vendredi 7 novembre 2008

المريض الاميركي الجغرافية السياسية والازمة المالية

ايلمار آلت فاتر






hazim-berlin@t-tonline.de
الحوار المتمدن - العدد: 2459 - 2008 / 11 / 8


لقد ولت الاوقات الجميلة من عام 2003 عندما كان الرئيس الاميركي واضعا صدره على يديه مفتخرا برسالة الامة ليكملها حتى النهاية , لكن المرء يستطيع ان يرى وجه بوش المتعكر في اواخر ايامه على شاشات التلفاز ,ووزير ماليته باولسون الراكع على الارض ومجموعة من القياديين الفاقدين رؤوسهم .
ان مهمة العظمة الاميركية قد تحققت عام 2008 .
فالهزيمةتحمل اسماء كثيرة , بوش,غوانتانامو ,ابو غريب ,فاني وفريدي , ليمان برذرس, باختصار فهي ازمة القرن , عقدة السلطة في البيت الابيض , شركات النفط في تكساس , وول ستريت المهدمة , فالعالم يغير نفسه وسيجري اكتشاف سلطة الجغرافيا السياسية .
حاشية بوش من المحافظين الجدد مارسوا الاحتقار لمن اقدم على التفكير الواقعي ووضعوا اشخاصا غير مؤهلين يحملون صفة (مدير) حيث كان من الممكن تصحيح الامور وتقليص النفقات لكنهم يتحملون عواقب ذلك وعليهم التعلم من ان قاعدة االسلطة في عالم العولمة لاتعني فقط (الماكنة العسكرية الناجحة ) فهذا هو الغباء الاقتصادي .
ان بوش لم يستطع ان يقود السلطة العسكرية , لقد ترك في العراق تراجيديا بشرية وخراب سياسي , وكذا الحال في افغانستان ,وضرب لوائح القوانين العالمية في غوانتانامو عرض الحائط.
اذربيجان تعلمت من الاحداث التي جرت في جيورجيا المدعومة من سلطة الولايات المتحدة وتقوم الآن بتدفئة علاقتها مع روسيا التي كانت تتسم بالبرود ,فالنزعة ضد الاميركانية اخذت تتفشى في كل انحاء العالم و هناك نفور عميق من سياسة المحافظين الجدد وحاشية بوش في اوساط الكثيرون من مواطني اميركا .
ومن الواضح ان هذه السياسة قد قادت الاقتصادالى اصعب ازمة مالية منذ مئة عام في وضع يتسع ويتعمق , ففي البدء كانوا يتصورون وكانهم وجدوا السلاح العجيب ضد اتجاهات الكساد عند الاحتكارات الراسمالية وهذا ما كتب عنه كل من باول باران وباول سويزي حيث بدأوا بتهديم قواعد السلطة الكاملة للاسواق المالية كي يصطادوا (الارباح الخاصة ) بارقام فلكية عندما بدأت في السبعينات باطلاق حرية سعرالصرف والتي من الممكن ان تدخل في مضاربات وتقلبات , هذه الوجهة اخذت منحى آخر حيث لايمكن للبنوك المركزية ,الحكومة او صندوق النقد الدولي ان تقرر ذلك سياسيا , بل جرى التخلي عنه الى ( السوق ) والمعني بها البنوك الخاصة وشركات التامين ما فوق القومية .
لقد بدأ عصر الليبرالية الجديدة عند مجئ ماركريت تاتشر الى السلطة بسياستها التي اسمته (بنغ بونغ)حيث قادت السوق المالي بهذا الاتجاه مما ادى الى ان الارباح قد سلمت الى الاحتكارات الخاصة فاخذت الحكومات والبنوك المركزية تفقدسيادتها وسيطرتها حيث كانت تستطيع توجيه السياسة الاقتصادية بشكل مستقل .
ومن خلال هذه السياسة وعولمة الاسواق العالمية اصبح حتميا ان يكتسح الافلاس البنوك واسواق المال , فالمدراء الذين كان الطمع همهم لايعانون من عطب فسيولوجي , فالراسمالية نفسها هي السبب فهي تتحول الى اضطراب مالي حيث ان نسبة الارباح في المصانع الراسمالية قد انخفضت في العقود الاخيرة , لكن ارباح المؤسسات المالية كان عاليا وكما اظهرت احدى الدراسات التجريبية من ان (من يربح اقل من 20% يعتبر فاشلا ) وحسب ( دويتشة بنك ) الالماني فقد كانت ارباحها في بداية عام 2008بحدود20,7والذي تراجع بنسبة 3,3 عن عام 2007.
فالمؤسسات المالية العالمية لهامطالبها التي يجب ان تكون تحت خدمتها , فكلما كانت الارباح عالية والمطالب ضخمة حيث تكلفها دفوعات , كلما زادت العقود التي تجلب سيولا من المال لهذه المراكز .
وول ستريت هو احد هذه المراكز المهمة والموجود في اميركا والذي يسمى الان (شارع الغش )والتي تتطور فيها استراتيجيات باشكال معقدة من الاوراق المالية , تخترع فيها مؤسسات قسم منها غير معروف , الغرض منها سحب زبائن بشكل دائم تجلب الارباح العالية ارضاءا لطمع هؤلاء النخبة .
وسياتي اليوم الذي لايستطيع فيه الراسمال ارضاء الحاجات التي تتزايد يوما بعد يوم في الاسواق المالية العالمية فهم سيبحثون عن حقول مالية جديدة وبعدة اساليب ( كالقرض المعتدل او المعقول ) هذا السوق الهائل الذي يملك مايعادل 62000مليار دولار.
لايريد احدا ان يتحمل انخفاض القيمة وبوجه خاص بما يتعلق بنقود ليس لها مايعادلها ولهذا ينتهز المستثمرون وحكومات المحافظين الجدد سلطة الدولة لاجل اعطاء الطابع الاجتماعي لخسارتهم وهنا اكتشف المتعصبون المعجبون بالسوق الحرة ان في صدورهم بقايا من اشتراكية الدولة .
لااحد يعرف بالتاكيد الى اي مدى تراجعت قيمة التسديد لكن وبكل ثقة فان العملاء الخصوصيين الذين يملكون الاموال يعلمون ان حكوماتهم في واشنطن , لندن وبرلين يستطيعون تخليصهم من هذه الورطة
لقد عولجت الازمة المالية التي حدثت قبل 8 سنوات بمبلغ الف مليارد دولار , لكن الازمة الحالية فاقت ذلك فالولايات المتحدة تعاني من ديون سابقة واية مساعدة بحدود المئات من المليارات تؤدي الى المزيد من الديون المضافة ولان مصادقية الولايات المتحدة مع اوربا ضعيفة من خلال معاهدة ( ماسترش)والتي قد تواجه تحولات سريعة فالديون الثقيلة التي تعاني منها واشنطن تجعلها مشلولة كما حدث لليابان في سنوات التسعينات والتي دخلت في معركة تحرير من موقع الدولة لتغيير نظام بنوكها السابق .
تاثيرات هذه الازمة طالت الكثير من دول العالم , فالولايات المتحدة التي كانت لعشرات السنين صاحبة السطوة العظيمة (الالهية ) في هيمنتها السياسية بتدخلها في شؤون السوق العالمية , فالمواطن الاميركي هو الذي يدفع نفقات هذه الازمة بالضرائب المفروضة عليه .
وزير المالية الالماني الخانع اعد في ذهنه من انه يمكن اصلاح وضع البنوك الالمانية من خلال اطروحة ماركس عن (ازمة النظرية ) التي يعتبرها ليست كلها خاطئة لكن ما اثار غضبه عدم تقبله وجهة نظر الرعاع (المقصود اليسار الالماني )للحلول التي قدموها .
اما وزير المالية الاميركي باولسون فقد طرح مبلغ 700مليارد دولار لحل الازمة دون الرجوع الى موافقة مجلس الشيوخ الاميركي والذي وضع حدا لتصرفاته المدعومة من قبل بوش حيث ابدى تخوفه (اي مجلس الشيوخ )من الغضب الذي سيلاقيه من الشعب بالقيام بهذه المحاولة لارضائه ,لكن كيف يمكن للرئيس الاميركي المنتخب ان يتحمل خسائر مضاربات هذه العصابة ,فالحل يبدو وعلى الاكثر هو تقليل قيمة الدولار على مستوى التجارة الخارجية وهذا ماسيجري القيام به اوائل عام 2009 .
لكن هذه الازمة المالية لم تكن عملا اجتماعيا واعيا , انها (عاصفة السوق العالمي ) كما وصفها ماركس التي ضربت وول ستريت جارفة معها فروعها في العالم .
فما الذي سيعقب هذه الازمة المدمرة ؟
ان الفشل الواضح للسياسة الاقتصادية الجديدة عام 2000 ادى الى الازدهار العقاري الذي حقق ارباحا مغامرة ولسنوات تخللتها قيام اعمال تجارية ناجحة حتى وقوع الازمة والمعروفة بتعاقباتها منذ 100عام .
لكن الراسمال الفضفاض او العاطل هذا ورغم الازمة الحالية فهو يبحث عن عوامل استمراريته ,قافزا على اي مكان يجلب له ارباحا في المستقبل .فمن تكون هذه ؟
انها المواد الخام وعلى راسها النفط والغاز وكذلك الوقود الزراعي الذي يزداد الطلب عليه مؤديا الى ارتفاع الاسعار رغم التاثيرات السلبية الحاصلة على المناخ فالمهم هو زيادة الارباح , وكذلك ما يحدث لعمليات الخصخصة لوسائل نقل السكك الحديدية والمصانع العسكرية وكذلك مصانع منشآ ت الفضاء الكوني والذي ينظر اليه المستثمرين بنهم , عند هؤلاءفالازمات لاتدوم طويلا بل يحلمون بالوقت الذي يحققون المزيد من الارباح .

*ايلمار آلت فاتر استاذ في جامعة برلين الحرة وعضو في حزب اليسار الالماني .

ترجمة حازم كويي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire