابحة سنة 2007 بسبب ارتفاع أسعار البترول والفسفاط مثلا ) كما استطاعت تقليص نسبة عجز الميزانية من الناتج الخام وتحسين وضع الميزان التجاري حيث أصبحت نسبة التغطية تتجاوز الـ95 % ( تغطية مداخيل الصادرات لمصاريف الواردات ) وتبعا لذلك حققت أعلى نسب الاحتياطي من العملة الصعبة ( 134 يوما ) وقلصت من نسبة التداين للخارج إلى 42 % من الناتج الداخلي الخام بعد أن كانت أكثر من 54 % سنة 2004 [7] ومن حجم خدمات الدين ومن عجز الميزانية من الناتج وحافظت على العموم على سلامة موازناتها بفضل جملة من العوامل والإجراءات أبرزها تطور حجم المقابيض الجبائية لفائدة الخزينة العامة.
إن ما يمكن استخلاصه من هذه الدفعة الأولى من المعطيات هو أن العمال في تونس هم الذين ساهموا بالقسط الأوفر في النمو الاقتصادي وفي مردودية العملية الإنتاجية بصفتهم كمنتجين وكذلك بصفتهم كمستهلكين وأنهم بالرغم من ذلك ظلوا الأقل حظا في ما أثمرت جهودهم من خيرات بل وغدوا كما هو الحال دوما الضحية الأولى لكل الظروف الاقتصادية في زمن الرخاء كما في وقت الشدة والأزمات.
ولعل الإطار العام للمطالبة بتحسين ظروف حياة الشعب والعمال هو التمسك والدفاع عن إستراتيجية تنموية تنبني على الاستجابة للطلب الداخلي الذي يظل عماد النمو حسبما تبينه الأرقام الرسمية مع ضرورة تحسين القدرة الشرائية للمواطنين كعامل رئيسي كي يلعب الطلب الداخلي دوره المحوري في تنشيط الدورة الاقتصادية.
وتقتضي المطالبة بالزيادة في الأجور وتحسين المقدرة الشرائية أول ما تقتضي إذا أراد الطرف النقابي الذي يدعي تمثيل العمال بحق انطلاقا من المعطيات الوارد شرحها أعلاه المطالبة بتمتيع العمال بنصيبهم من الثروة التي صنعوها بعرق جبينهم. وعليه فإن أي زيادة لا تتضمن فيما تتضمن نسبة تمثل ما يعني مكافأتهم على مجهودهم في صنع الثروة هي في الحقيقة حرمانهم من حصتهم وفي النهاية عملية تمييع للتفاوض الجماعي وتمويه على العمال وتبرير لأن يستأثر الرأسماليون والدولة لوحدهم بثمرة مجهود ليس من صنعهم وحدهم.
والمؤسف حقا ان عملية التفاوض الجارية الآن وعلى الصورة التي اعتاد الاتحاد خوضها تهمل هذا الجانب إهمالا تاما وتعتبر المطالبة به ضربا من ضروب المزايدة والتطرف وتنحرف بالعملية إلى نوع من الثرثرة التي تمنح الدولة والأعراف الفرصة في التحكم فيها وفي نتائجها بما يخدم مصالحهما على حساب الكادحين.
ب - معطيات حول الجباية
وعلى صعيد آخر شهدت مقابيض الجباية تطورا هاما بلغت أكثر من 9200 مليون دينار أي بنسبة زيادة تفوق 9.6% مقارنة بسنة 2006 ومن المتوقع أن تجتاز هذه السنة عتبة الـ 10 آلاف مليون دينار، 40 % منها ضريبة مباشرة ( على الأجور والدخل عامة ) و60 % ضريبة غير مباشرة على الاستهلاك وتشتمل نسبة التطور هذه التعويض على النقص الذي سيطرأ على مداخيل المعاليم الديوانية نتيجة توسيع نطاق تطبيق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
ويجدر هنا أن نتوقف عند بعض المعطيات لندقق النظر فيها وخاصة تلك المتصلة بالضغط الجبائي المسلط على المواطنين وعلى شريحة الكادحين منهم بالخصوص إذ تفيد الأرقام التي بين يدينا أن هؤلاء يتكبدون العبء الأكبر من حجم الضرائب المستخلصة. ومعلوم أن الأجراء من عمال وموظفين يخضعون للخصم المباشر من المورد وليس أمامهم أية حيلة للتهرب من دفع الضرائب الموظفة على مداخيلهم عكس الخواص وأصحاب الشركات والمهن الحرة الذين بمقدورهم التهرب من الواجب الجبائي خصوصا وقد أثبتت الإدارة وبشهادة الجميع عجزا واضحا في تتبع هذه الظاهرة أو حتى التحكم فيها علاوة على ما يتمتع به هؤلاء من حوافز وتشجيعات مالية وجبائية مختلفة سواء بعنوان التحفيز على الاستثمار ومن إعفاءات جبائية وعمليات طرح ما تخلد بذمتهم من ديون لفائدة الخزينة العامة بعنوان الضريبة على الدخل.
وتؤكد الأرقام المتوفرة أيضا أن الأجراء يتحملون لوحدهم أكثر من 75 % من الضرائب المباشرة المستخلصة من الأشخاص الماديين ( غير الشركات ) هذه الحصة التي ما انفكت ترتفع سنويا باطراد وذلك بسبب تطور حجم الأجور إثر الزيادات التي نتج عنها توظيف ضرائب على الأشخاص الذين يتقاضون الأجر الأدنى حسب تصنيف مبالغ الدخل وسلم الضرائب الموظفة عليها الوارد بقانون 1990 من جهة وبسبب توظيف الضريبة على بعض المنح والمداخيل التي لم تكن خاضعة لذلك من قبل من جهة ثانية وبسبب إثقال كاهل الشغالين بسلسلة من الزيادات في نسبة المساهمة الاجتماعية لفائدة الصناديق الاجتماعية هذه الزيادات التي ستتواصل خلال هذه السنة (بنسبة 1,28 %) وخلال السنة القادمة 2009 (بنسبة 0,87 %).
لقد تآكل الأجر الصافي (الأجر الخام مخصوم منه الأداءات والمساهمة لفائدة الصناديق الاجتماعية) وأصبح سنة 2005 لا يمثل إلا 71.4 % من الأجر الخام بعدما كان يمثل 92 % في الستينات و82 % في الثمانينات و76 % سنة 1995، فكما يتضح من هذه الأرقام خسر الأجر أكثر من 20 % منذ الستينات لفائدة إدارة الجباية والصناديق الاجتماعية.
فنسبة الضرائب تضاعفت خلال العشرين سنة الماضية حيث كانت في حدود 4,8 % وهي الآن حوالي 9 % بينما لم تكن المساهمات الاجتماعية تبلغ 13 % من الأجر الخام سنة 1983 وتجاوزت الآن نسبة 20 %. وهكذا فإن الأجير الذي كان يدفع من أجره الخام حوالي 17 % فقط بعنوان الضريبة المباشرة وكمساهمة اجتماعية أصبح الآن يدفع 30 % (9 % أداءات مباشرة وحوالي 21 % مساهمات وأعباء اجتماعية ) أي ضعف ما كان يدفعه وهو ما يمثل نسبة عالية من الخسارة في المقدرة الشرائية.
ويلاحظ المتمعن في الأرقام المتوفرة، وهي أرقام رسمية، أن مداخيل الضرائب المباشرة الموظفة على الأجور تفوق بكثير مداخيل الضرائب الموظفة على أرباح الشركات أي على الرأسماليين والتي لا تتجاوز نسبة الـ 20 % فقط سنة 2007 فضلا عن الامتيازات الممنوحة لهم ( بمعدل 680 مليون دينار تقريبا أي ما يناهز 2,5 % من إجمالي الناتج الداخلي الخام ومعدل 7 % كل سنة من مجموع المداخيل الجبائية ). وللإشارة فإن مساهمة المداخيل الجبائية للشركات ظلت على حالها رغم أن هذه الأخيرة ضاعفت رقم معاملاتها وأرباحها.
وعلى الرغم من التشجيعات والحوافز والتسهيلات المالية والجبائية التي تمتع بها الرأسماليون فإن الاقتصاد التونسي لم يجن من ذلك فائدة في مستوى الاستثمار بل بالعكس تراجعت نسبته بالنسبة للقطاع الخاص المحلي من 14.6 % سنة 2001 إلى 13 % سنة 2006 بينما تكبدت الشرائح الشعبية والكادحة على وجه الخصوص خسائر كبرى إذ أنها زيادة على تحملها لأعباء جبائية أثقل وتقلص أجورها الصافية خسرت مكاسب اجتماعية هامة نتيجة تخلي الدولة عن إسداء عدد من الخدمات الاجتماعية ( في التعليم والصحة والنقل وفي التعويض عن الاستهلاك ...) التي حولتها الدولة إلى مجالات للاستثمار الخاص والسمسرة أحيانا وهو ما أثقل كاهل المستهلكين وضعاف الدخل بمصاريف إضافية. ومن جهة لا بد من الإشارة أيضا إلى أن ارتفاع مقادير المساهمة والأعباء الاجتماعية لا يمثل بالضرورة مؤشرا إيجابيا لصالح الأجراء كما يذهب في ظن الكثير الذين يرون في الزيادات في نسبة الخصم لفائدة الصناديق الاجتماعية مقدمة لتحسين قيمة جراية التقاعد للمضمونين اجتماعيا لاحقا وهو أمر غير صحيح بما ان الصناديق الاجتماعية ما انفكت تلعب أكثر فأكثر دورا تضامنيا لاعتبارات سياسية بحتة وتغطي مصاريف هذا الجهد التضامني من مساهمة الأجراء ( منح العائلات المعوزة ومنح الطلب والنفقة وجراية الأرامل
لقد كلف الضغط الجبائي - كما بيّنّا أعلاه - الأجراء خسارة هامة من مدخولهم وساهم في تراجع مقدرتهم الشرائية ويفترض أن يِؤخذ ذلك بعين الاعتبار في المفاوضات الاجتماعية، يفترض أن يقع تحديد نسبة الخسارة الناجمة عن ارتفاع نسبة الضريبة المباشرة والمساهمة الاجتماعية وتسديدها ضمن قيمة الزيادة في الأجور لتلافي هذا النقص الحاصل في الأجور.
ج - معطيات حول التضخم والطاقة الشرائية للعمال
نأتي الآن إلى واحد من أهم الجوانب الاقتصادية المتصلة بالمقدرة الشرائية وظروف المعيشة ألا وهو التضخم المالي [8] وارتفاع الأسعار.
فقد ارتفع مؤشر الأسعار [9] خلال الثمانية أشهر المنقضية من هذه السنة 2008 بنسبة 5.8 % عوضا عن 5.4 % مسجلة في بداية السنة ( جانفي) ومن المتوقع أن لا تقل النسبة السنوية عن معدل 5 % وهي نسبة عالية قياسا بما سجلته السنة الماضية 2007 ( 2.5 % ). وتعكس هذه النسبة الزيادات التي شملت أسعار المواد الغذائية ( 9% ) وأسعار النقل (4,7 %) والسكن ( 3.9 %) والترفيه ( 4,1 % ) ومواد الصحة والتنظيف (3,2 %) والألبسة والأقمشة ( 3.1 %) وهي أرقام رسمية تؤكد عديد الدراسات المستقلة على كونها لا تترجم على وجه الدقة حقيقة ما لحق بالمقدرة الشرائية للفئات الضعيفة وحتى المتوسطة من تدهور.
وتذهب هذه الدراسات إلى القول أن نسبة ارتفاع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك العائلي لا تقل عن 15 % باعتبار ارتفاع أسعار عديد المواد المحررة أسعارها مثل الخضر والغلال والحلويات واللحوم البيضاء والأسماك والبيض ومواد التنظيف ومواد البناء والأدوية والأكرية والتي لا تؤخذ في الاعتبار عند تقييم نسبة التضخم وقد بلغت الزيادة في البعض منها الـ 50 % أحيانا. وتشكك هذه الدراسات في صدقية إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء الذي هو محل انتقاد حتى من قبل بعض الدوائر الرسمية مثل دائرة المحاسبات.
وحتى تكون لنا فكرة حول تطور نسبة التضخم المالي للثلاث السنوات الماضية لا بد أن نلقي نظرة على معدل التضخم خلال هذه المدة ومعدله السنوي كما يبينه الجدول التالي:
أفريل 2006 | أفريل 2007 | أفريل 2008 | المجموع | المعدل السنوي |
4.7 % | 1.9 % | 5.9 % | 12.5 % | 4.16% |
وبالمقابل فإن معدل الزيادة الخام في الأجور بالنسبة للوظيفة العمومية خلال نفس المدة يتراوح بين 3 % و3,5 % (حوالي 3.2 % للمعلمين مثلا) وهي نسبة أقل بكثير من معدل التضخم للسنوات الأخيرة (4.16 %) وبطبيعة الحال أضعف من نسبة التضخم المسجلة حتى الآن هذه السنة (5.9 %).
أما بالنسبة لأصحاب الأجور الدنيا فقد كان تأثير التضخم المالي على مقدرتهم الشرائية أشد حيث كان الفارق السلبي بين تطور أجورهم وتطور مؤشر الأسعار أكبر كما تبينه الجداول التالية :
أولا نسبة تطور الزيادة في الأجور:
جويلية 2005 | جويلية 2006 | جويلية 2007 | جوبلبة 2008 | المجموع | المعدل | |
الصناعي 48 ساعة | 6.023 د أي 2.76% | 7.022 د أي 3.15 % | 8.528 د أي 3.7 % | 12.064 د أي 5.03 % | 14.64% | 3.66% |
الصناعي 40 ساعة | 5.024 د أي 2.65% | 5.897 د أي 3.02% | 7.107 د أي 3.5 % | 10.052 د أي 4.83 % | 13.18% | 3.29% |
الفلاحي (اليوم) | 0.200 د أي 3% | 0.220 د أي 3.2% | 0.250 د أي 3.5% | 0.370 د أي 5.01% | 14.71% | 3.67% |
ثانيا مقارنة معدل تطور الأجر بمعدل نسبة التضخم للأربع سنوات 2005 – 2008
مجموع نسب تطور الأجور | المعدل | مجموع نسب الزيادة في الأسعار | المعدل | الفارق بين (1) و(2) | |
نظام 48 ساعة صناعي | 14.64% | 3.66% | 18.12% | 4.53% | - 3.48 % |
نظام 40 ساعة صناعي | 13.16% | 3.29% | 18.12% | 4.53% | - 4.96% |
نظام اليومي فلاحي | 14.68% | 3.67% | 18.12% | 4.53% | - 3.44% |
فكما هو واضح من هذه الأرقام الرسمية، فإن نسبة ارتفاع الأسعار أعلى من نسبة الزيادات في الأجور بالنسبة لكل أنظمة العمل في القطاع الصناعي والفلاحي ويصل الفارق السلبي إلى حوالي 5 % بالنسبة لنظام 40 ساعة أي خسارة حوالي 13 دينار ( على أساس 251 دينار للأجر الصناعي بعد الزيادات الأخيرة جويلية 2008 ).
ولمزيد تدقيق نسبة التدهور في المقدرة الشرائية لهذه الشريحة من العاملين لا بد من إضافة نسب الزيادة في الخصم لفائدة الصناديق الاجتماعية بعنوان التقاعد ( 0.4 % سنويا ما بين 2006 و 2008 ) وبعنوان التأمين على المرض ( 0.88 % سنويا لسنتي 2008 و 2009 ).
وفي دراسة أنجزها المناضل الفقيد جورج عدة بعنوان " الأعوام تمر والسميقار يغرق " نشرها بجريدة الشعب هذه السنة كان قد استنتج أن السميقار قد خسر ما بين ديسمبر 1983 وديسمبر 2007 ما قيمته 51.170 د أي أن مقدرته الشرائية قد تراجعت بنسبة حوالي 20 % ( 19.25 % بالضبط ) وتصل هذه النسبة إلى حدود 25 % إذا احتسبنا قيمة الخسارة المسجلة في ملاحق الأجر الأدنى الصناعي أي أن السميقار قد خسر ما مجموعه ربع قدرته الشرائية.
ومن جهة أخرى فإن الدينار التونسي شهد تراجعا بنسبة 4 % أمام العملة الأوروبية الأورو وبنسبة 4.5 % أمام الدولار الأمريكي وترتب عن هذا التراجع ارتفاع هام في العديد من البضائع الموردة والتي تحتل مكانة هامة في استهلاك المؤسسات وأصبحت تحتل مكانة متزايدة الأهمية في استهلاك العائلات بعد حذف الحواجز القمرقية وانفتاح السوق التونسية عل البضائع الأجنبية والأوروبية خاصة.
وبناء على ما تقدم من معطيات – رغم أن هذه الأرقام دون الواقع – بخصوص ارتفاع الأسعار بنسق يفوق بكثير نسبة تطور الأجور إلى جانب تراجع قيمة العملة فإن المقدرة الشرائية لعموم المستهلكين والأجراء على وجه الخصوص تضررت أيما ضرر.
وبناء على كل ما سبق تبيانه بات لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة للزيادة في الأجور وتعديل موازنات العائلات والمقدرة الشرائية للشعب.
ولكن كيف؟ وبأي مقدار؟ وعلى أية قاعدة ؟ وبأي طريقة ؟
ماذا تعني الزيادة في الأجور وتحسين المقدرة الشرائية ؟
إن المأمول من جولة المفاوضات الجارية الآن هو أن تتوصل إلى تحقيق زيادة في الأجور تعوض فعلا عن النقص الحاصل والخسارة المسجلة في المقدرة الشرائية للعمال ولعموم الشعب على أن تكون الزيادة " زيادة الاتحاد " أي أن تكون له فيها كلمة فاعلة. ولكن السؤال المطروح الآن هو هل ستكون النتائج في مستوى الآمال ؟ ذلك ما لا يمكن أن نجزم به بالنظر للطريقة المتبعة والتي أشرنا إلى البعض من سلبياتها.
وكي لا يكون حكمنا على ما هو جار الآن ( بصدد المفاوضات ) من قبيل الأحكام المسبقة والحكم على النوايا وكي لا يكون كذلك حكما عدميا أعتقد انه لا بد من القول أن ما تم التوصل إليه من نتائج بخصوص الجوانب الترتيبية مهم. وغني عن القول أن الجوانب الترتيبية لا تقل أهمية عن الجوانب المالية غير أنه من المعروف أيضا أن كل الأطراف، حكومة وأعراف ونقابات وعمال، تعلق أهمية خاصة علىكلمايتصل بـ"الفلوس" أي كل ما له صلة بالأجر والقدرة الشرائية في أحيان كثيرة قبل حتى الجوانب المهنية على أهميتها.
فالحكومة بمقدورها في نهاية الأمر التنازل عن بعض المكاسب لفائدة العمال في مجال الترقية وغيرها من الجوانب الترتيبية بما في ذلك حتى الحق النقابي والحريات النقابية ولكنها عندما يتعلق الأمر بـ"الأموال" فإنها مضطرة لأن تبدي ما يلزم من التشدد لأنها، مثلها مثل الأعراف، تعي جيد الوعي ماذا يعني ذلك بالنسبة لها بمنطق الحساب، بمنطق موازنات الخزينة وفي النهاية بمنطق الربح والخسارة.
والعمال أيضا رغم كل الأهمية التي يولونها للجوانب الترتيبية في حياتهم العامة والمهنية فإن ما يعنيهم بالدرجة الأولى وخاصة في الظرف الحالي من المفاوضات هو ما سيترتب عنها من تحسين في أجورهم.
لهذه الأسباب نعتقد أنه من الطبيعي أن يتركز النقاش دوما لدى كل الأطراف على ما يهم الزيادة في الأجور في هذه المفاوضات.
وللتدليل على صحة ما ورد ذكره في نقد طريقة التفاوض في هذا الباب بالذات فإن الأخبار المتوفرة، وحسب الرواية النقابية، تؤكد أن وجهات النظر ما تزال متباينة أشد تباين بين الحكومة والاتحاد فيما شهدت تقدما مهما في الجوانب الأخرى أي الترتيبية، وحتى التعطل الحاصل في المفاوضات مع إتحاد الأعراف فسببه أن هؤلاء يأخذون في الاعتبار الكلفة المادية للجوانب الترتيبية على موازنات مؤسساتهم.
فمقابل المطالبة بزيادة لا تقل عن 8.5 % على كتلة الأجور ( مقترح الوفد النقابي ) تشبث الوفد الحكومي ولفترة طويلة بتكرار مقترحه المتمثل في مقدار الزيادة السابقة. وبعد صراع مرير عبر عن استعداده لمنح الطرف النقابي مبلغ حوالي 30 مليار مليم إضافية ليصل بذلك مقترح الحكومة إلى تكرار زيادة الثلاثية الماضية مع حوالي دينارين ونصف أو في أحسن الأحوال 3 دنانير خام إضافية ( على 3 سنوات بطبيعة الحال ). وهو ما يمثل على الأرجح التقديرات والتوقعات التي قد تم رصدها بعد في مشروع الميزانية العامة للسنة القادمة والسنوات الموالية.
والأمر الذي يسترعي الانتباه هو أن الحكومة باتت تتهرب بل لم تعد تقبل بالتفاوض على أساس نسب مئوية ( على كتلة الأجور ) وتصر وتضغط بكل قوة من أجل جر الاتحاد للتفاوض والتعامل بمقادير جملية (enveloppe globale) لأنها تريد كما جرت العادة زيادة نفس المقادير التي أعطتها خلال الثلاثية ( الثلاث سنوات ) الماضية. وهي بهذه الطريقة تريد إفحام الاتحاد بحجم الكلفة التي ستتكبدها الخزينة العامة للدولة نتيجة الزيادات المزمع المصادقة عليها وتملك بطبيعة الحال ما يكفي من المعطيات لمواجهة الحجج التي يتقدم بها الوفد النقابي حول نسبة التضخم وغيرها من الأرقام التي استعملها للدفاع عن مقترحاته.
وبالمقابل ما يزال الاتحاد بدوره مصرا على بناء خطته التفاوضية على أساس " النسبة على كتلة الأجور " وهو يرى بالملموس كيف أن هذه الخطة تعطي للحكومة الفرصة للانحراف بالتفاوض إلى الطريقة التي تيسر لها محاصرة مقترحاته وجره لميدان لا يملك القدرة على التحكم فيه ولخطة تفاوضية لا يستطيع المسك بخيوطها.
ومن المنتظر أن يبدأ الوفد النقابي في التنازل عن مقترح 8.5 % من كتلة الأجور بعد أن قدمت الحكومة مقترحها الجديد بزيادة الـ 30 مليار مليم للمبلغ العام لقيمة الزيادات للثلاث سنوات الماضية (l’enveloppe globale)، وعليه فمن المتوقع أن تكون الزيادات القادمة شبيهة بالتي سبقتها مع ترفيع طفيف لا يتناسب وحقيقة ما سجلته المقدرة الشرائية من خسارة واهتراء.
لقد أثبتت طريقة التفاوض كما سبق وقلنا عدم جدواها من وجهة نظر حماية المقدرة الشرائية وبات من الملح أن تعيد قيادة الاتحاد النظر في رؤيتها للسياسة التعاقدية مع الحكومة والأطراف الاجتماعية أو على الأقل لسياستها التفاوضية حول الأجور في ظل التحولات التي جرت وتجري على كل الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية، وقد يكون من الأسلم اليوم التفكير في فتح حوار نقابي عميق واستشارة واسعة تشرك فيهما كل الكفاءات والخبرات من أبناء الاتحاد ومناصريه وأصدقائه لتخرج بخطة تفاوضية جديدة تتلاءم ومتطلبات الظروف الجديدة والتعقيدات المرتقبة.
من المؤكد أن الوقت لا يسمح الآن بإنجاز هذا العمل والاعتماد عليه في الجولة الحالية من المفاوضات خصوصا وأنها بلغت شوطا متقدما، لكن ذلك لا يمنع البتة من الانكباب فورا، في إطار الحوار والاستشارة المذكورين، على إعداد الخطة الجديدة والتي من المرجح أن تقع بلورتها قبل الشروع في الجولة المقبلة من التفاوض. ويمكن أن يقع عرض أعمال الدراسات التي ستنجز على المجلس الوطني القادم (بعد سنة أو سنتين) بصفته السلطة العليا قبيل انعقاد مؤتمر 2011 للتصديق على رؤية الاتحاد الجديدة. ولعله أفضل إنجاز سيحسب للقيادة الحالية.
إن التحولات الجارية على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تفترض من الاتحاد الكف عن معالجة الملفات بالطرق التقليدية وتتطلب منه التعامل مع المستقبل بنظرة استشرافية لتمتين روابطه بالعمال وترسيخ موقعه في المجتمع.
وعلى سبيل الاقتراح ومن أجل تنشيط هذا الحوار أسوق بعض الأفكار الأولية أرى فيها ملامح أولى لسبل تجاوز الطريقة القديمة وخطوطا عريضة لخطة تفاوض جديدة تقوم على مبادئ علمية منسجمة وناجعة.
فلكي نعيد للعملية التفاوضية اعتبارها كآلية لحماية المقدرة الشرائية ولتعزيز شرعية التمثيل النقابي وجدارة المنظمة لا فقط في نظر منظوريها ومناضليها بل وكذلك في نظر شركائها في الدولة والمجتمع لا بد وأن :
1 - يتغير منطق التفاوض من تفاوض مركزي تقرر نتائجه بين الحكومة والقيادة فيما لا تمثل المفاوضات القطاعية سوى عمليات جس نبض وترويض من هذا الجانب أو ذاك.
2 - تستبدل طريقة ضبط قيمة الزيادات في الأجور المتبعة حاليا وذلك في شكل نسبة على كتلة الأجور بطريقة احتساب نسب تدهور المقدرة الشرائية كالآتي :
- نسبة التدهور الناجمة عن التضخم المالي
- نسبة التدهور الناجمة عن ارتفاع حجم الضريبة على الأجر
- نسبة التدهور الناتجة عن تراجع قيمة العملة
- نسبة التدهور الناتجة عن ارتفاع مقادير المساهمات والأعباء الاجتماعية
مع تحديد النسبة الواجب تخصيصها من الناتج الداخلي الخام لصالح العمال كشكل من أشكال التوزيع العادل للثروة بين كل من ساهموا في خلقها ولمنع مزيد تعميق الفوارق الاجتماعية ولتشجيع الاستهلاك الداخلي والادخار وبالتالي لتشجيع الاستثمار المنتج لمواطن الشغل ولتنشيط الدورة الاقتصادية ككل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مسألة هامة لم تعد تحض بالاهتمام الذي يليق بها وهي الاتفاق على معنى نسبة التضخم المالي وكيفية تحديدها.
كان من تقاليد النقابات النظر مع الحكومات، في مؤشر الأسعار وبالتالي في نسبة التضخم المالي ونسبة تدهور المقدرة الشرائية قبل الاتفاق على مقادير الزيادات في الأجور. وفي هذا الإطار كان يجري جدلا كبيرا حول مكونات " قائمة الأسعار " أي حول محتويات قفة المواطن أي حول قائمة المواد التي يتفق الطرفان على أنها أساسية لمعيشة المواطن. وغالبا ما شكلت هذه القائمة خلافا كبيرا بين النقابات والحكومات. فهذه الأخيرة تعمل دوما على التلاعب بهذه القائمة، توسعها وتضيق فيها حسب الظرف. فإذا شملت الزيادات أسعار بعض المواد الاستهلاكية فقط تجنح الحكومات إلى توسيع القائمة حتى يكون معدل نسبة التضخم ضعيفا وبالتالي تجبر النقابات على القبول بنسبة تضاهيها في زيادات الأجور. وإذا كانت الزيادات في الأسعار قد شملت كل المواد تعمل الحكومات على حصر محتويات قفة الاستهلاك في أقل ما يمكن من المواد وخاصة المواد التي سجلت أسعارها أضعف النسب وذلك حتى تكون نسبة التضخم محدودة وتجبر بالتالي النقابات على قبول نسبة زيادة في الأجور تضاهيها. وفي كل الأحوال كان يجري صراع مرير حول هذه المسألة التي تشكل أساس كل اتفاق حول الزيادات في الأجور.
ومن المعروف في تونس أن الحكومة ومصالح الإحصاء كانت على الدوام تتصرف وحدها في تحديد مؤشر الأسعار ونسبة التضخم فتحصر قائمة الأسعار في عدد محدود من المواد الاستهلاكية وبالتحديد في المواد المدعمة وبعض المواد الأخرى، وبما أن تحرير الأسعار قد أصبح هو القاعدة في التعامل في السوق فإن الحكومة تتلافى احتساب الزيادات التي تشمل المواد المحررة وهو ما يفسر دوما النسب الضعيفة التي تعلن عنها بخصوص تطور مؤشر الأسعار.
ومهما كان من أمر فإن ما يعاب على مؤشر الأسعار المعتمد حاليا هو أنه غير واقعي ولا يأخذ بعين الاعتبار جملة التحولات الجارية على نمط استهلاك العائلة التونسية وبالتالي لا يأخذ في الحسبان الكثير من مكونات سلتها التي أصبحت أركانا قارة في استهلاكها.
وما يعاب على الاتحاد العام التونسي للشغل هو طريقة تعاطيه مع مسألة مؤشر الأسعار وعدم اعتماده عليه كشرط وكمعطى أساسي للتفاوض في نسب الزيادات المطلوبة في الأجور. وعلى عكس ما كان معمولا به خلال السبعينات زمن الفقيد النقابي الحبيب عاشور في إطار ما يسمى آنذاك بـ"السياسة التعاقدية" و"موعد أفريل" السنوي الذي ينظر فيه الاتحاد والحكومة سويا في مؤشر الأسعار ونسبة التضخم أولا ثم في الزيادة في الأجور المناسبة، رغم أنه لم يقع العمل بذلك لفترة طويلة بحكم اندلاع أحداث 26 جانفي 1978، على عكس هذا التمشي السليم والمعتمد في التجربة النقابية العالمية (النقابات الفرنسية وكافة النقابات الأوروبية لا تزال تعمل به حتى الآن)، فقد أهمل الاتحاد طيلة الجولات التفاوضية السابقة هذه المنهجية وسقط في الطريقة المعمول بها حاليا والتي تتحكم الحكومة في سيرها وفي نتائجها.
3 - يقع التخلي عن دورية التفاوض كل ثلاث سنوات، المعمول بها حاليا، لتصبح الدورية مرتبطة بسقف نسبة تدهور المقدرة الشرائية التي يقع الاتفاق عليها مسبقا ثم بناء على ذلك يقع اللجوء آليا لمفاوضات جماعية ( مركزية أو قطاعية أو الاثنين معا ) بحيث يقع الاتفاق على الزيادة في الأجور كلما :
- ارتفع مؤشر الأسعار بنسبة كذا ( شرط أن يعاد النظر في طريقة احتساب هذا المؤشر )
- زاد حجم الخصم على الأجر بعنوان الضرائب أو بعنوان المساهمات الاجتماعية
- تراجعت قيمة العملة أو تم التخفيض فيها بنسبة كذا
أي بلغة أخرى كلما سجلت المقدرة الشرائية، لسبب من الأسباب، نسبة محددة من التدهور يقع تعويضها وتفتح لهذا الغرض جولة من التفاوض. وبلغة أخرى تقع العودة لربط الأجور بالأسعار وهي سياسة في صالح العمال والدولة وحتى الأعراف على حد السواء بما أنها ستحمي المقدرة الشرائية من جهة وتضمن الاستقرار في السوق وتنمي الاستهلاك الداخلي وتشجع على الإنتاجية والاستثمار وتنشط الدورة الاقتصادية كلها من ناحية أخرى.
جيلاني الهمامي
الكاتب العام السابق لجامعة البريد
أكتوبر 2008
[1] جاء في البلاغ المشترك بين الحكومة والاتحاد إثر الجلسة التي ضمت عددا من أعضاء الحكومة ووفدا عن الاتحاد يوم 08 أفريل 2008:
"اتفق الطرفان على ما يلي:
أولا - فيما يخص الوظيفة العمومية
1 – إنهاء التفاوض حول الحق النقابي في قطاع الوظيفة العمومية في إطار اللجنة الفنية المشتركة ترفع أعمالها إلى اللجنة العليا
2 – الشروع في التفاوض حول الزيادة في الأجور لمدة تغطي الثلاث سنوات 2008 – 2010 ....
ثانيا – فيما يخص المؤسسات والمنشآت العمومية
1 – الشروع في المفاوضات حول الزيادة في الأجور في المؤسسات والمنشآت العمومية بجانبيها المادي والترتيبي لمدة تغطي الثلاث سنوات 2008 – 2010 مع الأخذ في الاعتبار طاقة كل مؤسسة ومنشأة وخصوصياتها وذلك دعما للقطاع العمومي وحفزه على مجابهة التحديات
2 - مواصلة تسوية وضعية المتعاقدين بمختلف المؤسسات والعمل على استكمال إصدار الأنظمة الأساسية المتبقية مع مراعاة الإجراءات المعمول بها.
[2] جاء في بيان المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بتاريخ 02 سبتمبر 2008 ما يلي " ويعبر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل عن انشغاله إزاء تعثر المفاوضات بالوظيفة العمومية جراء المقترحات غير الواقعية للطرف الحكومي فيما يتعلق بالزيادة في الأجور..."
[3] جاء في بيان المكتب التنفيذي بتاريخ 02 سبتمبر 2008 "وهو (أي المكتب التنفيذي) إذ يعتبر قرار سيادة رئيس الدولة بصرف تسبقة على الزيادات المقبلة للأجور خطوة إيجابية للحد من تدهور الطاقة الشرائية للأجراء..."
[4] "... وهي المقترحات التي لا تستند لأي معطى موضوعي مثل نسب التضخم وتطور إنتاجية الموظفين وأعوان الدولة ونسبة النمو المسجلة بالبلاد ولا تلبي بالتالي الحد الأدنى لطموحاتهم...." من بيان المكتب التنفيذي 02 سبتمبر 2008
[5] تعريف مفهوم الإنتاجية من المسائل الصعبة نسبيا وأصعب منه قياسها ولكن يمكن تلخيصه فيما يلي : يعرفها البعض على أنها النسبة بين الإنتاج الإجمالي المحقق في وقت محدد وباستخدام عوامل إنتاج محددة، ويعرفها البعض أيضا بكونها إنتاج رجل /ساعة مع الأخذ في الاعتبار عنصر الجودة ويمكن القول أن الإنتاجية هي نسبة الإنتاج الحقيقية إلى كمية العناصر المادية المستعملة الحقيقية (مواد اولية، رأس مال...).فهي فهي إذن إنتاج قدر من السلع أو الخدمات بذات الجودة أو أفضل بنفس العوامل ( راس المال، عدد العمال، ظروف العمل ) أو بوحدات أقل من عوامل الإنتاج في فترة زمنية محدودة . فإنتاجية العمل هي العلاقة بين مجهود العمل والانتاج الذي يقدمه العمال وبين كمية السلع والخدمات التي ينتجونها بنفس رؤوس الأموال والموارد المادية الأساسية التي تستخدم لإنتاج هذه السلع والخدمات في فترة زمنية محدودة.
[6] أنظر تقرير المنظمة الأمريكية Heritage – سبتمبر 2008
[7] يذكر أن خوصصة شركة اتصالات تونس مكنت الدولة من مداخيل هامة ( 3200 مليار من المليمات ) بواسطتها تم دفع جزء هام من الديون الخارجية البعض منها قبل آجال تسديدها.
[8] التضخم المالي هو نسبة الخسارة التي تلحق بالقدرة الشرائية للعملة ( الدينار في تونس) والتي تترجمها الزيادة العامة والمتواصلة للأسعار ولتحديد نسبة التضخم المالي يقع عادة اللجوء لمؤشر الأسعار للفترة المحددة.
[9] مؤشر الأسعار عند الاستهلاك هو مقياس للتضخم، فهو يساعد على تقدير نسبة معدل التطور في أسعار مواد الاستهلاك للعائلات ما بين فترة وأخرى، فهو إذن مقياس تحليلي لتطور أسعار المواد بنفس الجودة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire